بين القرنين الثاني عشر والثالث عشر، كانت مدينة بولونيا مشبعة بأبراج حجرية عالية ومحصنة، بلغ ارتفاع بعضها حتى نحو 97 متراً.
رافقت هذه الأبراج بوّابات محصنة تُعرَف باسم “تورِسوتّي” — بقايا أسوار المدينة من القرن الثاني عشر التي اختفت معظمها مع مرور الزمن. لمْ تكن إقامة برج عملية سريعة؛ حتى مع عمل الفلاحين المُسَيَّرين كانت عملية البناء بطيئة، فكان تشييد برج بطول ستين متراً يستغرق عادة من ثلاث إلى عشر سنوات.
كانت قواعد كل برج مربعة وعميقة ومدعمة بِأوتاد خشبية، وجدرانها مبنية بطريقة “a sacco” — بطبقة داخلية سميكة وقشرة خارجية أرق مملوءة بالحجارة والملاط. تُركت فتحات مقصودة في الجدران لدعم السقالات وإمكانية إضافة عناصر خشبية لاحقاً.
لا يزال عدد الأبراج التي كانت تعج بها بولونيا محل نقاش، فقد قدّم التقدير المبكّر للكونت جيوفّاني غوتسادّيني رقماً قد يصل إلى 180 برجاً، استناداً إلى أرشيفات المدينة وبغية رفع شأنها التاريخي. اعترض باحثون لاحقون على منهجيته، مشيرين إلى أن التكرار في الإشارات القانونية قد ضخّم العدد فعادوا فقيّموا العدد الحقيقي بمنحى يتراوح بين 80 و100 برج.
لا تزال الدوافع الدقيقة لبناء هذا الكم من الأبراج غير واضحة بالكامل؛ يذهب بعض المؤرخين إلى أن العائلات الثرية كانت تستخدمها لأغراض دفاعية أثناء الصراعات السياسية مثل نزاع التتويج (Investiture Controversy). اليوم، لا يتبقّى من تلك الأبراج إلا أقلّ من عشرين، بينها برجا أسينيلي وغاريسيندا، اللذان يظلان رمزين بارزين لأفق بولونيا في العصور الوسطى.