احتفاء بسيزان: حلوٌ كوعاءٍ مملوءٍ بالتفاح

جنوب فرنسا يشتهر بمناخه الساحلي الخلاب وكروم عنب خصبة وقرى ساحرة تعود جذورها إلى الحقبة الرومانية.

لكن في الوقت الراهن تريد المنطقة أن تذكّرك باسم بول سيزان، الابن المحلي للبروفانس، الفنان الذي ركّز في لوحاته على الأشكال الهندسية الكامنة في الأشياء وعلى تعدد الزوايا البصرية، حتى وصفه كثيرون، من بينهم بيكاسو، بأنه أب الفن الحديث.

هذا العام يتجه آلاف الأوروبيين، إلى جانب عدد لا بأس به من الأمريكيين، إلى إيكس-آن-بروفانص للمشاركة في «سيزان 2025»، احتفال إقليمي مكرّس لهذا الفنان ما بعد الانطباعي، ويشمل زيارة إلى القصر والاستوديو اللذين جُدِّدا حديثًا، أكبر مجموعة من اعماله على الإطلاق تُعرض للجمهور، وبرامج تمتد طوال الخريف.

محور هذه الاحتفالات هو متحف غرانيه، الذي كان مدرسة فنية درس فيها سيزان في القرن التاسع عشر، ويعرض أكثر من 130 لوحة ومائية ورسماً من متاحف في أوروبا والولايات المتحدة وآسيا.

ترتيب الأعمال زمني: يبدأ المعرض بعدة رسومات ومناظر صامتة وبورتريهات لوالديه وأصدقاء مشهورين مثل إميل زولا، غالباً بألوان قاتمة تعكس تأثره الرومانسي المبكر. وفي قاعات أخرى تظهر مناظر حدائق وبِروفانس مرسومة بضربات فرشاة أقصر وألوان أكثر إشراقاً استعان بها من الانطباعيين، قبل أن تتبلور أسلوبه المميز.

تضمّ المجموعة بعض أشهر أعمال سيزان: مجموعات غير مبالية من المستحمين، ومناظر صامتة نابضة بالخُضرة والثمار—خاصة الخوخ والتفاح اللذين يبدو أنهما تتدحرجان من على الطاولات—ومشاهد أرضية أقرب إلى محاجر وقُرى أثّرت فيه عميقاً في سنواته الأخيرة.

كما أن المكان الذي سيشهد أكبر الزحام هو قصر جاس دي بوفان، مسكن العائلة في إيكس-آن-بروفانص الذي اشتراه والد الفنان عام 1859، والذي مكث فيه سيزان نحو أربعين عاماً وأضاف إلى رصيده من المشاهد الطبيعية وسلسلة لاعبي الورق. أعيد فتح المنزل أمام الجمهور في يونيو ويُقام داخله جولات بتذاكر للدخول.

يقرأ  إغلاق مؤقت لمتحف السكان الأصليين بعد طلاء جدارية مؤيدة لفلسطين باللون الأبيض

المتحف يقع في حي مازاران، على بُعد حوالى خمس عشرة دقيقة سيراً من محطات الحافلات والقطار السريع عبر وسط المدينة التاريخي. المتحف لا يبيع التذاكر في موقعه — على الزائرين حجز تذاكر زمنية مسبقاً عبر الإنترنت، وإن أمكن شراؤها أيضاً من مكتب المعلومات السياحية بقرب محور المواصلات.

أقرب قليلاً إلى مركز المدينة، لكن جديرة بالزيارة استوديو سيزان الأخير، «أتولييه دي لوف»، المحفوظ تقريباً كما تركه قبل 120 عاماً مع طاولاته ومعداته وسلات القش المحشوة بالثمار؛ ويقع نحو نصف ساعة سيرا أو بالحافلة شمال المتحف.

هناك أيضاً محاجر بيبيموس وجبل سانت فيكتوار، المُلهمة الأشهر لسيزان والمصنفة كموقع تراث وطني. المحجر الجيري يبتعد بنحو أربعين دقيقة بالحافلة عن المتحف، ومنطقة واسعة صالحة للمشي لمسافات طويلة، والعديد من مباني ونوافير حي مازاران منحوتة من حجر ذلك المحجر.

وأخيراً لا تفوّت قرية الصيادين الهادئة إلْإستاكي شمال شرق مرسيليا التي أسرَت سيزان، كما كتب إلى زميله الانطباعي كاميل بيسارو في 1876: «كأنها ورقة من ورق اللعب… أسطح حمراء فوق بحر أزرق… الشمس هنا ساطعة لدرجة أني أظن أن الأشياء تتباين ليس بالأسود والأبيض فحسب، بل بالأزرق والأحمر والبني والأرجواني.»

يمكنك أن تطل على الخليج وتشارك نفس المنظر الذي رآه سيزان، وربما تلهمك هذه الرؤية لتغيّر مجرى تاريخ الفن أيضاً.

أضف تعليق