بتوظيف قوة التعاطف، تعرض بيسا باتلر مجموعة جديدة حنونة ومؤثرة بصرياً ضمن معرضها “احتضنني عن قرب”. تشتهر الفنانة بأعمالها القماشية الملونة ذات الأنماط المتعددة التي تغوص في تاريخ السود والهوية وتقليد الحِرف. تجمع قطعها المتقنة بين أقمشة مطبوعة من القطن والحرير، وترتر وخرز ومخمل، لتنتج نسيجاً بصرياً متقنًا يتراوح بين اللوحات الجداريّة الضخمة ومشاهد حميمة صغيرة.
يركّز معرض “احتضنني عن قرب” على حاجة المجتمع إلى الاحترام المتبادل والمحبة والتلاحم في زمن اتسم بالاستقطاب المتزايد. تقول باتلر في بيان المعرض: إن هذه المجموعة تمثل ردًا بصريًا على مشاعري كامرأة الأمريكيه تعيش في عام 2025. متأثرة بشدة بعصر الانقسام والعنف الحالي، حيث تتعرّض حقوق مدنية نُصِبَتْ لها السهام للنبذ والتراجع، تستدعي الفنانة صور الماضي لتضيء عتمة لحظتنا الراهنة.
تستمد الأعمال صورها من مصورين سود رواد مثل جوردون باركس، جان ديبارا، وجيرالد سايرس، الذين وثّقوا مشاهد الشوارع وصور الأشخاص في لحظات يومياتهم وسعادتهم المتبادلة. باركس، على سبيل المثال، كان مناصرًا صارمًا لحقوق الإنسان، وظّل يوثّق التفرقة والعنصرية في الأربعينات والخمسينات ليبرز الفجوات المجتمعية بجرأة. خلال عمله المستمر لعقود في مجلة “لايف”، أنتج صورًا بارزة تتراوح بين بورتريهات للمشاهير وتوثيق لمسيرة واشنطن عام 1963.
تجسد باتلر شخصياتها عبر نسيج متعدّد الملمس وأنماط زاهية تلفت الأنظار إلى ملامح الوجوه وتفاصيل التفاعل الإنساني. تصف الفنانة أعمالها الحديثة بأنها “مذكرات بصرية” تلجأ إليها من أجل المواساة. فبينماا تهدّد الحمايات والبرامج المخصّصة للأمريكيين غير البيض والنساء ومجتمع المثليين والفقراء وذوي الاحتياجات الخاصة، تشعر باتلر باضطراب عميق يدفعها للبحث عن العطف والحنان كوسيلة للمقاومة.
تحتفي أعمال مثل “Les Amoureux du Kinshasa” —المستلهمة من صورة لجيان ديبارا تصور ليلة حب في نادٍ— بالحب الشاب واللقاءات الحميمة، بينما تلتقط قطع أخرى مثل “كن لي” و”حبيبتي” بورتريهات رقيقة لأشخاص يقتربون من بعضهم البعض في دفء وطمأنينة. كما تستكشف التكوينات العائلية ومشاهد الأطفال العابثين البريئة؛ ففي “الحارس” يحتضن أب ابنته داخل معطفه الكبير، وفي “هبوط، هبوط يا طفلة” تجري فتاتان حفلة شاي مفاجئة داخل بركة ماء.
تبدأ معظم قطع باتلر بطبقة أساس سوداء من القطن أو المخمل، ثم تضيف فوقها ألواناً ولمسات لامعة. تقول الفنانة إن قاعدةً داكنة دفعتها لاستخدام أقمشة تحمل بريقًا وخواص عاكسة، بينما تُضفي الحبيبات والأحجار اللامعة عمقًا ثلاثي الأبعاد يوهم الناظرين بأن ثمة ما يستحق البحث خلف السطح الظاهر. وهذا التشبيه الشعري يوازي دعوتها: لكي نُدرك ونرتبط بالآخرين في حياتنا اليومية، علينا أن ننقب ونتعمّق. تختتم باتلر: “هذه المجموعة إعلان بصري بأننا بحاجة للحب بدل الكراهية.”
يستمر معرض “احتضنني عن قرب” في مقر جيفري ديتيش بلوس أنجلوس حتى الأول من نوفمبر. للمزيد من المعلومات، يمكن الاطلاع على موقع الفنانة الرسمي وصفحتها على إنستغرام.