لِنّيا إليانور «باني» ييغر كانت تجسيداً لتناقضات أميركا في منتصف القرن العشرين. المصورة التي توفيت عام 2014 عن عمر ناهز الخامسة والثمانين، كانت إمرأة مُغريات وعاكسة للأنظار وفي الوقت نفسه سيدة منزل ضاحوية؛ معيلة نشيطة وأم لطفلين؛ خالفت الأعراف الاجتماعية المفروضة على النساء في زمنها، ومع ذلك كانت متزوجة من ضابط شرطة. فضلاً عن ذلك، كانت واحدة من أنجح مصوري الـ«بن‑آب» أو ما كان يُسمى حينها «تشيز كيك».
وثائقي دينس شول وكريم تابش المعنون «الطموح العاري» يقدّم تحية لييغر بينما يكشف عن الضُيُق المهني المحدود — والحدّ من طموحات النساء — في عصرها. مثلما كانت لي ميلر قبلها عارضة أزياء معتادة على الأداء أمام الكاميرا، عرفت ييغر كيف تتعامل مع الموضوع المصور؛ غير أن ميلر أنتجت بعض أهم أعمال التصوير الصحفي خلال الحرب العالمية الثانية، بينما بنَت ييغر مسيرة على تصوير «قنّيات الجمال» على الشواطئ أو تعانق الفهود ذات الفراء الذي يتماشى مع البكينيات الرفيعة للنماذج.
أقرب مثال إلى ذلك هي بورتريهاتها لعام 1954 لبيتي بايج في حديقة سفاري قرب ميامي بيتش. سواء كانت تنظر بخجلٍ فوق كتفها أو تتأرجح من شجرة وسكين بين أسنانها، تبدو بايج كأنها تستمتع بوقتها، مرتاحة في بشرتها المسمرة وفخورة بجسدها النحيل والممتلئ. هذه الصور، التي أرسلتها ييغر إلى مجلة بلاي بوي، كانت بوابة انطلاق للنجومية لكلتاهما وأساس تعاون فني متواصل. النشر المتكرر لأعمال ييغر في المجلة — وترويجها الشخصي للماركة — أدى الى فترة من الشهرة والثراء احتفى بها الفيلم بلا تردد.
في عنوانه كما في سيرته، يوحي «الطموح العاري» بأن كل ما قامت به ييغر كان جديراً بالمديح بفضل روح المبادرة فيه. لا جدال في أنها كانت موهبة مجتهدة تجرأت على أن تكون مصورة في زمن قلّت فيه النساء المتفوقات في هذا المجال. لكن هل يجعلها ذلك فنانة نقدية بحدّ ذاتها؟ من حيث مجموع أعمالها الأكبر، أميل إلى التحفّظ. ييغر بدت غير مهتمة بصنع «فن» بالمفهوم التقليدي؛ لكنها كانت حريصة بدقة على صناعة صور تجارية جذابة وساحرة. وما لا يمكن إنكاره أن منهجها المُركّز على النساء أنتج أرشيفاً رائعاً، حيث يبدو الموضوع العاري غالباً كـ«ذات» موضوعية بقدر ما هو غرض جنسي. «كنتِ تحسّين وكأنك مع صديقة»، هكذا تذكّر ناني ماكا، إحدى العارضات السابقات، من تصرّفات المصورة المرحة.
رغم نبرة الإشادة التي تكتسي بها السيرة، ينجح الفيلم حين يفحص كيف أنّ نهج ييغر المبتهج تجاه تصوير عري النساء كان متناغماً مع رفضها لأصولية منتصف القرن. حتى ولو انحازت صورها أكثر لمبادئ التصوير التجاري منها للّبس الفنى الراقي، فإنّ بورتريهاتها من نوع «البن‑آب» تعمل كبصمات زمنية لعصرٍ فصل فيه المجتمع بين الجنسانية الأنثوية وظهور «النساء المحترمات». كما تذكّرنا بأن النساء يجدن متعة حقيقية في فعل الوقوف أمام الكاميرا، في أن تكنّ في أجسامهنّ ويعلمن أن هذا الجسد يُعتبر جميلاً. كما قالت العارضة مارشيا فاليبوس، التي توفيت بعد انتهاء الفيلم: «بدا أنني أستمتع فعلاً».
الفيلم «الطموح العاري» يُعرض حالياً في دور عرض مختارة على مستوى البلاد.