القطع البرونزية الصينية: حين يتلاشى الخط الفاصل بين الأصل والنسخة

قبل أربعة آلاف عام انطلق في الصين عصر البرونز. على مدى القرون التالية، ومع تمركز القوة العسكرية والسياسية في منطقة نهر الأصفر، صُنعت تماثيل ومصنوعات برونزية للقبور والطقوس، واستُخدمت كأسلحة ووسائل دفع، ولتأكيد شرعية ومكانة وثروة قادة الأسر الحاكمة. حوالى ألف سنة مضت، في نحو سنة 1100، أعاد الإمبراطور هويزونغ من عهد سللادة سونغ اكتشاف آثار هذه الأواني، فأشعل حركة إحياء لصب البرونز وسعى لاستعادة فضائل الماضي، على نحو يوازي استعادة القيم الكلاسيكية في الغرب خلال الــرينسانس. لكن بينما نَعتبر عصر النهضة في الغرب عصرًا ذهبيًا مستقلًا لا مجرد تقليد باهت للآيدئولوجيا الإغريقية-الرومانية، كثيرًا ما تُختزل موجة الإنتاج الثانية للأواني البرونزية الصينية باعتبارها نسخًا أو حتى تزييفًا.

عنوان المعرض في متحف المتروبوليتان للفنون، “إعادة صبّ الماضي: فن البرونز الصيني، 1100–1900″، يسعى إلى استعادة القيمة الفنية لهذه البرونزات اللاحقة عبر قطع من مجموعات المتحف وقروض من مجموعات أوروبية وآسيوية، إضافة إلى لوحات وخط وفخار ولاكير وياقوت تكمل سردًا زمنيًا في معظمه. القطع المعروضة، بين ما يثير الدهشة وما يبهج، تأخذنا بفاعلية عبر ابتكارات البرونز في عهد يوان، وإعادة توظيف البرونزات في عهد جين الذي قادته قبائل الجورشن، وتصريف هذه المصنوعات نحو اليابان الوسيطة لاستخدامها في مراسم الشاي، وبراعة البرونزات في عهد مينغ، وغير ذلك. ومع ذلك، يقع المعرض أحيانًا في فخ ذاته — إذ يبالغ في إبراز تفرد قطع معينة كما لو أنه يدعم أهمية المعرض بتهميشه قطعًا أخرى واعتبارها نسخًا رخيصة، رغم هدفه المعلَن بإعادة تأهيل تلك الأعمال.

يسار: فنان مجهول، مبخر (حوالي القرنين الثاني عشر-الثالث عشر)، سبيكة نحاسية، مستوحى من مسخنات الخمر البرونزية الكبيرة المستخدمة في عهد هان (206ق.م–220م)؛
يمين: فنان مجهول، مبخرات ثلاثية الأرجل (نحو أواخر القرن الحادي عشر–بدايات الثاني عشر)، خزف مطلي (مختلفة بطبقة رُو — Ru ware).

يقرأ  طبقاتأبداعات إريك جونز

يعترف المعرض بأن شكل بعض القطع وزخرفتها تتبع نماذج عتيقة عن كثب، لكن القيمين يكرسون جهداً أكبر لعرض الأعمال بين القرنين الثاني عشر والتاسع عشر التي جمعت عناصر من البرونز العتيق واتجهات معاصرة. تشرح بطاقة الجدار أن مبخري طقوس من عهد سونغ مُصممان على غرار مسخنات الخمر العتيقة، لكنهما أصغر حجمًا كدلالة على تكييفهما للاستخدام كـمباخر لا كمسخنات خمر. إحداهما مطلية باللون الأزرق الباهت المعروف بطلاء رو، وهو لون أيقوني ونادر في الخزف الصيني وابتكار مرتبط بعهد سونغ.

في مواضع أخرى، يظهر مطرّق ماء من القرن الرابع عشر على شكل ضفدع ثلاثي الأرجل؛ وحامل فراشي من القرن السابع عشر على هيئة جذع شجرة؛ وواقف مرآة على شكل أرنب أسطوري قاطن للقمر، يتيح للمشاهد النظر في المرآة أعلاه والتخيل أنها رفيقته الأيقونية، إلهة القمر. مثل هذه القطع تنزع جانبًا من جديّة المعرض المليء بالتاريخ والمصطلحات المتخصصة — حيث تتطرق بطاقات الجدران إلى «تطعيم حديدي»، و«شَُرَحات مُطاولة»، و«كلوزونيه»، و«شامبلڤيه» — فتجعل التجربة مرحة ومجزية في آن واحد.

يسار: فنان مجهول، مرآة (حوالي القرن الثاني عشر)، سبيكة نحاسية؛
يمين: فنان مجهول، قاعدة مرآة على شكل أرنب (حوالي القرن السادس عشر–السابع عشر)، سبيكة نحاسية مطلية بالذهب الجزئي.

