أقال البيت الأبيض غالبية أعضاء المجلس الوطني للعلوم الإنسانية، الهيئة الاستشارية التي تراجع مقترحات المنح وتقدم توصيات لرئيسة المؤسسة الوطنية للعلوم الإنسانية. من بين نحو 21 عضواً عيّنوا عبر إدارات رئاسية مختلفة وصادق عليهم مجلس الشيوخ، لم يتبقَّ سوى أربعة أعضاء، جميعهم من الذين عيّنوا خلال الولاية الأولى للرئيس ترامب، حسب أعضاء تأثروا بالقرار وموقع المؤسسة.
تلقى اثنان من الأعضاء رسالة إلكترونية يوم الأربعاء الأول من أكتوبر من ماري سبراولز من مكتب شؤون الموظفين الرئاسي تُخطرهما بإنهاء عضويتهما. نص الرسالة المختصرة جاء: «بالنيابة عن الرئيس دونالد ج. ترامب، أحيطكم علماً بأن منصبكم كعضو في المجلس الوطني للعلوم الإنسانية قد أُنهِيَ، وذلك اعتباراً من الآن. نشكركم على خدمتك».
من بين الذين طاولهم الإعفاء نقاد وفنون مرموقون وأكاديميون بارزون، منهم ديفيد هادجو، والطبيبة فانيسا نورثينجتون غامبل، والأستاذ ستانفورد والحاصل على ميدالية العلوم الإنسانية الوطنية رامون سالديفار، وفق قوائم كانت متاحة على أرشيف موقع المؤسسة.
لم يُجلِب البيت الأبيض توضيحاً لأسئلة وسائل الإعلام؛ لكن متحدثاً قال لصحيفة واشنطن بوست إن الرئيس يعتزم شغل هذه المقاعد بأشخاص «يتوافقون أكثر مع رؤيته». المؤسسة نفسها لم تُعلّق على الفور. أحد الأعضاء الذين طردوا، تحدث شريطة عدم الكشف عن هويته نظراً لحساسية المعلومات، أفاد بأن المجلس لم يعد يضم أي أشخاص من ذوي الأصول الملونة، وأن جميع العضوات، بما في ذلك أربع عضوات عيّنهن ترامب خلال فترته الأولى، قد أُعفين أيضاً.
يُذكر أن دور المجلس يشمل تقديم النصح لرئيس المؤسسة بشأن منح الدعم وصنع قرارات مؤسسية بالغة الأهمية، وترشيح مرشحين لأرفع جوائز الفنون الإنسانية الاتحادية. يخدم الأعضاء لفترات متقطعة تمتد ست سنوات، ويجتمعون ثلاث مرات سنوياً لمراجعة الطلبات ومنح التوصيات وصياغة السياسات. قبل موجة الإعفاءات، بدا أن 21 من أصل 26 مقعداً كانت قد شغلت.
تأتي هذه الإقالات الجماعية في سياق سلسلة من الإجراءات التي استهدفت مؤسسات فنية بتمويل اتحادي أُنشئت لخدمة الجمهور الأميركي. في وقت سابق من العام طُلب من شيلي لو، أول رئيسة من السكان الأصليين للمؤسسة، التنازل عن منصبها بطلب من ترامب. كما طرح ترامب مقترحاً لوقف تمويل المؤسسة كلية، وفي عهده سُحبت تمويلات عن منظمات ثقافية كثيرة، بعضها بصورة اعتبرها قاضٍ اتحادياً غير قانونية؛ وتخطط إدارة المؤسسة لصرف مبالغ المنح الملغاة نحو مشروع الحديقة الوطنية للأبطال الأميركيين الذي اقترحه الرئيس.
أبلغ أحد الأعضاء المتأثرين هيبرأليغريك بأن المجلس طلب من أفراده تقديم مواد لإجراء «إعادة تحقيق» في الخلفيات قبل نهاية يوم الجمعة 3 أكتوبر، لكن كثيرين طُردوا قبل إتمام تلك المراجعة. كان من المقرر أن يعقد المجلس اجتماعه التالي في 9 و10 أكتوبر، ومن غير الواضح كيف سيؤثر الإغلاق الحكومي المستمر والإقالات على جدول الأعمال.
لينيت يونغ أوفربي، أستاذة المسرح والرقص في جامعة ديلاوير وواحدة من المتضررين، وصفت الإقالات الجماعية في رسالة إلكترونية بأنها مؤشر على «تغلغل أجندة سياسية في عمل المجلس». رُشحت أوفربي في 2021 خلال إدارة بايدن وكانت حاضرة في كل الاجتماعات ومستعدة دوماً، كما قالت. عضو آخر، فضّل عدم الكشف عن اسمه، وصف الأعضاء الأربعة الباقين بأنهم «متعاونون» لكن أكثر ايْديولوجية وارتباطاً سياسياً من الذين أُقيلوا.
الأربعة النشطون حالياً هم: راسل برمان (أستاذ دراسات ألمانية في ستانفورد)، وكيغان كالانان (أستاذ علم السياسة بكلية ميدلبري)، وويليام إنجليش (أستاذ إدارة الأعمال في جورجتاون)، وماثيو روز (باحث في الفكر الديني). العديد من الأعضاء، بمن فيهم الأربعة الباقون، مددوا فترات عضويتهم الأولية؛ ومن المتوقع أن يستمر المعينون في أداء مهامهم بعد انتهاء مددهم الرسمية الى حين تأكيد بدائلهم من قِبل مجلس الشيوخ وأدائهم اليمين.
أشار أحد المعينين المتأثرين إلى أن عملية التعيين قد تتعطل لسنوات، ولم يدلِ أي من الأعضاء الذين تواصلت معهم الوسائل الإعلامية باسم مرشحين تم تأكيدهم لشغل المناصب الشاغرة. أعرب الجميع عن قلقهم العميق بشأن مستقبل المؤسسة المعنية بالعلوم الإنسانية.
«بإقالة الجميع ما عدا أربعة أعضاء كانوا مرشحين سابقاً من قبل الرئيس ترامب في 2019، ثمة فراغ في الأصوات المتنوعة التي تساعد على نشر العلوم الإنسانية وتعزيزها في كل أنحاء البلاد»، اختتمت أوفربي تصريحها.