التجريدات الطيرية لستيفن ويستفال

في عام 2006 أجريت مقابلة مع ستيفن ويستفال حول اهتمامه المستمر بإمكانيات الشبكة المائلة، إلى جانب مواضيع أخرى. وصل إلى هذه البنية بربط إرث أغنس مارتن ببصيرة بول كلي؛ وتطرق أيضاً إلى فكرة الهشاشة في مقابل التجريد المستوٍ، والمصادر المتعدِّدة التي يستمدّ منها علاماتٍ حديثة ورموزاً ثقافية.

في عمله تظهر سجّادَات نافاجو، صور ووكر إيفانز، ولوحات إعلانات نتائج سباقات نَاسْكَار. يراه المرء ثم يعود مُمعِناً في التفكير في تركيبٍ يضمّ كلّ ذلك من دون أن يعلن عن أيٍّ منها بصورة علنية؛ تركيبٌ قد يُنتج تركيباً آخر بذاته، وكلّ تلك الإشارات حاضرة داخله.

تجلّت علاقة الهشاشة بالتجريد المستوٍ وثقافة العلامات لدى زيارتي لمعرض ويستفال الحالي «أورنيثولوجي» (علم الطيور) في أليكساندر غاليري. يحمل العنوان ثلاثة مرجعيات: العازف الأمريكي العظيم على الساكسفون تشارلي باركر، المعروف شعبياً بلقب “بيرد” (Bird) والذي غيّر نهج الارتجال في الجاز؛ والمثلثات التي تشكّل عناصر مركزية في أعمال ويستفال الحالية وتُشير إلى مناقير طيور مبسَّطة؛ وعبارة بارنيت نيومان الشهيرة: «الجماليات للفنانين كما أن علم الطيور للطيور».

ما يجمع باركر ونيومان، كلاهما رائد في مجاله، هو اهتمامهما بالعبارة الداخلية — سواء في الموسيقى أو في التصوير — داخل الكل التركيبي العام. ينسب لباركر إدخال العبارات غير المتماثلة التي كسرت إيقاعات الأنماط التقليدية في فرق البيغ باند، بينما استخدم نيومان ما يُعرف بـ«الزيبز» الرأسية لتقسيم لوحاته إلى مناطق غير متساوية بهدف دمج الجوانب المختلفة في تجربة موحّدة. التوتر بين الدمج والتقسيم، وكذلك حالة الوحدات المتغيرة باستمرار، يشكّلان محور تجريدات ويستفال الهندسية، حيث يضطلع المثلث بدور المحرّك الأساس لإبقاء المتلقي متفاعلاً.

يشمل المعرض عشر لوحات زيتية وألكيد من 2024 و2025، وسبع غوّاشات تمتدّ تواريخها من 2010 حتى 2025، بالإضافة إلى جدارية على الحائط رُسِمت في درج يربط بين الطابقين الأول والثاني. منح تغيّر استدارة الحائط ويستفال فرصة لتقسيم الجدارية إلى أقسام متمايزة بعنوان «مؤتمر الطيور» I وII وIII (2025). تصطدم هذه المقاطع — التي تشتمل كلّ منها على مثلثات بألوان مختلفة وتراكيب مسننة متداخلة — لتنتج تراكباً صاخباً وإيقاعاً في الوقت نفسه.

يقرأ  قصة تايلور سويفتتُروى عبر رسومات «ابحث واكتشف»

تُظهر غوّاشتان له من 2010، «شارب هيز» و«أوليفيرا»، مدى تقدم ويستفال في توظيف شكل الماسة إلى جانب حدود عدم التماثل الواسعة. تصوّر كلّ منهما ماسّات متراكزة؛ الماسة الكبيرة أحادية اللون في المركز تحتل حقل الصورة بينما تُقتطَع الماسات المحيطة عند حواف الورق. تتألّف هاتان العملتان من أشكال ثابتة، وحوافها المقطوعة تلمّح إلى أن هذه القطيعة والجمود يتجاوزان حدود الفضاء التصويري.

طوال مسيرته الفنية ظلّ ويستفال يعمل داخل جنس التجريد الهندسي، لكنه سعى دوماً لتحطيم الأنماط الإيقاعية المألوفة في التجريد المستوٍ وفنّ الأوب آرت. لا تستقرّ التوترات متعددة الدلالات والتحولات غير المتماثلة في «أورنيثولوجي» و«JuJu (for Wayne Shorter)» (كلاهما 2025) في تراكيب ثابتة كما كان يحدث في أجيال سابقة من التجريد الهندسي، سواء في تيارات النمط والزخرفة أو الأوب آرت أو الـHard Edge.

تنقسم «JuJu (for Wayne Shorter)» إلى شبكة من تسعة مستطيلات غير منتظمة على قماشٍ مربع، يقسم كلّ مستطيل قُطرياً إلى مثلثين. يتيح هذا التكوين لويستفال الارتجال بالألوان، فيطلي كلّ من مثلثات الثمانية عشر بلون أحادي مختلف. في أزواج من المثلثات يستخدم ألواناً متباينة حادّة، وفي أخرى يطبّق نغماتٍ متقاربة مثل درجتين مختلفتين من الرمادي.

إنه في «أورنيثولوجي» و«JuJu (for Wayne Shorter)» وبالاشتراك مع لوحتين مرتبطتين «كابانا I» و«كابانا II» (2024) حيث يوسع ويستفال التجريد المستوٍ إلى أقصى ما كان عليه. منطق هذه الأعمال داخليّ؛ لا صيغة ثابتة لاختياراته اللونية، ولا يعتمد على بنية توقيعية معيّنة. يتحقّق رغبته في الارتجال باعتماده ألواناً لا يمكن التنبؤ بها. بهذه المجموعة من اللوحات الجديدة يدخل ويستفال مرحلة راديكالية في مسيرته الطويلة.

يُعقد معرض ستيفن ويستفال: «أورنيثولوجي» في ألكسندر غاليري (25 إيست 73 ستريت، الطابقان الثاني والثالث، الحيّ الشرقي العلوي، مانهاتن) ويستمر حتى 25 أكتوبر. نظمّت القاعة المعرض.

يقرأ  منحوتات يوشيتوشي كانماكي: تعابير كاليِدوسكوبيّة في سعي نحو «الذات الحقيقية»

أضف تعليق