جوكستابوز — نظرة مسبقة: مارغريت بيار «مصابيح الليل» في معرض ستيمز، نوكّ، بلجيكا

«Les Veilleuses» عمل يتناول أحبّاءنا. في مرسمها تعيد مارغريت بيا إحياء ذاكرة حضورهم إلى جانبها، كأنّهم «أنوار صغيرة نعتمد عليها لمواجهة الليل، لننمو، حتى لا نخاف بعد الآن». على القماش تتداخل الوجوه: أصدقاء، أفراد عائلة وعشاق، كلهم شهود على أسرارها، يراقبون عافيتها في لحظات اليأس. تلك الأنوار، الراقصة خلال الساعات المخصّصة للعناية المتبادلة، تنعكس على الأجساد وتُصوَّر في ديكورات حميمة ومجردة؛ تعبر عبر مصاريع نصف مفتوحة وتتسائل إن كانت فعلاً ستطلق الظلام.

تُقدَّم هذه الأجساد، أكثر من هُويّة صاحبها، وراء حجاب الحياء الذي تتجاوزه مارغريت بيا. ليست في أوضاع سلبية ومفعولة، بل، من خلال مرآة لوحتها، في فضاءات تأمّلية يترك فيها الموضوع نفسه ينفكّ، مكشوفاً في مواقف أكثر هشاشة. عبر تمثيلات ذاتية ممزوجة بسرد خيالي، وبدافع تحويل نظرتنا إلى العري النسائي، تضيف الفنانة بعداً أكثر تعاطفاً لهذه الأجساد: تتناول الرغبة من دون تَجسّيد جنسي، وتمجّد بلا بهرجة عبر منظار الحنوّ. بالعمل بهذه الطريقة لتحرير من تمثلهم، تمنح مارغريت نفسها مجالاً أوسع وأقل قيوداً في صيغ أكبر، أماكن للتعبير حيث تبحَث عن ذاتها، لا تعتذر عن الاستكشاف، ولا توقف نفسها عن الرسم. ومن هنا تحوّلت مسعاها بحثاً عن الدفء، وعن مواجهات انفرادية ومشتركة، إلى تحرير متبادل.

الكيانات المصوّرة هي دلائل ومرشدات. منفردة أو مزدوجة، تدعونا لاتباعها، تحمينا من الخطر وتحيط بنا بلغة الأيدي. تُجمَد هذه الأيادي في لحظة معَلَّقة من ذاكرة مصوّرة تُوقِفها مارغريت بيا لتلتقط جوهرها، لكن رسالتها تظلّ مشوبة بغموض الكشف. لا نعلم دوماً ما المخفي تحت الأجفان المغلقة، أو ما يُقال أو يُصنَع من أجل مصلحتنا في تلك المشاهد الصامتة. بجانب البركة، تُنقَّط الاعترافات عبر رَشّات الماء، لحظات استراحة واستجماع، زمن تأمّلي في مواجهة كثافة العالم، يتبلور في فقاعات مهدِّئة قد ينفجرها طرف إصبع. كمشاهدين علينا مقاومة رَغبة الغوص في هذه الصور الأنعم من كل واقع، وأن نلاطف ببصرنا الجلد المرسوم بطبقات رقيقة متعاقبة، حيث تعطي الشفافية الطفيفة الناجمة عن حركة المادة مظهراً رخاميّاً. برهان أنّ الاحتكاك الإنساني لا يحتاج كلمات، وأنّ مما يخرج من غلافنا وحده ما يختار الكشف عن نفسه، ولمن.

يقرأ  هل سيغرق إيفو موراليس آمال اليسار في السباق الرئاسي البوليفي؟