الفنان البصري وراء هوية راديوهيد

أكسفورد، المملكة المتحدة — راديوهيد، الفرقة الإنجليزية الشهيرة التي باعت ما يربو على ثلاثين مليون نسخة وأصبحت أيقونة ثقافية، لا تحتاج إلى مقدمات — ومع ذلك يصرّ البيان الصحافي الممجد لمعرض «هذا ما تحصل عليه» على سرد السيرة، كما لو أن الأمر يستدعي توضيحاً. أما ستانلي دونوود فبحاجة إلى تعريف. على مدى أكثر من ثلاثين عاماً عمل الفنان بتعاون وثيق مع مطلق الفرقة توم يورك بينما كان الأخير يصوغ موسيقاه. اللوحات التخطيطية، الكولاج، والمفكرات المعروضة تكشِف حواراً بصرياً مستمراً بينهما، وتوضح كيف تبلورت ملامح أغلفة الألبومات قبل أن تُعرض على جمهور مشترِي الأسطوانات. سيتدفّق عشّاق الفرقة بشغف لرؤية طرق العمل هذه في الوقت الحقيقي، بقدر ما سيستمتعون بالإصدارات النادرة من الفينيل المعلّقة على جدران القاعة التمهيدية، وبكلمات الأغاني المكتوبة بخط اليد مثل «كارما بوليس» (1997)، وبأعمال الغلاف الأصلية نفسها.

تذكر أول غرفة في المعرض إيمان يورك ودونوود بمتجر التسجيلات كـ«معرض ديمقراطي… مستوى من الظهور لا يحلم به معظم الفنانين المعاصرين». هذا يقترب من صميم مسألة لماذا تبدو الأعمال — الكولاجات التجريبية المشتغلة على الرسم التفصيلي والألوان الزاهية والمعالجة الرقمية — غريبة ومبتكرة، وتتنقّل بين أفكار متشعّبة ومعقّدة كما تفعل كلمات الألبومات. الفنانين المعاصرين لا ينالون هذه الرفاهية التلقائية من الظهور. وعلى الرغم من تأكيدات المعرض بأنه بعيد عن الاعتبارات التجارية — «[كانت الأغلفة] دوماً تُصنع كأعمال فنية، لا كسلع بحتة» — فإنها بطبيعتها تُصمَّم كوسيلة بصرية للموسيقى لا كغاية مستقلة. لذا ستباع بغض النظر عمّا تبدو عليه.

من هذا المنظور، تمثل شراكة دونوود ويورك مثالية يوتوبية لصُنع الفن: التحرّر من مطالَب السوق. هما يجسِّدان اللعب الخلاق؛ يأخذان الكلمات كنقطة انطلاق، يتبادلان الرسومات السريعة، الخربشات، النكات الداخلية والإشارات، ويفكران بخيال جريء — مثل تصوير المسيح وهو يحتسي بيبسي أو رائد فضاء في حقل — ويبنيان على عمل بعضهما بعضاً بشكل عضوي. طبعاً، الذكاء التجاري الصارم لراديوهيد وحمايتها الشديدة لمصالحها، مثل أساليبها المحاسبية المتشعّبة، هو ما مكّنهم من حريات مثل إصدار ألبوم بنظام «ادفع ما تشاء»، ناهيك عن الحرية الإبداعية التي لا يحظى بها معظم الفنانين. وتمتد هذه القدرة على تحدي الأعراف إلى التنسيق المعروض؛ فقد نظّم دونوود ويورك هذا العرض بالتعاون مع متحف الاشمولان، وهو مُقسّم ببساطة ولكن بطريقة منهجية بحسب الألبومات (باستثناء «بابلو هاني» سنة 1993 — يبدو أنهما يفضلان عدم إبراز ذلك العمل).

يقرأ  الفنان الذي أشعل غضب البيت الأبيض بلوحاته عن الدكتور أنتوني فاوتشي

تشكّلت راديوهيد في أكسفورد، وربما لهذا السبب طُوِّر المعرض في متحف آشمولان، رغم أن الصلات تتوقّف عند هذا الحد غالباً — على عكس، مثلاً، معرض عن جوى ديفيجن في مانشستر، بالنظر إلى الدور المحوري لتلك الفرقة في تاريخ مشهد «مادشستر» الثقافي في ثمانينيات وتسعينيات القرن الماضي. توقيت المعرض أكثر قابلية للفهم أيضاً: فقد أعلن راديوهيد عن أول جولة جديدة له منذ سبع سنوات، لكن براعة الفرقة التسويقية تقف الآن في مواجهة تزايد السخط العام — حركة مقاطعة وسحب الاستثمارات وفرض العقوبات دعت المعجبين إلى رفض شراء تذاكر حفلات الفرقة احتجاجاً على مشاركة العازف جوني غرينوود مؤخراً في عروض بتل أبيب بينما تستمر إسرائيل في ارتكاب ما وصفته تقارير دولية بـ«إبادة جماعية» في غزة.

كيف سينظر غير الموالين إلى الأعمال، التي تتراوح أحياناً بين الطرافة، العدمية، ومعادات الترويج التجاري — سمات متكررة في موسيقى راديوهيد؟ مجدداً، الموسيقى — وبالتحديد الكلمات — هي التي تنمو معها الصورة البصرية؛ من دونهما قد ينظر المرء إلى الدوامة اللزجة لمينا غلاف «مون شَيْبْد بول» (2016) أو إلى لوحة «ريث» (2015) ويرى، ببساطة، بركةً على شكل قمر بلا سياق. وبالمثل، قيل لنا إن أعمال «كينغ أوف ليمبز» (2011) نشأت من شجرة بلوط ضخمة في غابات سافيرنيك في ويلتشاير؛ مع ذلك ثمة ثراء من المعاني خلف صور الأشجار المكدّسة الملوّنة بالزهو، وهو ما يفتقده المستمع غير المطّلع. فالموسيقى والصور تشكلان نصفين لكُلٍّ واحد، ومعنى ذلك أن غير المألوفين بالأول يفقدون جزءاً من التجربة. ومع ذلك، بالنسبة لغالبية الزوّار سيكفيهم رؤية النسخ الأصلية لأغلفة الألبومات على الجدران كحِجّ بصري بحد ذاته. ومع جحافل المعجبين خلفهم، هذا فن مُنحَ تمريراً مجانياً يحلم به كثير من الفنانين.

يقرأ  أوثرواي تمنح روبن للذكاء الاصطناعي هوية دافئة وملموسةوتقلب السرد السائد في التكنولوجيا القانونية

يستمر معرض «هذا ما تحصل عليه» في متحف آشمولان للفن والآثار (شارع بومونت، أكسفورد، المملكة المتحدة)، ومنسقته لينا فريتش بالتعاون مع ستانلي دونوود وتوم يورك، حتى 11 يناير 2026.

أضف تعليق