استخدم عالِمان التأريخ بالكربون المشع لتحديد فترة حكم الملك أحمس، المعروف باسم نببيحتير، ما أتاح للباحثين إمكانية فهم أدقّ للأحداث المذكورة في سفر الخروج وللانفجار البركاني في بحر إيجة.
نُشِر البحث الشهر الماضي في مجلة علمية محكَّمة، وأجراه هندريك ج. بروينز من جامعة بن غوريون في النقب، ويوهانس فان دير بليخت من جامعة خرونينجن.
يناقش العمل تسلسلَ زمنيّاً ثوران بركان ثيرا-سانتوريني، الحدثُ الذي استُخدِم كمصدر لرواياتٍ أسطورية كقصة أطلانتس ولتفاسيرٍ محتملةٍ للحادثة المذكورة في النصوص التوراتية حول خروج بني إسرائيل من مصر.
رغمَ أن البركان يقع على بعد نحو 75 ميلاً شمال جزيرة كريت، فقد وُجِدَت قطع خفيفة من حجر الخفاف الناتج عن الثوران في مناطق من فلسطين ومصر الحديثة. وكانت التقديرات السابقة تضع تاريخ الثوران حوالَي القرن الخامس عشر قبل الميلاد (نحو 1500 ق.م).
كان أحمس مؤسس الأسرة الثامنة عشر وباني عصر المملكة المصرية الحديثة، تلك الفترة التي عادت فيها مصر لتزدهر بعد قرونٍ من الاضطراب. وتصف مسلّة العاصفة (Tempest Stela) حدثاً مناخياً كَثِفَ بعضُ الباحثين بأنه قد يُشيرُ إلى ثوران ثيرا.
من أجل ربط هذين التسلسلين الزمنيّين المحتملين، أجرى الباحثان تحاليل تأريخ بالكربون على آثار مرتبطة بأحمس من مجموعات المتحف البريطاني ومتحف بيترى لدراسات مصر والسودان في كلية الجامعة لندن، إضافة إلى بذورٍ وغصون محروقة جرى استعادتها من طبقات الرماد الناتجة عن الثوران، ثم قُورِنت النتائج ببعضها البعض. كما خضعت عينات من الاثار الخشبية ونماذج الشابتي (تماثيل الدفن) للاختبار.
أوضح بروينز أن أهم أثرٍ كان لبنة طينية استُخرِجت حوالي عام 1900 في معبد أحمس بأبيدوس في صعيد مصر، ومُخَتَّمة باسم عرش الملك نببيحتير. قال إن شيوع اسم “أحمس” آنذاك كان يجعل الربط بالإسم وحده غير كافٍ، لكن ختم اسم العرش وفّر الدليل الذي سمح للباحثين بربط تلك القطعة تحديداً بهذا الملك.
استخرج الفريق قطعة قش كانت مدخولة في اللَّبِنة أثناء بنائها لتقويتها، فأرشد تأريخ الكربون المشع إلى أن بناء معبد الملك يعود إلى حوالَي 1517 أو 1502 قبل الميلاد.
يُصوِّر المعبد مشاهد معارك أحمس ضد مملكة الهكسوس التي كانت تحكم دلتا مصر قبل توحيد البلاد تحت حكمه؛ ومن ثمّ تُشير بيانات اللَّبِنة إلى أن تاريخها يعود إلى مرحلة ما بعد الحرب، ضمن فترة حكمه.
درس الباحثان أيضاً ستة شابتيات خشبية تمثل محنّطين مصغّرين كانوا يوضعون مع الموتى في المقابر. حملت إحدى الشابتيات اسم شخصية مذكورة على قبر هام في صعيد مصر بوصفه عَمِيد طيبة، وقد شمل حكمه جزءاً من عهد أحمس وعهد ابنه أمنحوتب الأول. وقد أتت نتيجة تأريخ تلك الشابتي قريبةً جداً من نتيجة تأريخ لبنة المعبد، مما أكّد ترابط العينتين.
تُشير تحليلاتهما إلى أن ثوران ثيرا-سانتوريني وقع قبل التاريخ المُعتاد بنحو 60 إلى 90 سنة. كما خلُصَ الباحثان إلى أن مسلّة العاصفة تَخُصُّ حدثاً مناخياً آخر غير ثوران ثيرا. وبناءً على ذلك، يضعان صعود أحمس على العرش في النصف الثاني من القرن السادس عشر قبل الميلاد، ويُشكِّل هذا البحث أول مقارنة مباشرة باستخدام تأريخ الكربون المشع بين هذين التسلسلين الزمنيّين.