تحفة إيغون شيله المكتشفة من جديد قصة تكاد تكون حقيقية

في عام 2005، أعيد اكتشاف لوحة إيغون شيلي لعام 1914 المعنونة «زهور عباد الشمس الذابلة (شمس الخريف الثانية)» بشكل مفاجئ في شقة قرب مدينة مولوز الفرنسية على مقربة من الحدود الألمانية، بعد أن كانت قد صودرَت من قِبل النازيين وفُقدت لما يقرب من سبعين عاماً. لم يكن القاطنون يدرون شيئاً عن أهميتها، واعتقد خبيران من دار كريستيز اللذان حضرا لتقييمها أنها مجرد نسخة مقلدة. أعيدت اللوحة إلى أحفاد كارل غرونفالد، صديق شيلي ومالكها قبل سرقتها، وعُرضت في المزاد العام في العام التالي فاشترتها قاعة العرض في نيويورك «إيكين ماكلين» بمبلغ 11.7 مليون جنيه إسترليني (نحو 22 مليون دولار حينها). هذه الحكاية تشكّل الأساس الدرامي للفيلم الجديد «المزاد»، الذي يغطي عظام الوقائع بطبقات من المبالغة الميلودرامية ليصوغ رؤيته لعالم الفن.

تبدو بعض الشخصيات والحبكات المختلَقة أقرب إلى محاكاة ساخرة لأيقونات السينما الفرنسية المهذبة ذات الطابع المتوسط. ماذا لو كان الخبيران اللذان قدما لتقييم اللوحة مطلّقان لكنهما لا يزالان يعملان معاً بود؟ ماذا لو كان أحدهما مرتبطاً سراً بعلاقة عاطفية مع محامية تمثل العامل المصنع الذي يملك اللوحة حالياً؟ ماذا لو كان المتدرب لدى الآخر—وهذه نقطة محورية في الحبكة—منغمساً في دراما عائلية، إذ اكتشف الرجل المثقل بالديون الذي ربّاها أنه قد لا يكون والدها البيولوجي؟ قد تتساءل ماذا للعناء كله علاقة بأخلاقيات الأعمال الفنية المنهوبة؛ الجواب أن هذا لا علاقة له بالمباشرة، لكن «المزاد» يستخدم هذه الخيوط كنقطة انطلاق لسخرية جافة تُصوّر مزايدي الفن على أنهم أقل اهتماماً بالجميل والعدالة وأكثر حرصاً على صورتهم الشخصية ونسب عمولة محترمة. وهذه صورة صحيحة بالطبع، لكنها ليست ملاحظة جديدة.

هناك الآن ما يكفي من الأفلام التي تتناول نهب النازيين للفن وتبعاته—مثل «اغتصاب أوروبا» (2006)، «صورة والي» (2012، والتي تناولت أيضاً عملاً لشيلي)، «رجال الآثار» (2014)، و«امرأة من ذهب» (2015)، من بين آخرين—ما يجعل الموضوع يصنع نوعاً فرعياً سينمائياً. يكاد الإجماع أن يكون واسعاً (باستثناء من يرفضون التخلي عن مكاسب لا أخلاقية) على أن الأعمال المستردة يجب أن تُعاد إلى أصحابها الشرعيين. حتى أبطال «المزاد» المتشائمون لا يناقضون هذا المبدأ، مع أنهم سيجنون أرباحاً طائلة من بيع العمل. ما يميّز هذا الفيلم عن سابقاته أنه يتبع شخصيات غالباً ما تكون مفصولة عاطفياً عن العمل الفني ذاته. المطلِّق المنزلي الذي وُجِدت اللوحة في بيته يتنازل فوراً عن أي ادعاء بها، معتبرًا أي مقابل مادي لها «مال دم»، وعندما تُزال اللووحة من الحائط الذي وُجِدت فيه تترك بقعة فارغة—رمز واضح للجراح المتبقية من الحرب.

يقرأ  من هو خليل الحيّة؟ومن غيره استُهدف في الهجوم الإسرائيلي على قطر؟أخبار الصراع الإسرائيلي–الفلسطيني

حقيقة أن نصف هذه الحكاية مفصّلة خياليًّا، حيث استُبدِل أفراد عائلة غرونفالد بنماذج مماثلة، تزيد الغموض حول الخلاصة التي ينبغي أن يخرج بها المشاهد. لماذا تُطبَق هذه المعالجة على لوحة حقيقية لها قصة حقيقية مثيرة بحد ذاتها؟ عالم الفن ساخر ومثير للسخرية بما فيه الكفاية دون تحميله خيوط أبوة غير ذات صلة.

يفتتح عرض «المزاد» في دور السينما اعتباراً من 29 أكتوبر.

أضف تعليق