أحب فكرة أن يكون الأزرق بجانب الأصفر لينتج الأخضر، وهكذا. إذا كان هذا يندرج تحت خانة الانطباعية أو أي تيار آخر فلا بأس — الأمر جميل بطابعه.
هل تحدّد لوحة ألوان مقيدة طريقة مقاربتي للّوحة؟ باختصار: أحياناً نعم، وأحياناً لا. لستُ متأكداً تماماً مما لو أني سأتصرف بطريقة مختلفة لو توفرت كل درجات الألوان الممكنة؛ قد أستطيع إعداد أربعة نسخ مختلفة من كل لون وجعلها تعمل معاً. المسألة الحقيقية عندي تكمن في الألوان الترابية والخضراء: يجب أن أتوخى الحذر فيها وغالباً لا أستعملها بحرية. أستعمل بنياً واحداً فقط، وهو نقي لا أخلطه بالبيض أو بالمواد البيضاء. لو حاولت خلط كل هذه التدرجات بنفسي ربما لا ألتقط الفوارق الدقيقة — لأنني أعاني من عمى الألوان وهذا ما يُجبرني على الرسم بالطريقة التي أرسم بها.
في بعض الأعمال قد تبدو تقنيات الرسم عندي قريبة من الانطباعية، وفي خلفيات معيّنة تلمح إلى التّنقيطية أحياناً. أنا أحب التفاصيل: الوجوه، الأيادي، محاولة الوصول لأكبر قدر من الدقة واللون والتمام. وفي المقابل، تطورت الخلفيات ومناطق أخرى لتكتسب إحساساً أكثر تجريداً؛ وحتى اللوحات المبنية على الواقع صار لها بعد تجريدي في بعض العناصر.
اكتشفت تقنية الألوان المائية هذه قبل سنوات عندما كنت أعجز عن إنهاء الخلفيات: كان البورتريه مكتملاً لكن الخلفية لا تنجز. سرعان ما أدركت أنه أحياناً يجب أن تترك بعض الأشياء تتنفس، وها هو مولد الخلفيات المتقطرة أو المتناثرة. أضع اللوحه مستلقية، أضع طبقة شفافة رقيقة ثم أرش أو أرُشّ لوناً أو ثلاثة فوقها. عبر طبقات متعددة تحصل على نتائج مثيرة. ما أحاول فعله الآن هو الحفاظ على العشوائية المتقطرة وتطبيقها على عناصر من العالم الحقيقي: القماش، الغيوم، الأرض، أي شيء. أحب فكرة استعمال فرشاة دقيقة لرسم قزحية العين وملامح الوجه، ثم فرشاة كبيرة لرمي اللون وجعل العنصرين يعملان معاً بتناغم.
أنا لا أفكر بموجب التصنيفات الحركية؛ أفعل ما أريد وما يخدم اللوحة، وإذا جذب ذلك اهتمام المشاهد فهذا رائع. أحب الألوان الزاهية، وفكرة الأزرق بجانب الأصفر لإنتاج الأخضر تبدو لي بديهة ممتعة. إن انتمى ذلك لانطباعية أو لتيار آخر فهذا أمر مرحّب به.
أحب كذلك كيف أن الانطباعية والحركات اللاحقة منحَت الفنان حرية أكبر في التعبير. أن تأخذ لوحة ألوان مشرقة قريبة من أكوام القش المرسومة بألوان صارخة مثلاً، وتستعملها في بورتريه — فكرة كهذه مُرضية وتأخذني بسعادة.
خلفيات الأعمال الأخيرة صارت لها شخصية قائمة بذاتها؛ أحياناً أغوص فيها بلا وعي وأتوه في تفاصيلها. هذا شعور لطيف — شكراً لذلك. كانت فرحة حقيقية أن أطور هذه التقنية بحيث تُكمل الموضوع ولها شخصيتها المستقلة. هدفي أن أضيف ثِقْلاً درامياً للّوحة، وأن أمنح الموضوع إحساساً واقعياً مثيراً دون أن يكون مظهراً كلاسيكياً محافظاً. لديّ آراء صارمة حول شكل ضربات الفرشاة: أريدها محددة، منجزة، ومتحكم بها، لا فوضوية أو ناقصة الانجاز. والغريب أن الرشّ والتموج اللوني، مع أنه بحد ذاته طابع رسماني، لا أشعر بأنه يندرج تحت الفوضى؛ أنا أسعى للإنهاء والسيطرة وفي رأيي خلفياتي تفي بهذه المعايير. إن استطاع المشاهد أن يضيع هناك قليلاً فذلك انتصار كبير عندي، وخصوصاً في الأعمال الأحدث التي تحمل مزيداً من المناظر الطبيعية.