الخيال الفيتيشي وراء الأضرحة «التبتية» المعروضة في المتاحف

إذا اقتصر اطلاع المرء على المعروضات في المتاحفف الأمريكية حول المحاريب التبتية البوذية، لَرأَى هذه المحاريب على أنها فضاءات مُزدانة بثراء بصري مرهف: ثانغخاس مطرّزة وأقمشة حريرية، صفوف من التماثيل والأدوات الطقسية المصطفة فوق أثاث خشبي مُتقن الصنع، وكل ذلك في جوٍّ مُعمَّق بالصَّوت الخافت للترديد البوذي وضِياء مصابيح الزبدة الإلكترونية المتلألئة. أمكنة مثل قاعة المحاريب في متحف روبن للفنون الجبلية ومتحف سميثسونيان للفنون الآسيوية تحنو بالزائرين داخل تجارب حسّية مُقنَّنة بعناية، وغالبًا ما يختار القيّمون عدم إضافة شروحات حتى لا يَشوِّشوا على تجربة التأمل المزعومة. احتُفِي بهذه التركيبات بوصفها «رائعة» و«ملاذاً في أزمنة مضطربة»، فاستقطبت اهتمام الجمهور والإعلام على حد سواء. لكن التساؤل الذي يفرض نفسه هو: هل هذه المساحات المحبوبة — التي تزور آلاف الأفراد سنويًا — ليست في الواقع سوى مواقع استيلاء ثقافي، على عناصر الموروث المادي وغير المادي على حد سواء؟ وفي ضوء فتح متحف بروكلين مؤخرًا لنسخة مستعارة لقاعة المحاريب من روبن بعد ستة أعوام من الإعارة، يصبح طرح هذا السؤال ضروريًا لإعادة النظر.

تختلف «قاعات المحاريب البوذية التبتية» الحسّية الشائعة في المتاحف الأمريكية منذ عام 2010 اختلافًا ملحوظًا عن نماذج ثلاثينيات وأربعينيات القرن العشرين، حين كانت مؤسسات مثل متحف نيوآرك ومتحف جاك مارسيس تعرض مذابح متواضعة تزخر بأدوات التعبد التبتية. صانعة الجمع أليس كانديل شكَّلت نقطة تحوّل عندما تبرعت بأكثر من 220 قطعة إلى معرض آرثر إم. ساكلر في السميثسونيان، ووضعت شروطًا على العرض طالت المحافظة على «عرض طويل الأمد داخل قاعة محراب منفصلة ومناسبة لليتورجيا»، وهو ما التزمت به المؤسسة. في العقد الثاني من الألفية، قبل متحف روبن إقتراض محراب كانت قد أعدته كانديل، ثم أنشأ نسخته الخاصة التي ظلت معروضة حتى 2024، كما ظهرت أمثلة مماثلة في متحف مايكل كارلوس في إيموري ومعهد مينابوليس للفنون.

يقرأ  الهلاوس الطبيعية تتفشّىحين يصطدم عالمان

من حيث الشكل البصري، تتشابَه هذه التركيبات: لوحة ألوان متمثلة بالغالب بالزرقة الداكنة والأحمر مع لمسات صفراء وذهبية؛ ثانغخاس معلقة في الوسط؛ تماثيل مصبوغة بالذهب مرتَّبة كهرم يتدفق أسفل الخزائن المنحوتة بعناية؛ أعلام مطرزة وأحيانًا مظلات حريرية فوق المنطقة المركزية، مع رموز عجلة فيهارين وغزلان. لكن تكرار هذا النموذج الواحد يؤدي إلى محو تنوّع المحاريب الواقعية اللامتناهي، وإلى تسويق خيال غربي عن «المحراب التبتي التقليدي الأصيل» بلا سند تاريخي أو علمي حقيقي.

مثال واضح على التضليل الإعلامي أن حلقة نُشِرت بعنوان «قاعة المحارب التبتية» وثّقت في الواقع تركيب روبن فقط، وهو ما يعكس ميلًا لدى القيّمين إلى استخدام مفردات «التقليد» و«الأصالة» دون إسناد بحثي يذكر. ما هي الفترات الزمنية والمناطق التي استندت إليها هذه التركيبات؟ بالواقع، عدا تأريخ القطع المنفردة، تظلُّ العروض بالمتحف محصورة ضمن سياق قِصري لا يقدّم سردًا تاريخيًا أو إثنوغرافيًا يشرح ممارسات العبادة الحيَّة واللحظات التاريخية التي تؤسس لبيئات المحاريب. بهذه الطريقة تتحوّل التركيبات إلى مجرد وسيلة لعرض مجموعة قطع أكثر منها توثيقًا لواقع محفور في تاريخ وممارسة مجتمعية؛ فهي اختراعات معاصرة مبنيّة على افتراضات لا أساس لها.

