تصريحات ترامب عن العبودية تُظهر سوء فهم لمتاحف سميثسونيان

في يوم الثلاثاء غرّد دونالد ترامب على منصته الخاصة “تروث سوشيال” مهاجماً شبكة متاحف سميثسونيان، مدّعياً أنها تكرّس نفسها لعرض “مدى سوءَ بلدنا، ومدى فظاعة العبودية، ومدى فشل المظلuminين”. لكن هذه الهجمة الغاضبة كانت موجهة على نطاق أوسع: ليس فقط “المتاحف في واشنطن” بل “في أنحاء البلد” كلها، ووصفها بأنها “آخر معاقل الـ ووك” — خطاب يختزل دور المؤسسات الثقافية إلى زاوية واحدة ضيقة.

من غير الدقيق اختزال هدف المتاحف في مجرد إظهار فداحة العبودية. مثل هذا الطرح يشي برؤية محدودة وخطيرة تجاه دور هذه المؤسسات ومواد العرض فيها.

خذ المتاحف التابعة للمتحف الوطني لتاريخ وثقافة الأميركيين من أصول إفريقية كمثال. تعرض قاعات هذا المتحف تجارة الرقيق عبر الأطلسي كواقع عنيف ومروع — وهناك أمثلة لا تقبل الشك: أغلال كاحل كانت تربط الرجال المستعبدِين، صور قديمة لهياكل مقيدة صممت لجعل البشر ملكية، وإعلان يعود إلى 1848 يعرض مكافأة للقبض على “ثلاث فتيات زنوج” هاربات. ولكن المتحف لا يكتفي بذلك؛ فهو في الوقت نفسه يبرز قصص النجاة والتحرر.

ضمن ذات المجموعة توجد منديل كانت تملكه هاريت توبمان، وتمثال لها من عمل أليسون سار يعود إلى 2007 يصوّرتها وهي تتجه جنوباً، وفي قاعات الفن المرئي لوحات وطبعات لجاكوب لورانس تستحضر لحظات من تاريخ مناهضة الرق، ومنها طبعة عام 1977 تُظهر جون براون من الظهر متجهاً بعيداً، بجانب مجموعة من الرجال السود المحرَّرين يحدّقون إلى الأمام بلا ارتعاش.

على موقعه الإلكتروني يوضح المتحف الوطني لتاريخ وثقافة الأميركيين من أصول إفريقية أهداف قاعته المعنونة “العبودية والحرية”؛ فواحدة من الأفكار الجوهرية هناك أن “الأميركيين من أصول أفريقية صنعوا باستمرار رؤى جديدة للحرية أفادت جميع الأميركيين”. هذه الرؤى للحرية هي التي يغفل عنها ترامب بينما يصرّ على وصف المعارض بأنها تنحو فقط إلى إبراز فداحة العبودية. المعارض تلك تتناول المأساة، لكنها تقوم كذلك على قصص الصمود والمثابرة.

يقرأ  بيبسي ماكس تطلق حملة مفصلية — هل تغيّر قواعد الإعلان؟

يمكن ملاحظة ذلك بوضوح في أحد أهم المعارض التي شهدتها واشنطن مؤخراً: “تاريخيات أفرو-أتلانتيك” الذي أقيم في 2022 بالمعرض الوطني للفنون. هذا العرض، المستند إلى معرض نال استحساناً عرض لأول مرة في ساو باولو عام 2018، تناول العبودية وتأثيرها عبر جانبي المحيط الأطلسي، وجمع أعمالاً فنية من الماضي والحاضر تتفاوت في لهجتها التعبيرية. بعض الأعمال عرضت العنف الواقع على المستعبدِين بصورة جلية؛ من ذلك عمل آرثر جافا 2017 الذي استعان بصورة تعود لـ1863 معروفة باسم “الظهر المعذّب” حيث يظهر هروب يُدعى جوردون وهو يكشف ظهره المملوء بالندوب.

لكن الرسالة الكلية للمعرض، بالنظر إلى تركيزه على الحرية والمثابرة، كانت في نهاية المطاف رسالة رفعٍ وأمل. كتب القيمون على الكتالوج أنّ “الظروف العنيفة واليومية للعبودية لا تُفهم تماماً من دون أخذ يوتوبيا الحرية بعين الاعتبار: تلك الأمنية الدائمة لدى الأفارقة الذين جُلبوا الى الأمريكتين.” كما احتوى المعرض أعمالاً مثل صورة نونا فاوستين 2013 التي تعرّت فيها الفنانة في حي المال بنيويورك، موقع سوق للعبيد في وقت سابق؛ فعل اعتبرته فاوستين مخاطرة كبيرة وكان تعبيراً عن قوة وشجاعة.

كما لاحظت كانيترا فليتشر قيّمة المعرض بالمتحف الوطني للفنون في مقابلة أنّ “تاريخيات أفرو-أتلانتيك” ليست مجرد عرض للعبودية، بل عرض لما ولد من تجربة مريرة، وعن كيف يشمل الشتات الأفريقي كل هذه الأصوات والحيوات والتجارب.

اقتراح ترامب بأن تقتصر روايات المتاحف على عناصر مختارة فقط، مع حذف عناصر جوهرية، هو اقتراح خطير لأنه يفتح الباب لتشويه التاريخ حتى يفقد دقّته ومصداقيته.

وعد ترامب الآن بأن يتدخل محاموه ليفتحوا تحقيقات في المتاحف. ماذا سيبحثون، وماذا سيصنعون بما يجمعونه؟ لم يحدد في منشوره على تروث سوشيال، ربما لأن الصلاحية القانونية التي تسمح له بفرض تغييرات على مؤسسات البلاد غير واضحة. لكن ما أحسبه هو أنه يسعى لإرغام المتاحف — أو على الأقل تخويفها — لتعديل عروضها حول العبودية، وهو ما قد يستتبع إزالة أعمال وفقرات تُبرز موضوعات التحرر.

يقرأ  صور مدهشة للحياة البرية بالأبيض والأسودمن الفائزين بجائزة إكسبوجر ون ٢٠٢٥الوجهة الموثوقة للتصميم — محتوى يومي منذ ٢٠٠٧

حتى الآن يستمر المتحف الوطني لتاريخ وثقافة الأميركيين من أصول إفريقية وغيره من متاحف سميثسونيان في العرض، وهو مؤشر مشجّع.

يمكن للزائر، مثلاً، أن يطلع في متحف سميثسونيان للفن الأميركي على عمل مارتن بوريار “الوعاء” (1997–2002)، منحوتة خشبية لرأس ضخم يحتوي على علامة العطف (&). غالباً ما تُقارن هذه القطعة بسفينة عبيد، ويعزّز هذا الربط سياق أعمال بوريار الأخرى التي تشير صراحة إلى العبودية، لكن وجود علامة العطف داخل الرأس يوحي بأن بوريار يتناول العبودية جنباً الى جنب مع موضوعات أخرى. “الوعاء” ليس عملاً عن “مدى فظاعة العبودية” فقط؛ إنه عن ذلك، وأكثر.

أضف تعليق