استرداد التاريخ المُبيَّض للكساد العظيم

عندما أنشأت وزارة الزراعة الأميركية إدارة أمن المزارع في عام 1937 لتقديم مساعدات للمجتمعات الريفية المتضررة من الكساد الكبير، رافق ذلك مشروع تصويري أدارته شخصية حكومية تُدعى روي سترايكر. كانت الصور تهدف إلى حشد تأييد الجمهور، إذ تمنح المشاهدين نافذة مباشرة على آثار الكساد؛ إلا أن الصورة البصرية التي رُوجت للجمهور كانت ضيِّقة وغالبتها صور لعائلات بيضاء — رؤية حرفياً مبيّضة ومحدودة للريف الأميركي.

المعرض الجديد بعنوان «بناء الملاذات: فضاءات السود في جنوب الكساد الكبير» في متحف الفن والنور بمانهاتن، كانزاس، يقدم قراءة أوسع من أرشيف صور إدارة أمن المزارع، مركزاً اهتمامه على الجنوب الأسود كما وثّقته عدسات مصورين أمثال ووكر إيفانز، دوروثيا لانغ، راسل لي، ماريون بوست وولكوت، آرثر روثستين، بن شان، وجاك ديلانو عبر ست ولايات: ألاباما، جورجيا، لويزيانا، فلوريدا، ميسيسيبي، وميزوري.

بالتعاون مع مؤسسة آرت بريدجز، تبرز الصور حميمية الحياة المجتمعية — المساحات الخاصة، ساحات اللقاء العامة — والجهد المتقن المبذول لبناء عالم مشترك. كما أوضح تمير ويليامز، قيّم المعرض، أن مشروع العرض هو «تحقيق في دلالة استثمار السود الجنوبيين في عوالمهم المكانية — وبشكل أوسع في مفهوم الجمال — وهم يمرّون بفترة قاسية من الضائقة الاقتصادية والعنف العنصري».

تتوالى اللقطات بكثير من الإحترام والتأمل، مانحة لمحات عن عوالم داخلية وممارسات منزلية Gemeinschaftية نادرًا ما ظهرت في الذاكرة البصرية السائدة. من صور ماريون بوست وولكوت الداخليّة لطفلَين وكلب في بيت عائلي يمسّه الانصهار بين السحر واليوميّة، إلى صورة جاك ديلانو لعائلة مستأجرة قرب غرينزبورو بألاباما التي تبدو فيها الجدران مغطاة بقتباسات من الصحف وهريرة صغيرة عند القدمين — صور تبدو كأنها تعكس كل مشاعر البلد وتفاصيله المتأرجحة.

يقرأ  ارتقِ بمسيرتك الفنية من خلال برامج التعليم المستمر، ورش العمل، والإقامات الفنية في إس في إيه — كولوسال

في صيف 2023، تواصلت آشلي هولاند، المديرة المشرفة على مبادرات المتحف في مؤسسة آرت بريدجز، مع ويليامز ليكلفه ترتيب أول معرض متنقل داخلي للمؤسسة مستنداً إلى أرشيف صور إدارة أمن المزارع؛ آنذاك كان ويليامز قد بدأ للتوّ عمله كمساعد بحوث قيّمي. قرأ أعمالًا مثل كتاب نيكولاس ناتانسون «الصورة السوداء في الصفقة الجديدة: سياسة تصوير إدارة أمن المزارع» ومقال سارة بوكسير «تبييض الكساد الكبير»، ما دفعه إلى التركيز على غياب السود وغيرهم من غير البيض من الذاكرة البصرية الموسعة للكساد — واستكشاف أسباب هذا الاستبعاد وطرق تجاوزه.

قضى ويليامز أسبوعاً في مكتبة الكونغرس يتصفّح المجموعة الرقمية، جذبته صور البيوت الصغيرة التي شيدها عمال بيض وسود معاً، وخصوصاً مشاهد من لا فورج في ميزوري. ومن هناك توسّع بحثه ليشمل كيف شكلت العائلات السوداء الجنوبية مساحاتها وخلقت ملاذاتها الخاصة وسط ظروف من التهميش الاقتصادي والعنف العنصري.

المعرض يقترن بتركيب موازٍ بعنوان «الملاذ المتحرّك» طوّرته جهة التعاون مع مركز ياما ستريت الثقافي. وذكرت كريستي بيترسون، نائبة الرئيس للشؤون التعليمية وتجارب الزوار في المتحف، أن مانهاتن تأسست كموقع استيطاني ليتحرّريين مناهضين للعبودية نحو عام 1855، وأن التركيب المصاحب يروّج لتاريخ المدينة وحكاية حي ياما ستريت باعتباره منطقة تاريخية وملاذاً حيث صاغت العائلات شيئًا من العدم.

بصيغته التصحيحية والتأملية معاً، يستمر معرض «بناء الملاذات» حتى الربيع القادم. ويأمل القيمون أن تمنح هذه الصور المشاهدين القدرة على رؤية كيف تبنّى السود الجنوبيون تعاريف واسعة للجمال لصناعة ملاذات شخصية وجماعية ومساحات للراحة والالتئام.

أضف تعليق