اختُتمت “أسبوع الأمم المتحدة الكبير” حين انعقدت الجمعية العامة سنوياً، لكن فعاليات مهمة في الجسم الدولي لا تزال مستمرة هذا الأسبوع. يوم الثلاثاء اجتمع المجلس التنفيذي لليونسكو—الذراع الثقافي للأمم المتحدة المكلف بحماية مواقع التراث العالمي وتعزيز التعاون الدولي في مجالات التعليم والفنون والعلوم والثقافة—لاختيار مديرها العام الجديد.
في تصويت حاسم رشّح المجلس مرشحاً واحداً فقط: خالد العناني عزّ. وخلال كلمة لها، أشادت سيمونا-ميرِيلا ميكوليسكو، رئيسة المؤتمر العام لليونسكو، بـ”التفانِي الثابت” للعناني وحملته الطويلة التي امتدت عامين وزار خلالها 65 دولة، مؤكدة أن شعاره الحاسم “اليونسكو للشعب” قد لاقى صدى واسعاً. وأضافت أن تلك الكلمات الأربع تشكّل بوصلة أخلاقية ووعداً بالإنصاف واحترام كرامة الإنسان وامتناعاً عن جعل السياسة تتصدع عن المبادئ، وأن رؤيته تطمئن بأن المنظمة ستمضي في مهمتها بوضع الإنسان أولاً والدفع قدماً بالسلام والتنمية المستدامة للجميع.
العناني، البالغ من العمر 54 عاماً، شَغَل منصب وزير السياحة والآثار في مصر بين 2019 و2022، وهو أستاذ علم المصريات في جامعة حلوان بالقاهرة. قبل ذلك تولى وزارة الآثار منذ 2016 وحتى دمجها مع وزارة السياحة عام 2019، كما تولى إدارة المتحف المصري بالقاهرة والمتحف القومي للحضارة المصرية. خلال عمله في الحكومة أشرف على بناء وتجديد أكثر من عشرين متحفاً، كثيراً بالتعاون مع اليونسكو، وكان له دور محوري في تطوير مشروع المتحف المصري الكبير، المؤسسة التي كلفت مليار دولار والتي افتُتحت جزئياً العام الماضي على أن يقام افتتاحها الكبير في نوفمبر.
العناني هو أول مدير عام عربي، وسيشغل هذا المنصب في ظرف بالغ الحساسية للمنظمة. فقد وجّهت اليونسكو اهتمامها إلى نزاعين رئيسيين مستمرين—في أوكرانيا وغزة—اللذين شهدا مستويات غير مسبوقة من تدمير المواقع الثقافية، لا سيما بفعل روسيا وإسرائيل على التوالي.
في فبراير من هذا العام، أفادت اليونسكو بتضرر 341 موقعاً ثقافياً في أوكرانيا منذ اندلاع الحرب في فبراير 2022، منها 26 منشأة دينية و150 بنية ذات أهمية تاريخية أو فنية و31 متحفاً. وفي العام التالي تعهدت أودري أزلاي بمبلغ يزيد على عشرة ملايين دولار لمشروعات الإعادة والإصلاح.
وفي يونيو خلُص تحقيق أجرته لجنة أممية إلى أن الهجمات الإسرائيلية على المواقع الثقافية والدينية في الأراضي الفلسطينية المحتلة ترقى إلى جرائم حرب وجريمة إبادة ضد الإنسانية. ولأن عدد الهجمات على المواقع التراثية بلغ 110 هجمات منذ 7 أكتوبر 2023، بحسب اليونسكو، فإن ذلك يعكس “تجاهلاً واضحاً لمعتقدات الشعب الفلسطيني الدينية وثقافته وتراثه ويقوض هويته”.
تعرضت اليونسكو أيضاً لانتقادات لاذعة من إدارة ترامب التي اتهمتها بمنح منبر لقضايا اجتماعية وثقافية “مُفرقة”، ووجهت لها اتهامات بانحياز معادٍ لإسرائيل، وهو نفس الادعاء الذي طالت به إسرائيل المنظمة. وأشارت تقارير إلى أن العناني سيخلف أودري أزلاي، التي كانت أول مديرة عامة يهودية للمنظمة وانتُخبت في 2017. وفي يوليو أعلن ترامب أن الولايات المتحدة ستنسحب من اليونسكو بنهاية 2026، خطوة قد تُلحق ضربة مالية قاسية بالمنظمة.
وعلى الرغم من أن العناني يتمتع بمؤهلات قوية—فقد أشارت اليونسكو إلى أنه أدار أكثر من ألفي موقع أثناء توليه الوزارة—إلا أن ترشيحه أثار نقاشات في إسرائيل حول استمرار ما تُسمى بالانحياز المعادي لإسرائيل. من جهته، قال العناني للصحفيين بعد التصويت إنه سيجتهد لإجراء “مداولات تقنية” بدلاً من تسييس المنظمة.
لا يزال يتعيّن على الجمعية العامة لليونسكو أن تؤكد اختياره في نوفمبر، رغم أنه لم يسبق لها أن رفضت قرار المجلس التنفيذي.