خلال مرحلة عودته إلى الميدان، التحق رودان بفصول أنطوان-لويس باريي، النحات المتخصص في تصوير الحيوانات والذي لقّب بـ«مايكل أنجيلو حديقة الحيوان». كان باريي مولعًا برسم القطط الكبيرة—الأسود والنمور واليوغوار—مركّزًا على البنية العضلية بصورة جعلت منه مرجعًا مؤثرًا للرودان الشاب. وفي الوقت ذاته عمل رودان لدى النحات ألبير-إرنست كارييه-بيلوز، صاحب قطع فنية تجارية وزخارف معمارية تُتاح للسوق.
على امتداد تلك السنوات لم يتوقف رودان عن العمل، وفي عام 1864 أنجز ما اعتبره جهده الجاد الأول: تمثال رأس الرجل ذا الأنف المكسور. كان العارض عاملاً محليًا وكان أنفه علامةً بارزة في ملامحه. استوديو رودان كان بلا تدفئة، وخلال موجة برد تجمد الطين وتشقق قفا الرأس فانفصل، فتبقى الوجه وحده. رآه رودان تحسّنًا في الصيغة فتركه كما هو وأطلق عليه اسم «قناع الرجل ذا الأنف المكسور». على الرغم من صدقه في تصوير النواقص، مُنع العمل من الدخول إلى صالونات 1863 و1864، لكن نسخة مُعاد تشكيلها قُبلت أخيرًا في صالون 1875.
منذ السبعينيات أخذت مسيرة رودان منعطفًا حاسمًا. تطوّع لآونة وجيزة أثناء الحرب الفرنسية-البروسية (1870–1871)، وعندما عُزل عن الخدمة وجد أن الحرب عطّلت إعادة إعمار باريس وأغلقت أمامه كثيرًا من سبل العمل. وكان كارييه-بيلوز قد رحل طلبًا لفرص أفضل في بريكسل ودعاه للالتحاق به هناك. مكث رودان في العاصمة البلجيكية ست سنوات أنجز خلالها مشروعات مشتركة مع صاحب الورشة، حتى نشب خلاف عندما أصر رودان على توقيع أعماله؛ رفضه كارييه-بيلوز فانفصل رودان واصبح يعمل كفنان مستقل بدوام كامل.
في العام 1876 سافر رودان إلى روما وفلورنسا ونابولي ليتأمل أعمال مايكلانجيلو ودوناتيلو، وفي السنة نفسها عرض ثماني منحوتات في معرض المئوية في فيلادلفيا ضمن الجناح البلجيكي. لم يحصد جوائز أو إشادات نقدية آنذاك، لكنه سرعان ما نال شعبية واسعة في أميركا.
في 1877 قدّم رودان إلى الصالون نموذجًا من الجبس لهيئة ذكر واقف أطلق عليها «عصر البرونز»—كان قد عُرِض في بروكسل سابقًا بعنوان «المهزوم». قُوبل العمل بتيّار معاكس تمامًا لردود فعل قناع الرأس الخشنة؛ اتُهم رودان بأنه لم يخلُص إلى منحوتة بل إلى قالب حيّ عن نموذج بشري. أنكر رودان هذه المزاعم بشدة، لكن الجدل رَفَع من سمعته. ولتفادي مثل هذه الاتهامات وضع في عمله التالي—تمثيل يوحنا المعمدان—حجمًا أكبر من الطبيعي، غير أن ذلك أثار بدوره ردود فعل عاصفة لعرضه شخصيةً عارية.