انعقد قمة في باريس جمعت حوالى ثلاثين من قيادات الدول الغربية مع الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي لمناقشة آليات تقديم ضمانات أمنية لكييف كجزء من تسوية قد تنهي حرب روسيا الشاملة التي استمرت أكثر من ثلاثين وتسعين شهراً. الهدف الرئيسي هو منح أوكرانيا طوق حماية إذا تم الاتفاق على وقف لإطلاق النار، وفي الوقت نفسه إقناع واشنطن بتقديم دعم واضح وملموس.
تضاءلت آمال التوصل إلى اتفاق منذ لقاء فلاديمير بوتين مع دونالد ترامب في ألاسكا، رغم تصريح ترامب قبيل أعمال يوم الخميس بأنه «سننجز الأمر». وكان مقرراً أن يتصل ترامب هاتفياً بقادة «ائتلاف الراغبين» بعد قمة باريس؛ ونقلت المصادر الفرنسية عن شركاء أوروبيين قولهم إن من المهم أن تتضمن أي ضمانات عسكرية لكييف «شبكة أمان» أميركية.
ترامب أشار مؤخراً إلى استعداد الولايات المتحدة — «ربما» — لتقديم دعم جوي، وحلفاء الغرب يسعون إلى تأكيده على هذا الالتزام. القمة افتتحت برئاسة إيمانويل ماكرون ورئيس الوزراء البريطاني سير كير ستارمر، وشارك كثيرون من القادة عن بعد. قال رئيس الوزراء الهولندي مارك روته إن الغرض هو الحصول على «وضوح» بشأن ما يستطيع الائتلاف تقديمه ليتسنى مناقشة ما يمكن أن توفره الولايات المتحدة.
قد يشمل الدعم الجوي مساهمة في الدفاع الجوي أو الاستخبارات الجوية، لكن التفاصيل بقيت غامضة حتى الآن. وأوضح مصدر في قصر الإليزيه أن الضمانات الأمنية تقوم على ثلاثة محاور: تعزيز قدرات القوات الأوكرانية، وإرسال قوة منفصلة توضح لروسيا وجود دعم غربي لكييف، وضمان شبكة أمان أميركية يتوقع أن تحافظ عليها الولايت المتحدة.
سبق لزيلينسكي أن قال قبل المحادثات إن كييف تلقت «إشارات» من الأميركيين تفيد برغبتهم في تقديم دعم احتياطي. ووصل المبعوث الأميركي الخاص ستيف ويتكوف إلى باريس قبيل القمة، وأفادت تقارير أنه كان مرتقباً أن يلتقي زيلينسكي.
بعد أكثر من أربعين شهراً على الغزو الروسي الواسع، قال بوتين هذا الأسبوع إن هناك «بصيص نور في نهاية النفق» وإن «ثمّة خيارات لضمان أمن أوكرانيا في حال انتهى الصراع». ومع ذلك، أكدت موسكو أنها ترفض نشر قوات غربية على أرض أوكرانيا، وأنها تريد أن تكون من بين الدول الضامنة — فكرة رفضتها كييف وحلفاؤها. كما طرح بوتين احتمالاً بعيد المنال بأن يتوجه زيلينسكي إلى موسكو لإجراء محادثات.
قال مارك روته إن لروسيا لا تملك حق النقض في شأن نشر قوات غربية بأوكرانيا: «لماذا نهتم برأي روسيا في موضوع قوات على أرض دولة ذات سيادة؟ ليس من حقهم أن يقرروا». وأبلغ الرئيس ترامب شبكة سي بي إس الإخبارية بأنه ما زال ملتزماً التوصل إلى صفقة لإنهاء الحرب وأن علاقة جيدة تربطه بكل من بوتين وزيلينسكي، وأضاف: «أعتقد أننا سنصل إلى حل».
أشاد وزير الدفاع البريطاني جون هيلّي بجهود ترامب، مشيراً إلى أنه «أدخل بوتين في حوار» ولم يقفل «كل الخيارات». وتسعى أوكرانيا إلى تشكيل قوة طمأنة ضمن ائتلاف الراغبين تضم قوات بريطانية وفرنسية وأوروبية أخرى؛ فيما اعتبرت ألمانيا أن الوقت ما زال مبكراً للالتزام من هذا النوع.
قائد الكرملين، الذي التقى الأربعاء الرئيس الصيني شي جين بينغ وقيادة كوريا الشمالية، يدّعي أن قوات بلاده تتقدم على جميع المحاور في أوكرانيا، وحذّر من أنه إذا لم يُبرم اتفاق فموسكو «مستعدة لحل مهماتها عسكرياً». بينما تطالب أوكرانيا وحلفاؤها بوقف لإطلاق النار كبند أولي للتسوية، تصر روسيا على أن حملتها لن تنتهي قبل اتفاق سلام شامل.
أشار مصدر بالإليزيه إلى أن المعطيات أوضحت مسبقاً أن روسيا لا تنوي إدراج وقف لإطلاق النار كجزء من اتفاق سلام. واستشهد المصدر بخط الترسيم بين شمال وجنوب كوريا كمثال؛ حيث دام وقف إطلاق النار سنوات طويلة مع نشر قوة أميركية مسلحة بقوة كانت بمثابة إشارة لكوريا الشمالية — وكانت تلك الفكرة في غاية الأهمية بالنسبة للأوكرانيين.