الصدف أحيانا تلد لحظات جميلة، وفي عوالم الإبداع تولد عنها أعمال أكثر جمالًا. ومع ذلك، كما يقول المثل، كلما اجتهدت أكثر، ازداد حظك.
قبل عشرة أعوام، قدمت إيزابيل سيليغر ملفها الفني إلى جمعية فوليو، الناشرة للإصدارات الفاخرة من الكلاسيكيات. كانت الملاحظة التي تلقتها آنذاك أن أعمالها تفتقد الوجوه. لم تُجبر نفسها حينها على رسم الوجوه بالقوة، لكنها عملت فيما بعد على هذا الجانب حتى أصبحت رسامة بورتريه معروفة.
ننتقل الآن إلى أغسطس 2024، عندما وردتها استفسار من جمعية فوليو — حدث يثير الحماس بحد ذاته — لكن ما زاد من الدهشة أن التكليف كان لتوضيح رواية “كلارا والشمس” لكازو إيشيغورو، وهي رواية كانت إيزابيل قد أنهتها للتو عبر كتاب مسموع وتأثرت بها بعمق. هل كانت صُدفة؟ أم نتيجة للعمل المضني؟ مهما يكن، فقد أُغلِق الدائرة.
«إنها قصة استثنائية وخاصة، وكلارا ربما أروع شخصية قرأتها في حياتي»، تقول إيزابيل بحماسة. «أنهيت الاستماع إليها عندما وصلني تكليف من جمعية فوليو لتوضيح هذه الرواية بالذات! بدا الأمر شبه سريالي. كان العمل عليها مثيرًا جدًا لأن كتابة المؤلف لمستني بعمق، ولأني كنت أعلم أنه سيوافق على رسومي».
صدر هذا الأسبوع إصدار جمعية فوليو من “كلارا والشمس” مغلفًا بالقماش وذو صفحات نهائية معدنية ومزودًا بغلاف خارجي. تُحدد صورة الغلاف النبرة بلقطة حنينية لكلارا، الصديقة الاصتناعيّة في حكاية إيشيغورو، التي تراقب العالم مترقبة أن يشتريها إنسان فيكون لها صديقًا.
«كُلِّفت بتصميم الغلاف، والغلاف الخارجي، والصفحات النهائية، وسبع رسومات داخلية»، تشرح إيزابيل. «قرأت الرواية ثلاث مرات إضافية قبل أن أتمكن من اقتراح المشاهد الداخلية. قضيت أسبوعين على البحر أنقّب في النص وأرصد الضوء من حولي بتركيز شديد. ربما كنت مهووسة بالشمس كما كلارا. بالنسبة للرواية، أعطيت الشخصيات وجوهاً، وهو أمر وجدته تحديًا ومسؤولية كبيرة. لكن كان عليّ أن أتخلى عن الشكوك وأثق بحدسي».
يبدو أن أسلوب إيزابيل ونظرتها الإبداعية انسجما تمامًا مع هذه القصة تحديدًا، فسطعا على الصفحة وأعدّا القارئ للجو العام الذي تحمله الرواية.