تتفرّع متاحف الفن وغيرها من المنظمات غير الربحية بأقسام كاملة مخصّصة لجمع التبرعات، توظف فيها خبراء متمرّسون وتطبّق استراتيجيات مجرّبة لملء خزائنها. ويقضي مديرو هذه المؤسسات كثيرًا من وقتهم في رعاية المانحين الكبار الذين تُ تزيّن أسماؤهم جدران المتاحف، لذا بدا من الطبيعي أن تصدم هذه المؤسسات حين انكشفت في الخريف أنّ منصة التمويل الجماعي غوفندمي أطلقت نحو 1.6 مليون صفحة لمصلحة منظمات غير ربحية أميركية — من بينها عشرات من المتاحف الفنية الكبرى — من دون إعلام هذه المؤسسات أو منحها فرصة للانسحاب.
أنشأت المنصة صفحات لمتاحف على مستوى البلاد، من بينها متحف كليفلاند للفن، ومتحف بالتيمور للفن، ومتحف دالاس للفن، ومتحف فيلادلفيا للفن، ومتحف سان فرانسيسكو للفن الحديث (SFMOMA)، ومتحف الفن والتصميم بنيويورك، ومتحف الفن المعاصر في نورث ميامي، ومتحف الفن الحديث في فورت وورث.
وقد جُمّلت هذه الصفحات لتحسين ظهورها في محركات البحث وصُمِّمت لاستقطاب المُتبرعين؛ وهو ما قد يَصُدّ المانحين المحتملين عن مواقع المؤسسات نفسها. وتقتطع المنصة رسوم معاملات تقلِّل من صافي المبلغ المتدفّق إلى المتاحف، كما أفاد تقرير NonProfit News Feed، مشيرًا أيضًا إلى وجود رسوم إضافية على الهدايا المتكررة ووجود “بقشيش” افتراضي يذهب للمنصة.
ولأنّ التبرعات الواردة لم تُفصَّل حسب نوع المنظمة، فقد قالت المنصة إنها لم تتمكّن من تحديد مقدار الأموال التي جمعتها هذه الصفحات لصالح المتاحف بالتحديد.
وقال آشيل مورغان، مدير الشؤون الخارجية في متحف دالاس للفن، في رسالة إلكترونية: «لم نكن على علم بهذه الصفحة وسنعمل فورًا على تعطيلها. ووفق معلوماتنا لم تُجمَع أية أموال، ولم نتلقّ شيئًا حتى الآن. لم كنا لنُقدِم على صفحة على منصة تمويل جماعي لأنها لا تتماشى مع استراتيجيتنا لجمع التبرعات».
أفاد متحدث باسم متحف توليدو للفن عبر البريد الإلكتروني بأن المؤسسة «اكتشفت إنشاء صفحة على المنصة دون علمها. ومع ذلك، قبل أن تُتيح لها الفرصة للاستفسار أو طلب إزالتها، اختفت الصفحة من تلقاء نفسها. لم تُقدَّم أي مساهمات، ولم تُرجَع الصفحة منذ ذلك الحين».
بحلول الوقت الذي أبلغت فيه ARTnews المتاحف عن هذه الصفحات، كانت المنصة قد أعادت التفكير في نهجها. إذ سبقت التقارير المحلية، بما في ذلك تقرير محطة ABC في كاليفورنيا، ثم أصدرت المنصة بعد أسبوع تدوينة بعنوان «صفحات المنظمات غير الربحية — استمعنا وأجرينا تغييرات».
وجاء في التدوينة اعتذار صريح: «ندرك أنّ جهودنا الأخيرة مع صفحات المنظمات غير الربحية أحدثت ارتباكًا وقلقًا وشوشت على المهمات الحيوية لتلك المنظمات التي نرغب بدعمها. نأسف بشدّة لذلك ونتحمّل مسؤولية الخطأ».
وفي رسالة إلى ARTnews قال متحدث باسم المنصة إن «أكثر من 65,000 منظمة غير ربحية تلقت تبرعات عبر منصتنا من مجتمع يضمّ أكثر من 200 مليون مستخدم في عام 2024 وحده. أردنا الاستفادة من هذا السلوك وتسهيل دعم القضايا غير الربحية». وأضاف أن الهدف كان ربط المنظمات بمانحين جدد، وأن صفحات المنظمات تتيح الوصول إلى جماهير جديدة من المؤيدين المحتملين.
أوضحت المنصة أن الصفحات أصبحت الآن بنظام الاشتراك الاختياري فقط، وأن الصفحات التي لم تُطالب بها مؤسساتها قد جرى إزالتها. وإذا كانت أي مؤسسة قَلِقة من أن صفحة قد أنشئت لها، فيمكنها البحث عن نفسها في صفحة «ابحث عن منظمتك» على موقع المنصة.