افتتحت «آرتيسيما» أبوابها يوم الخميس بمشاركة ١٧٦ معرضًا

أرتيسيما — الدورة الثانية والثلاثون

افتتح أكبر معرض للفن المعاصر في ايطاليا أبوابه أمام كبار الضيوف يوم الخميس في قاعة الأوفال لينغوتو بمدينة تورين، معلناً انطلاق دورته الثانية والثلاثين. وأوضح المدير لويجي فاسي، في تصريحاته لوسائل الإعلام هذا الأسبوع، أن «التوقعات مرتفعة» بعد قرار الحكومة في يوليو بتخفيض الضريبة على المبيعات الفنية من 22% إلى 5%، وهو خفض اعتبره الفاعلون في الساحة خبراً مهماً يعيد تشكيل المناخ السوقي.

قال فاسي، الذي يدير أرتيسيما للمرة الرابعة: «أنا متفائل شخصياً أكثر من أي وقت مضى. خفض الضريبة خبر بالغ الأهمية. أصبحت لدينا أدنى نسبة ضرائب على مبيعات الفن في الاتحاد الأوروبي، وهذا أول معرض دولي يُعقد في ايطاليا بعد هذا القرار، لذا ثمة حماس كبير. يمنح هذا الغالِرِيات والمقتنين الإيطاليين قاعدة صلبة للتنافس على المستوى الدولي».

خلفية اقتصادية وتأثير الخفض

استجابت الحكومة أخيراً بعد عقدين من الضغوط من قِبَل صالات العرض وتجار التحف وبيوت المزاد. وقدَّرت دراسة صدرت أوائل العام عن شركة الاستشارات ونوفمة للنمذجة السوقية أن خفض الضريبة قد يولّد إيرادات إضافية تصل إلى مليار ونصف يورو على مدى ثلاث سنوات، مع احتمال أن يتوسع الاقتصاد الإيطالي بما يصل إلى 4.2 مليار يورو كنتيجة مباشرة.

التمثيل الدولي وبرنامج المعرض

شارك في أرتيسيما هذا العام 176 صالة عرض من 36 دولة أقامت أجنحتها في تورين حتى الثاني من نوفمبر. من بين هذه الصالات، 73 إيطالية و26 شاركت للمرة الأولى عبر قسم «الوافدون الجدد».

الجمهور والمهنيون الحاضرون

اجتمع جمهور كثيف يوم افتتاح المعرض، من ضمنه مجموعات من المقتنين الصغار السن من الصين الذين أتمّوا مسار المعارض المتتالية من فرايز لندن إلى آرت بازل باريس فإلى أرتيسيما خلال شهر أكتوبر. كما حضر كبار عائلات جمع الأعمال الفنية في ايطاليا، من بينها عائلات ساندريتّو ري ريبادنغو، بولغاري، ودانييلي، وجالوا لبحث إمكانيات الشراء. وتواجد أيضاً كُتّار ومسوؤلون فنيون بارزون مثل هانس أولريش أوبريست، إيما لافين، بولي ستابل، وماسيميليانو جيوني.

يقرأ  مجلة جوكستابوز ديريك فوردجور — «أغنية الليل» معرض ديفيد كوردانسكي · لوس أنجلوس

اتجاهات السوق والمبيعات الأولى

أشار بعض العارضين إلى غياب نسبي للمقتنين الأمريكيين في تورينو، كما لوحظ في آرت بازل الصيفي بسويسرا، فيما ذكر عدد من التجار أن بعض المقتنين فضلوا الحضور إلى أرتيسيما بدلاً من آرت بازل باريس. من بين مبيعات اليوم الأول: خمس لوحات لجواو غابرييل بأسعار تراوحت بين €2,900 و€14,000 في صالة ليهمان في بورتو؛ عملان لسيليا كابوتزو بـ€1,900 لكل منهما في VIN VIN؛ وثلاثة أعمال لسيمون باسييكا بأسعار بين €8,700 و€17,000 بيعت إلى «مجموعة مهمة في سويسرا» بحسب صالة روميو بابروكي بباريس.

أهمية الحوار والعلاقات المؤسسية

ورغم أهمية المبيعات، أكد عدد من التجار والمستشارين الفنيين أن أرتيسيما يتجاوز الجانب التجاري ليكون منصة للحوار وتبادل الآراء بين المقتنين والقيمين ومديري المتاحف — وهو ما بات أقل وضوحاً في المعارض الضخمة مثل فرايز وآرت بازل، حيث يزداد الضغط لتحقيق مبيعات لتغطية التكاليف. وقال ماتيا بوتسوني، المستشار المقيم في ميلان: «لطالما كان أرتيسيما بمثابة معرض القيمين؛ نرى هنا الكثير من القيمين ومديري المتاحف. الفرص لبناء علاقات قد تكون أكثر قيمة من مجرد تحقيق مبيعات».

ممارسات جديدة ودعم الفنانين

عرضت تاتيانا شينيفيير، مؤسِسة صالة بايبلاين في لندن، للمرة الأولى ضمن أروقة أرتيسيما، معلنة عن هدفها إدخال مزيد من الغايات والرؤية والرعاية إلى عمليّة الجمع التي باتت، بحسب رأيها، «تتجه نحو الطابع التبادلي التجاري بشكل كبير». وأسست هذا الصيف استشارة حملت اسم Black + Cheneviere بالشراكة مع أليس بلاك لتعزيز الرعاية والدعم المباشر للفنانين من قبل المجموعات. وتقدّم بايبلاين في المعرض جناحاً فردياً لجورجيو فان ميرويك، حيث ترى شينيفيير أن أعماله مناسبة لمعرض مثل أرتيسيما الذي تُقدَّر فيه «الأعمال الحوارية التي تثير نقاشات مع القيمين ومديري المتاحف».

