لأكثر من ثلاثين عاماً شكّل المعرض السنوي لـجمعية تجار الفن الأمريكية (ADAA) في مدينة نيويورك المصدر الأكبر للإيرادات غير المقيدة بالنسبة لمنظمة هنري ستريت سيتلمنت الخيرية العاملة في مانهاتن السفلى. الشهر الماضي، انقطع هذا التيار الحيوي من التمويل حين أعلنت الـADAA إلغاء دورة هذا العام من المعرض وقطع شراكتها الطويلة الأمد مع هنري ستريت.
المنظمة غير الربحية الآن تعمل على تعبئة تبرعات لتعويض ليس فقط العائد المتوقع لإصدار الخريف الملغى، بل أيضاً ملايين الدولارات التي كانت متوقعة من حفل المعاينة الخيري وبيع التذاكر في السنوات المقبلة.
كان قرار الـADAA «غير متوقع» بالنسبة للمنظمة، بحسب ما أكده ديفيد غارزا، الرئيس التنفيذي لهنري ستريت سيتلمنت، لموقع Hyperallergic، مشيراً إلى أن الجمعية قد «أنهت» شراكتها التي استمرت 36 عاماً في بداية السنة المالية.
«هذه أزمة آنية نحاول فيها جمع العوائد لتعويض خسارة المعرض»، قال غارزا.
تعتبر هنري ستريت واحدة من أهم منظمات الخدمات الاجتماعية والثقافية في مدينة نيويورك، إذ تصل برامجها التعليمية والتوظيفية والسكنية والصحية والفنية إلى أكثر من 50,000 شخص. منذ عام 1988، جمع المعرض أكثر من 38 مليون دولار لصالح المؤسسة، التي تتلقى أيضاً تمويلاً من مؤسسات حكومية وخاصة ومساهمات فردية.
هذه ستكون السنة الأولى منذ عقود التي لن يُقام فيها معرض ADAA الشهير في قاعة Park Avenue Armory. (صورة لـScott Rudd Productions، بإذن من Henry Street Settlement)
أكد متحدث باسم الـADAA لموقع Hyperallergic نهاية الشراكة مع هنري ستريت، مشدداً في الوقت ذاته على أن قرار إيقاف معرض هذا العام «وقفه مؤقتة، ليس إلغاءً».
«بينما نتطلع إلى المستقبل، تعمل الـADAA على إعادة صقل منهاجها الخيري والبرنامجي لدعم بنية تحتية فنية وطنية تتجاوب مع واقع اليوم وتضمن أن مواردنا وعلاقاتنا ومنصاتنا تخدم أعضاءنا وشركاءنا والمجتمع الفني الأوسع بشكل أكثر فعالية»، قال المتحدث باسم الجمعية.
تأتي التغييرات الأخيرة بينما تواصل الـADAA توسيع عضويتها، وهو شرط للمشاركة في المعرض؛ فالعضوية تمنح الصالونات الفنية ترشيحاً للتقديم إلى المعرض، وإمكانية حضور ندوات وفعاليات مهنية، وأسعار إعلان ترويجية في نيويورك تايمز وThe Art Newspaper. (لم ترد الجمعية على استفسار بشأن تكاليف العضوية، لكن أحد أعضاء الـADAA قال لموقع Hyperallergic إن الرسوم تختلف بحسب عدد موظفي كل صالة.)
تأسست الـADAA عام 1962 وتمثل حالياً أكثر من 200 صالة فنية في نحو 40 مدينة أمريكية. خلال العقد الأخير ازداد عدد الأعضاء بشكل ملحوظ، بينما ظل عدد المشاركين في المعرض يتراوح عادة حول متوسط 73-74 صالة، ليبلغ ذروته عند 78 مشاركة في عامي 2022 و2023.
شدد متحدث الـADAA على أن قرار عدم إقامة معرض هذا العام «لم يأتِ نتاج قوى السوق أو تقلص عدد العارضين أو ضعف المبيعات». لكن أحد تجار الفن — الذي تحدث شريطة عدم الكشف عن هويته بعد طلب الـADAA من الأعضاء عدم التواصل المباشر مع الصحافة — قال إن التحدي الرئيسي للمعرض هو «امتداد عدد المعارض ببساطة».
«المعرض يقف بمفرده على التقويم في موسم أصبح أكثر ازدحاماً، وجمهور بارك أفينيو التقليدي تقدم في العمر»، قال التاجر مضيفاً أنه يعتقد أن مجلس الإدارة اتخذ القرار الصحيح بإلغاء دورة هذا العام. «عالم الفن تغير جذرياً منذ تأسيس الـADAA عام 1962، ومن الصحي إعادة التقييم.»
بغض النظر عمّا إذا كان التحوّل خطوة استراتيجية لصالح الجمعية أم لا، فقد مثل القرار ضربة لهنري ستريت، مظهراً التأثير المتسلسل الذي أحدثه على شركاء قدامى. أحد تجار الـADAA قال لموقع Hyperallergic إنه «دائماً ربط المعرض بمنظمة هنري ستريت وبقاعة 69th Regiment Armory».
«كان تقاطعاً تاريخياً فريداً بين الحكايات والدوام الخدمي»، قال التاجر. «نهاية هذا الحدث خسارة كبيرة.»
رداً على نهاية الشراكة، أطلقت هنري ستريت حملة جمع تبرعات بديلة تحت اسم مبادرة الأبواب المفتوحة (Open Doors Initiative). يمكن للأفراد تقديم تبرعات لمرة واحدة أو شهرية، أو دعم مشاريع محددة مثل تمويل نوادي ما بعد المدرسة لطلاب المرحلة الابتدائية أو توفير وجبات لكبار السن.
قال غارزا إن المؤسسة تأمل في سد فجوة تمويلية تبلغ مليون دولار، رغم أن مستوى عدم اليقين ما يزال «عاليًا».
«كان المعرض مساحة راسخة ونادرة وفريدة»، قال غارزا. «أملنا أن نتمكن من الحفاظ على الروابط مع عالم الفن، والفنانين الذين دعمونا تاريخياً، وكل أصحاب المصلحة الذين يؤمنون بمهمتنا ويهتمون بعملنا.»