عندما تغزو مادة سامة نظامًا بيئيًا، فإنها قادرة على إحداث دمار بالغ في الكائنات الحية القائمة. في شمال ولاية نيويورك، على سبيل المثال، أُدخلت كروم الـ«بيتِرسويت» (المنشأ شرقي آسيا) خلال النصف الثاني من القرن التاسع عشر للحد من تآكل التربة ولجمالها الخشبي المتموج. لكن هذه النباتات السامة إلى حدّ كبير تحوّلت سريعًا إلى نوع غازٍ يخنق الأنواع المحلية وحتى يقتلع الأشجار من جذورها.
ترى الفنانة ميكا روتنبرغ مادة أخرى تستحق أن تُدرَج في خانة الغزاة: البلاستيك. تمامًا كما قضت كروم الـ«بيتِرسويت» على أجزاء من الغابات قرب استوديوها، تسلّل البلاستيك إلى منظومات لا تُعد ولا تُحصى — من المحيطات، إلى بيوتنا، إلى أعماق أجسادنا حيث تتكوّن الجزيئات البلاستيكية الدقيقة.
في معرضها المنعقد لدى هاوزر آند ويرث في مينوركا، بعنوان “Vibrant Matter” (المواد النابضة)، قدّمت روتنبرغ مجموعة جديدة من التماثيل الفطرية المضيئة التي تدمج هذين المادتين السامّتين. تستعمل فيها بلاستيكًا منزليًا مُعاد معالجته، كرومًا غازية، راتنجات ومكوّنات كهربائية لتصوغ أشكالًا حيوية تبدو كأنها كائنات نبتت من عالم مزيج من العضوي والمصنّع.
تقول روتنبرغ إنها لطالما اهتمّت بالتعامل التشاركي مع قوى الطبيعة، بتصور العمل الفني كشيء يُزرع ويُحصد. ومع تبلور فكرة «بصمة الاستوديو»، اتجهت نحو جمع كروم الغزو من الغابات المجاورة وجرار الغسيل ومصادر الاستهلاك اليومية الأخرى المستخرجة من حاويات النفايات ومراكز إعادة التدوير المحلية.
تنبعث أبواغ مضيئة من قواعد عرضية وتتوّج من الأسقف متدلية كسبحاتٍ حيّة؛ أغطية بلاستيكية زاهية تمنح الأشكال العضوية ضبابًا سرياليًا وكسوة لونية غير متوقعة. تساءل هذه الـ”Lampshares” — كما تسميها الفنانة — عن ميل البشرية الدائم نحو المواد السامة، والكيفيّة التي يُدمج بها البشر مثل هذه المواد الضارة في حياتهم بالرغم من خطورتها.
لطالما كانت روتنبرغ شغوفة بمواضيع الاستهلاك والطبيعة المتفشية للرأسمالية. إلى جانب عدّة تركيبات فيديوية، تطرح القطع النحتية في “المواد النابضة” أسئلة حول الفاعلية وضرورة التجدد وإمكانيات إعادة الامتلاء الحيوي للمساحات المتآكلة.
هي تضيف أنها مهتمة بتلك الأنظمة البشرية الصنع التي يبدأ فيها المرء بلا أي فهم حقيقي لما يجري، ثم يحاول فرض منطق معين عليها — وسخفية هذا المسعى، وهي نقطة أساسية في عملها.
المعرض مفتوح للزيارة حتى 26 أكتوبر. لمتابعة المزيد من أعمال ميكا روتنبرغ يمكن الاطّلاع على حسابها في إنستغرام.