يقرأ  مارينا أبراموفيتشتقيم معرضًا في الأكاديميا بالبندقية عام 2026

من جهتها، تعرض روز إيستون، مؤسسة صالة عرض تحمل اسمها في لندن، للمرة الأولى أيضاً. وكونها تاجر بريطانية، فإن أي مبيعات تحققها هذه الدورة لن تستفيد من نسبة الضريبة الإيطالية الجديدة 5%. قالت: «أسعى لتحقيق توازن بين المعارض ذات الطابع التجاري الصريح وتلك التي تعرض تركيبات طموحة تخدم أجندة فنية مختلفة بالنسبة لصالاتي. من المهم بناء علاقات جديدة مع القيمين والعاملين في المتاحف».

نتائج ملموسة على صعيد الاقتناء المؤسسي

بدا أن الكثير من المحادثات بين العارضين والمؤسسات أثمرت نتائج فعلية. فقد زادت مؤسسة الفن الحديث والمعاصر CRT، التي تأسست عام 2000 لتعزيز التراث الثقافي والفني لتورين ومنطقة بيدمونت، مخصصات الشراء هذا العام إلى €300,000. ومن بين تسع قطع اشتراها متحف كاستيلو دي ريفولي هذا العام كانت أعمال سيان دايريت «تاريخ طبيعي للنضال: من أجل الأرض» (2021) من صالة نومي ببرلين، و«ذاكرة العضلة III» (2022) لماجد عبد الحميد من صالة P420 في بولونيا. اشترت مؤسسة CRT أيضاً خمس أعمال لصالح GAM — المعرض البلدي للفن الحديث والمعاصر، من بينها عمل ماركو تشينغولاني Conferenza stampa (1993) من صالة توماس برامبيلا في بيرغامو، وسلسلة ANB C 1.03 (2024) للفنان ديفيد شوتر من صالة ماجازينو بروما.

«مستوى البرمجة المؤسسية هذا العام، إلى جانب جاذبية خفض ضريبة القيمة المضافة، جعل الزيارة إلى تورينو أكثر إغراءً لهواة الجمع والمحترفين هذا العام»، قال فرانسيسكو ماناكورد، مدير متحف قلعة ريفولي للفن المعاصر، لصحيفة ARTnews.

مع أن المبيعات في يوم كبار الشخصيات في آرتسيما تميل إلى الطرف الأدنى من السوق، فقد يكون من غير العادل اعتبار هذا المعرض مقياساً حاسماً لفاعلية تخفيض ضريبة القيمة المضافة في إيطاليا. فآرتسيما تُبدّل صخب ومعارك الصفقات التجارية للمعارض الضخمة بنبرة أكثر أكاديمية وتأملية. ومع ذلك، من الصعب تجاهل الضجيج المحيط بمشهد الفن المعاصر الإيطالي، لا سيما بعد افتتاح التاجر الضخم ثاديوس روباك فرعاً في ميلانو في سبتمبر. وقد قال روباك لـ ARTnews إن الخطوة كانت مؤكدة منذ وقت طويل قبل أن تقدم إيطاليا نظام الضريبة المسطحة للمقيمين غير الدائمين بقيمة 200,000 يورو، ما جعل البلاد وجهة جذابة للأثرياء جداً.

يقرأ  غوغل يتجنب التفكيك — مُلزَم بمشاركة بياناته مع منافسيه

كما قال فاسي، مدير آرتسيما لصحيفة ARTnews، إن المعرض «منصة ثقافية بقدر ما هو سوق».

وأشار بوزوني إلى أن «هواة الجمع ما زالوا يأخذون وقتهم، لكن خفض ضريبة القيمة المضافة مؤخراً بدأ يُحفّز ثقة كبيرة واهتماماً متجدداً بالسوق الإيطالي.»

وقصداً بالمقارنة، خفّضت فرنسا ضريبة القيمة المضافة على مبيعات الفن في يناير إلى 5.5 بالمئة. وسألت ARTnews التاجرة الفرنسية ألمين رِش، التي تمتلك تسع مساحات دولية بينها ثلاث في باريس، ما إذا شهد عملها مزايا فورية عقب الإجراء. فأجابت: «في فرنسا، قُبل القرار جيداً، لكن من الصعب الجزم بوجود قفزة فورية في المبيعات نتيجة التغيير. ومن الجوانب الإيجابية حقاً أن خفض ضريبة القيمة المضافة أبقى الأعمال الفنية في فرنسا، لأن التجار لم يعودوا يسافرون إلى الخارج للاستفادة من معدلات أقل.»

ريش لم تشارك في آرتسيما، لكن أحد مديري صالتها في نيويورك، إرمّانو ريفيتي، كان في تورينو. «باع عملين في آرتسيما بعد محادثات مع جامعين إيطاليين على درج، لذا هناك طاقة إيجابية واضحة في المعرض»، أضافت. «الجامعون الإيطاليون ذواقون جداً، يمتلكون ثقافة رصينة، ويفهمون تاريخ الفن؛ هم يعرفون ما هو الفن.»

أضف تعليق