جوكستابوز هنا ينبض الأصل ريمبر ياواركاني — معرض جوش ليلي، لندن

يسر معرض جوش ليلي أن يقدم “هنا يَسكنُ الأصل”، أول معرض منفرد لريمبر ياهواركاني في المملكة المتحدة. ينتمي ياهواركاني (مواليد 1985، بيرو) إلى عشيرة أيمِنِه (مالك الحزين الأبيض) من شعب أويتوتو في شمال حوض الأمازون. تمزج ممارسته بين الفن والمعرفة التقليدية والنشاط الاجتماعي، وتفكِّر في العلاقات المتشابكة بين الإنسان والحيوان والمكان والروح داخل أساطير أويتوتو؛ ولرسوماته طابع مقاوم، فهي تحتل فضاءً احتفاليًا وسياسيًا في آنٍ واحد.

يقترح المعرض مواجهة حميمة مع القوة الروحية الحية في الكوزموغونيات الأصلية؛ يحول الفنان فضاء العرض إلى إقليمٍ تسكنه أصوله: مكان لا تظلُّ فيه الآلهة والأسلاف ذكريات بعيدة بل حيوات نابضة. تصبح اللوحات بوابات — أغانيً وشهادات — تؤكد أن جذورَه ما تزال تخفق في الحاضر.

تكتظ لوحات ياهواركاني للأرض المقدّسة التي نشأ فيها بتصوير الحكايات والأساطير التي نقلها له جداده. في هذه المجموعة الجديدة يستكشف الفنان ثيمة الآلهة، ويَسْتَلّ نبضَ الأمم الأصلية عبر طيفٍ ملون من الكائنات والنباتات. مشاهدُه الواسعة والدينامية تغمر المشاهد بقصصها الأسطورية القوية؛ فالأسطورة عنده ليست بقايا ماضٍ متحجر بل قوة فاعلة تشكل الحاضر وتستشرف الممكنات المستقبلية.

ينقل ياهواركاني رسائلَ جدته مارثا ويحوّلها عبر سرده البصري، فيقول: «عملي هو الطريقة التي رأت بها العوالم المائية والكونية لقبيلتنا». وحكت مارثا كيف تعرَّض شعب أويتوتو لأهوال وتهجير؛ فقد أدّى طفرة المطاط في أوائل القرن العشرين إلى اضطهادٍ واسع إذ جُنيت أشجار المطاط لخدمة صناعات السيارات في الولايات المتحدة وأوروبا. اضطرّ من سكنوا تلك الأراضي لترك تراثهم في كولومبيا والفرار إلى بيرو، وتستمرّ اليوم المعركة للحفاظ على وجود أويتوتو في مواجهة آثار التعدين غير القانوني وتجارة المخدرات والقوى الهيمنية الجديدة.

يعيد “هنا يَسكنُ الأصل” تصوُّرَ علاقتنا بالأرض والزمن؛ يدعونا ياهواركاني للاعتراف بأن الفنّ المعاصر للأمم الأصلية ليس مجرد اقتباسٍ من التقاليد، بل فعلٌ حيٌّ من صنعٍ ثقافي ومقاومة وسيادة.

يقرأ  اكتشاف مرسوم هيروغليفي نادر في مصر

أضف تعليق