أمريكا أخرى
في مشروعه «أمريكا أخرى» يستخدم الفنان والمصور فيليب توليدانو الذكاء الاصطناعي لبناء سرد تاريخي مختلق، لكنه مألوف بشكل مخيف، عن الولايات المتحدة. تتألف السلسلة من صور مولَّدة آليًا تُحاكي الأسلوب البصري لتصوير الأربعينيات والخمسينيات من القرن العشرين، وقد اختار توليدانو تلك الحقبة بالذات لأن التصوير الفوتوغرافي في تلك الفترة كان يُنظر إليه على أنه سجل لا يقبل الشك للحقيقة، ما يخلق توترًا قويًا بين السلطة التاريخية للوسيط ومحتوى الصور الملفّق.
الصور تبدو في الوقت نفسه مألوفة وغريبة؛ تمثل مشاهد من الحياة الأمريكية في منتصف القرن مشبعة بعناصر سريالية ومستحيلة تتحدى إدراك المشاهد للواقع. يسمي توليدانو هذا الأسلوب «الغرائبية التاريخية»، حيث يوظف الذكاء الاصطناعي لإعادة كتابة الماضي بشكل مقنع لكن مشوَّه ومزعج. يخدم المشروع نقدًا لاذعًا لعالمنا المعاصر بعد الحقيقة، حيث أصبحت الحقائق متقلبة والنظريات المؤامرة قادرة على الانتشار بسهولة.
كما يوضح توليدانو بنفسه، إن ظهور الذكاء الاصطناعي يعني أن كل كذبة باتت قادرة على أن تُدعم بدليل بصري مقنع، مما يؤدي إلى حالة «كل شيء حقيقي وفي الوقت نفسه لا شيء حقيقي». نُشِرت مجموعة الصور، مرفوقةً بقصص قصيرة للكاتب في مجلة ذا نيويوركر جون كيني، في كتاب صدر عام 2024، لتؤكد موقع «أمريكا أخرى» كفحص نقدي لكيفية إعادة تشكيل التكنولوجيا لفهمنا للتاريخ وللواقع.