من خلال الحقل الميداني في التبت، وسلسلة الهمالايا الغربية، ومجتمعات الشتات في كوينز وفيلادلفيا، رأيتُ بوضوح أن تركيبة المذبح المنزلي تُبنى عبر أجيال، وهي نتاج ممارسات متداخلة: الحاجة الليتورجية، الطقوس، وسياقات العطاء والهدايا. المذبح العامل هو شبكة من المعايير المتبادلة التي تعيد تحقّق الروابط بين الأشخاص عبر المكان والزمان. مذبح واحد في فيلادلفيا، يملكه رجل تبتي في السبعينيات من عمره، يحوي مزايا عائلية حملها والدايه إلى الخارج عند فرارهما من التبت عام 1959 — مصباح زبدة وتمثال معدني لأكشوبايا — وتلك الأشياء اكتسبت معانٍ عميقة أثناء الرحلة ثم في المنفى. كما قال ذلك الحارس في مقابلة معي عام 2024: «المذابح، كما تعلم، تجلب الذاكرة والمحبة.» وفي كوينز، بنى زوجان تبتيان مذبحًا تدريجيًا منذ هجرتهم إلى الولايات المتحدة في 2008، فيضيفان قطعًا لاستعمالها في طقوس الموت المستقبلي. بهذا المعنى، تُربط المحاريب بتاريخ الأسرة والأسلاف ونظام كوني أوسع.

يقرأ  فن وتشريح وشوم «خرائط الذاكرة» فائقة الواقعية لتايسوك بارك— التصميم الذي تثق به · تصميم يومي منذ ٢٠٠٧

تشمل المواد داخل المحاريب أصنافًا مختلفة من المادّيات: تماثيل، لوحات، صور فوتوغرافية، أدوات طقسية، مخطوطات، وأشياء قد لا تُصنَّف كـ«فن» عند معايير غربية لكنها ذات قوة دينية كبيرة في السياق التبتي — أقراص دوائية مقدّسة، تراب من مواقع حجّ، ملصقات وتماثيل بلاستيكية، بذور الشعير المباركة، وغير ذلك. كما أوضح لي صاحب مذبح قديم في لاداخ عام 2005، الأمر لا يكمن في امتلاك الأشياء بحدّ ذاتها، بل في الالتزام الديني تجاه الصور لكي تبقى حية وتعمل ويُكتسب الفضل. في أبسط صورها، تُحافظ المحاريب على نشاطها بالصلاة، والسجود، والبوْجا، وبالقرابين من ماء ولبان وضوء. والأهم من ذلك، توجد خيوط غير مرئية من الحكايات والذاكرات تَربط الأشياء بتاريخ جماعي، وجغرافيا مقدّسة، وممارسة طقسية؛ ومن نصف العالم، تُمكِّن هذه الأشياء والممارسات مجتمعات الشتات من الحفاظ على تواصل حيّ مع تقاليدها عبر الأجيال.

تستطيع عمليات إعادة البناء المتحفية اختزال وتسطح واقع المحاريب الحيّة المتنوع والديناميكي. قد يَحتجُّ بعض القراء بأن انتقادي لا إنصاف فيه، وأنني أقارن عروضًا مستلهمة من الماضي ببريق محاريب معاصرةٍ حقيقية. لكن الحقيقة هي أن «قاعة المحاريب» المتحفية نفسها اختراع معاصر، مبني على افتراضات أحيَوية حول شكل «المذبح المنزلي التقليدي» — وافتراضات تَنجح تجاريًا: فقد بلغ عدد زائري نسخة متحف روبن مئات الآلاف خلال أشهر قليلة، وادعى المتحف أن هذه القاعة كانت من أكثر عروضه جذبًا لزوار طوال حياتها.

في سعيها لجذب الجماهير، تولي المتاحف تركيزًا على خلق تجارب مسرحية تُقدّم معلومات ضئيلة، فتفضح أكثر من أي شيء آخر خيالًا غربيًا عن «مذابح منزلية خاصة متقنة» بدلًا من تقديم فهم حقيقي لها. فماذا يفعل الجمهور عندما يطالب بما هو أكثر من خيال وفتِش جنسي نحوه — أو بالأحرى: من تمجيدٍ مبسّط؟ أحث مؤسسات كبرى مثل متحف بروكلين على تمحيص وإعادة تفكير نقدي في نماذج «قاعات المحاريب» القديمة وأُسسها الاستعادية. عبر ذلك، يمكن للمتاحف أن تحوّل هذه التركيبات من خلفيات ثابتة إلى مساحات للحوار، والتأمل الأخلاقي، والاعتراف الثقافي.

يقرأ  كيف يتفاعل المبدعون مع الانتقال إلى إيقاع الخريف؟

أضف تعليق