السرقة الكبرى: مجوهرات قيمتها ١٠٢ مليون دولار — كيف نفّذها اللصوص؟

لم يكن مشهد سرقة متحف من أشهر متاحف العالم مشهدًا معتادًا، لكنّه ما حدث يوم الأحد في متحف اللوفر: اقتحم لصان المتحف في وضح النهار وهربا بحمولة من المجوهرات التي كانت من مقتنيات العائلة الملكية الفرنسية سابقًا.

السرقة في أقل من ثماني دقائق
في غضون دقائق معدودة نفّذ الجانيان عمليتهما، حيث غادرا القاعة بعد سرقة تسعة قطع وصفتها السلطات الفرنسية بأنها ثمينة للغاية. استخدما منصة رفع تُعرف بـ monte‑meubles—سُلّم متحرّك يُستعمل كثيرًا في باريس للأعمال الإنشائية—وصعدا إلى مستوى النافذة مستخدمين ما وصفته السلطات بـ«مناشير صغيرة» لكسر زجاج نافذة قاعة غاليري أبولون، حيث تُعرض مجموعة المجوهرات الملكية بانتظام. أثناء فرارهما أسقطا تاجًا يعود للإمبراطورة امبراطورة أوجيني، وقد تم استرجاع هذا التاج، بينما لا تزال مصائر القطع الثماني الأخرى مجهولة.

القيمة: بين «لا تُقدّر بثمن» و102 مليون دولار
وصف لوران نونيز، وزير الداخلية الفرنسي، القطع المسروقة بأنها «لا تُقدّر بثمن» وأنها ذات «قيمة تراثية لا تُقاس»، لكن تقديرات لاحقة من السلطات وضعت قيمة مقتنيات معينة بحوالى 102 مليون دولار، وهو رقم قد يجعل هذه السرقة من بين الأغلاها في تاريخ المتحف. وعلى أي حال، تُشير السلطات إلى أن قيمتها المادية لا تغطي أهميتها لدى الشعب الفرنسي، كما أن الحكومة أفادت بأن القطع لم تكن مؤمّنة خاصًّا. من بين المسروقات المعلنة التي لم تُستعدّ بعد: قلادة من الزمرد تابعة للإمبراطورة ماري-لويز تحتوي على 1,138 ماسة؛ دبابيس (بروشات) لإمبراطورة أوجيني تضم أكثر من 2,500 ماسة مجتمعة؛ وتيارا كانت تزيّن الملكتين ماري-أميلي وهورتنس وتضم 1,083 ماسة و24 ياقوتة زرقاء.

خلل محتمل في أنظمة الأمن
تثار تساؤلات حول مدى كفاءة أنظمة الأمن في اللوفر. كشف تسريب لتقرير تدقيق حكومي أن أنظمة المراقبة كانت «متقادمة وغير كافية»، وأن ثلث كاميرات المراقبة في غاليري أبولون لم تكن تعمل، وأن المتحف تأثر بتسارع تآكل معداته التقنية بسبب الزيادة الكبيرة في أعداد الزوار. في المقابل، قالت راشيدة داتي، وزيرة الثقافة، إن «آليات الأمن في متحف اللوفر لم تفشل، هذا واقع»، فيما أكدت مديرة المتحف لورانس ديه كار أنها حذّرت عند توليها المنصب من ضرورة تعزيز البنية الأمنية، وأنها ستدلي بشهادتها أمام السياسيين.

يقرأ  إليزابيث ديني المديرة الجديدة لمعرض «أوتسايدر آرت» تتحدث عن دورها

السياسة حول السرقة
سارعت أوساط سياسية يمينية إلى تحويل الحادث إلى ساحة هجوم سياسي على اليسار، معتبرين أن ما حدث إهانة وطنية ودليلاً على تفكك سلطة الدولة. كتب جوردان بارديلّا، زعيم حزب التجمع الوطني، أن السرقة تشكل «إذلالًا لا يُطاق»، فيما رأَت مارين لوبان أن ضرب التراث الوطني يُعد «جرحًا في الروح الفرنسية» ودعت إلى تعزيز حماية المتاحف والمباني التاريخية.

سابقات سرقات في اللوفر
ليست هذه المرة الأولى التي يتعرّض فيها اللوفر لعمليات سرقة بارزة. في 1911 سرق فينتشنزو بيروجيا لوحة الموناليزا وعادت بعد عامين؛ وفي 1983 اختفت قطع من أقسام الأسلحة والدروع ولم تُسترد إلا عام 2021؛ وفي 1990 قطعت لوحة لرينوار من إطارها وسرقت. وحتى العام 1976 شهد سرقة سيف الملك شارل العاشر عند بزوغ الفجر، حيث استعمل اللصوص سقالة معدنية للوصول إلى الطابق الثاني — تفاصيل تكاد تتكرر مع الحادث الراهن.

مطالب بتدابير أمنية صارمة واستقالة قريبة
بعد أيام من الصمت، مثّلت لورانس ديه كار أمام مجلس الشيوخ الفرنسي، حيث أقرت بوجود نقاط ضعف أمنية في المتحف، وطلبت بحث إمكانية إقامة مركز شرطة داخل المتحف لتأمين محيطه الفوري. وأضافت أنها عرضت استقالتها على وزيرة الثقافة بعد الهجوم، لكن العرض رُفض.

تبقى الكثير من الأسئلة معلّقة: كيف لم يُكشف السرقة؟ كيف تمّت العملية في زمن قياسي وأمام زوار المتحف؟ ومع تواتر الأخبار من باريس ستتضح تفاصيل إضافية حول هذه السرقة التي صارت الحدث الأبرز في أسبوع عُقدت فيه فعاليات ثقافية هامة كنوافذ للانتباه العالمي.

أضف تعليق