سيطرة مراكز البيانات في فيرجينيا تثير سخط السكان

أنا فاغوين — مقاعة لودون، فيرجينيا

عند دخولك مقاطعة لودون في ولاية فيرجينيا، أول ما يلفت الانتباه هو ذلك الطنين المستمر: صوت ضجيج ما يقارب 199 مركز بيانات تعمل في الخلفية. هذه البقعة غير الملحوظة في شمال فيرجينيا، التي تُعدّ أيضاً أغنى مقاطعة في الولايات المتحدة، تَصاعدت أهميتها هذا الأسبوع بعد انقطاع عالمي ضخم في خدمات أمازون أثّر على معاملات بنكية حيوية وتواصلات اجتماعية لميالين من المستخدمين.

تُعَدّ لودون أكبر تجمع عالمي لمرافق تخزين ومعالجة البيانات — متجاوزة حتى بعض المناطق في الصين — ولذلك لُقبت بممر مراكز البيانات. تُشغل هذه المراكز مساحات شاسعة (نحو 45 مليون متر مربع)، وتمثل حوالي 3% من مساحة الأرض في المقاطعة وتستحوذ على نحو 40% من موازنتها. ومع تزايد الطلب على قدرات الحوسبة خاصة مع نمو قطاع الذكاء الاصطناعي، يتوقع بناء المزيد من هذه المنشآت.

المراكز نفسها هي مساحات مخصصة لأنظمة الحاسوب التي تحافظ على عمل الإنترنت والتطبيقات والذكاء الاصطناعي؛ وهي صناعة مربحة تدفّع مليارات الدولارات إلى الاقتصاد المحلي. لكن بعض السكان يعارضون توسعها ليس فقط لمظهرها الصناعي الطاغي — فمركز نموذجي قد يضم مئة ألف قدم مربع ويحوّل أحياءً كاملة إلى كتل صناعية — بل أيضاً لما تسببه من آثار جانبية محسوسة.

إميلي كاسابيان، التي كانت تتمشى هذا العام بطفلها الرضيع في حيها الخلاب، صُدمت برؤية لافتة لمركز بيانات مقترح على الجانب الآخر من الشارع. قبل عامين اشترت منزلها ظناً منها أنها بعيدة عن مراكز البيانات التي اجتاحت أجزاء أخرى من المقاطعة؛ كانت تلك البُعدان سبب اختيار جيرانها للسكن هناك. قالت: «لم أتخيل أبداً أنه سيُبنى مركز بيانات مقابل نافذتي. لو عرفت لما اشتريت المنزل».

يقرأ  ضحايا الكارتلات العنيفة لـ«بي بي سي»: أصبحنا نختبئ الآن من السلطات الأمريكية

غريغ بيريو، الذي اشترى منزله قبل ثلاثة عشر عاماً عندما كانت الأرض مترامية بالأشجار وتغرد فيها الطيور، يجد اليومّ أن الضجيج المستمر للمركز قاطع ومزعج: «لا توجد طيور هنا بعد الآن»؛ الضوضاء التشويشية التي تصدرها المراوح والمولدات أدت إلى نزوح الكثير من الحياة البرية من المنطقة.

إضافة إلى الضجيج، يشتكي السكان من ارتفاع فواتير الكهرباء. تحقيق أجرته بلومبرغ أظهر أن أسعار الجملة للكهرباء قفزت خلال الخمس سنوات الماضية بنسب تصل إلى 267% في المناطق القريبة من مراكز البيانات، ما أثار استياء الأهالي الذين يشعرون بأن عبء البنية التحتية والطاقة يُلقى عليهم.

على الجانب الآخر، لدى الصناعة مؤيّدون نافذون، بمن فيهم الرئيس دونالد ترامب، الذي يرى مراكز البيانات كركيزة لنمو قطاع الذكاء الاصطناعي الذي يريد أن تتصدّره الولايات المتحدة. إدارة ترامب أعلنت عن تسريع إجراءات الترخيص الفدرالية لمشاريع مراكز البيانات بوصفها وسيلة لإحياء عهد ذهبي للتصنيع والتكنولوجيا الأمريكية.

اقتصادياً، للمراكز أثر كبير محلياً وولائياً: وفقاً لتدقيق حكومي، تولّد هذه الصناعة نحو 74,000 وظيفة سنوياً وتضيف حوالي 5.5 مليار دولار كدخل عمالي إلى اقتصاد فيرجينيا. لودون كانت من أوائل المناطق التي رأت إمكانات هذا القطاع قبل نحو عقد، فالمطوّرون وجدوا فيها أرضاً مستوية ورخيصة ومناسبة للبناء، كما أن التجمعات التقنية والكوادر المتوفرة في شمال فيرجينيا سهّلت استقطاب الشركات الكبرى مثل أمازون وجوجل.

منذ بداية ازدهار القطاع لم تُفرَض قيود تنظيمية واسعة؛ حاكم فيرجينيا جلين يونغكين استخدم حق النقض ضد تشريعات كانت ستقيد عمل المراكز هذا العام. من جهته، دان ديوري نائب رئيس السياسات في تحالف مراكز البيانات، قال إن الصناعة بحاجة لتحسين تواصُلها وشرح المنافع والاستماع لمخاوف الناس، لكنه لا يرى ضرورة لمزيد من التنظيم، مؤكداً أن مراكز البيانات «لن تختفي، فهي عماد اقتصاد القرن الحادي والعشرين».

يقرأ  الروهنغيا يسألون الأمم المتحدة: «أين العدالة؟»بين تصاعد العنف في ميانمار وتقلص المساعدات

ومع ذلك، يصرّ بعض السكان أمثال باربرا داي على أن الانتخابات بين النمو الاقتصادي وجودة الحياة ليست خياراً بالضرورة: «هذه المراكز تُقام أسرع مما نفهم تبعاتها، وبعدها نركض خلف المشكلة لإصلاحها». تُظهر تقارير السوق أنه في أغسطس 2025 كان هناك أكثر من 1100 مركز بيانات في الولايات المتحدة، مع ما يقارب 400 منشأة جديدة قيد الإنشاء.

ناشطات مثل السيدة كاسابيان يأملن في تقليص تلك الأرقام عبر الضغط على مجالس الولايات والسلطات المحلية لتأجيل المشاريع أو إيقافها مؤقتًا.

«هذا مكان جميل للغاية للعيش، لكن إذا استمر هذا النوع من التطوير وسُمِح له بالزحف فهو يتاكل ما يجعل هذا المكان رائعًا، وسنبدأ قريبًا بملاحظة تبعات ذلك ما لم نبدأ بتصحيح المسار بشكل جذري»، قالت.

الأم لولدين تعلم أنها قد لا تنتصر في هذه المعركة، وقد تظهر مراكز البيانات قريبًا عبر الشارع من حيها الضاحي الطابع، ما سيجبر عائلتها على اتخاذ قرار صعب بالانتقال.

«السؤال هو: هل نريد البقاء في المقاطعة؟ وكيف نضمن ان المكان الذي ننتقل إليه لن يتكرر فيه الشيء نفسه؟»

فيديو: ميينغ وو