توترٌ لم يُحلّ في المعرض يتعلق بتعارض جوهري بين مفهوم المتحف الحديث، الذي يقدّس الشيء الوحيد القابل للتحديد ومنسوب الصنع، وبين تقليد صيني احتفى بالنسخ حتى القرن العشرين على الأقل كقيمة محترمة. فقد صاغ المؤرخ في القرن السادس شيي خه مبدأ «النقل بالنسخ» كواحد من مبادئ الرسم الصيني الستة، بينما رأى الفيلسوف تشاو منغفو في عهد يوان أن تقليد أعمال الماضي العظيمة يضمن استمرار الثقافة بشكل عضوي. في ورش صناعة البرونز والخزف، كان تُنقش الأسماء كضمان للجودة لا لتمييز عمل فردي باعتباره توقيع فنان واحد. (ومن الطريف أن هذا الانقسام أحدث من المتوقع؛ فقد امتلأت المتاحف الأمريكية المبكرة بنسخ مصنوعة يدويًا من أعمال أوروبية.)

يقرأ  «عوالم الأرواح» تُضيء سَعْيَنا الخالد لفهم ما وراء الطبيعة

في المعرض، ورغم أن بعض مجموعات أدوات الكتابة المتطابقة لمحاكم إمبراطورية تحمل علامة تفيد بأنها «تحاكي القديم»، توضح البطاقة أنها «لا تشبه الأعمال القديمة إلا قليلاً». من أروع القطع في العرض — في منتصفه تقريبًا — مصباحان على شكل أقدام أوز (كما يوحي الاسم: مصابيح على هيئة أقدام الأوز) يعودان إلى الثلاثينيات قبل الميلاد، إلى جانب نسخٍ تعود إلى القرن التاسع عشر. تُبلغنا بطاقة الجدار أنهما كُلفا من قِبل «أحد أشهر علماء الآثار وتجار التحف في زمانه»، لكنها تؤكد أن نقشهما «يبين أنهما صنعا تكريمًا فنيًا لا تزييفًا». فما الذي يفرّق بين «تكريم» و«تزوير»؟ هل كانت الأعمال العديدة التي حاكى بها الإمبراطور هويزونغ برونزات الماضي تزويرًا؟ بتطبيقه هرمية معيارية معاصرة على تقليد ذي قيم مختلفة، يعيد المعرض بالفعل صبّ الماضي بصيغة جديدة.

يسار: فنان مجهول، مطرّق ماء على هيئة مخلوق أسطوري (القرن السادس عشر–السابع عشر)، سبيكة نحاسية مع نحاس مطعّم بالفضة؛
يمين: فنان مجهول، مطرّق ماء على شكل مخلوق أسطوري (القرن الثامن عشر)، خزف مع طلاء شبيه بغبار الشاي.

يسار: فنان مجهول، إناء طقوسي (زون) (حوالي 1736–1795)، خزف بطبقة حمراء؛
فنان مجهول، حافظة فراشي على شكل جذع شجرة (حوالي 1641)، خشب.

فنان مجهول، طبق بنقش طيور الطاووس والفاوانيا (بداية القرن الخامس عشر تقريبًا)، لاكير أحمر منحوت.

يسار: فنان مجهول، سودهانا (شانزاي تونغزي) (1641)، سبيكة نحاسية مطلية بالذهب؛
يمين: فنان مجهول، مزهرية سهام مزينة بتنانين وسط الغيوم (حوالي القرن الخامس عشر–السادس عشر)، سبيكة نحاسية.

فنان مجهول، مطرّق ماء على شكل ضفدع ثلاثي الأرجل (حوالي القرن الرابع عشر)، سبيكة نحاسية.

يسار: فنان مجهول، إناء طقوسي (حوالي 1736–1795)، خزف بتزيين منخفض تحت طلاء أصفر (خزف جينغ ديتشن)؛
يمين: فنان مجهول، إناء طقوسي (حوالي 1736–1795)، سبيكة نحاسية.

يقرأ  خرج أكثر من ٨٫٣ ملايين شخص من دائرة الفقر في المكسيك خلال الفترة بين عامَي ٢٠٢٢ و٢٠٢٤

يسار: فنان مجهول، مبخر ثلاثي الأرجل (حوالي 1736–1795)، طلاء كلوزونيه، سبيكة نحاسية مطلية بالذهب؛
يمين: فنان مجهول، جرس داخه، نغمة جياژونغ (حوالي 1105؛ نُقِش عليه لاحقًا). رقم القطعة: 1174 — المادة: سبيكة نحاسية

يستمر معرض «إعادة صهر الماضي: فنون البرونز الصيني، 1100–1900» في متحف المتروبوليتن للفنون (5000 الجادة الخامسة، الحي الشرقي العلوي، مانهاتن) حتى 28 سبتممر. أشرف على تنسيقه بينغليانغ لو.

أضف تعليق