منذ أكثر من عقد، أثار ترميم فني غريب الاهتمام على نطاق واسع، حتى تحول إلى مادة للسخرية والميمات ولاقى اللوحة لقبا محرجا هو «مسيح القرد». كانت تلك القطعة، المعروفة باسم «إكّي هومو»، لوحة تصور المسيح داخل كنيسة في بلدة بورخا الإسبانية، حاولت سيدة محلية في الثمانين من عمرها ترميمها بنية حسنة لكن بنتيجة بعيدة كل البعد عن المأمول.
الانتباه الذي حصدته «إكّي هومو» — والذى يمكن تفسيره إيجابياً أو سلبياً بحسب النظرة — أعاد حراكاً اقتصادياً لبلدة كانت تعاني، وجذب آلاف الزوار والمتبرعين ما جمع عشرات الآلاف من اليوروهات لأغراض خيرية. لكن هذه الحادثة ليست استثناء؛ فكم من أعمال عتيقة انتهت بمآسٍ عندما حاول غير المتخصصين «تحسين» مظهرها.
بالنسبة إلى جوليان باومغارتنر، مصلح أعمال فنية من الجيل الثاني ومالك استوديو باومغارتنر لترميم الفنون الجميلة، فالأضرار المتنوعة التي يواجهها ليست جديدة عليه: ورنيش متشقق، قضبان إطار متدهورة، حواف مثبتة بدبابيس ومسامير… وعندما وصلت إليه لوحة بورتريه بيضاوية الشكل وإطارها يتهاوى وقماشها ملطخ، لم يكن هذا أسوأ ما فيها. فقد كُتِب عليها سابقاً مرّسماً فوق الأصل بنية التجيد السطحي، لكنه، كما سيكتشف، غيّر إحساس العمل كلياً.
أثناء عمله، يوضح باومغارتنر كيف أن محاولة الهواة للترميم طمست الفروق الدقيقة في قصد الفنان الأصلي، وبالتبعية محا أجزاء من شخصية الجالس أمامه؛ ألوان دقيقة، تدرجات ضوئية صاعِدة، ولمسات فرشاة كانت تعبيراً عن هوية العمل — أشياء بسيطة لكنها حاسمة — كل ذلك تلاشى تحت طبقات إضافية من الطلاء الرديء.
مقر الاستوديو في شيكاغو، ويُعد الآن أقدم مشغل للترميم في المدينة. يعتمد باومغارتنر على مواد أرشيفية قابلة للعكس ومناهج محافظة تهدف إلى إعادة الحياة للأعمال بأقل تدخل ممكن: إزالة التصبغات، تمويه الشقوق، سدّ الثقوب، ترميم البنية والدعامات، واستعادة التوازن اللوني دون محو أثر الفنان الأصلي.
يوثق باومغارتنر عبر قناته الشهيرة على يوتيوب خطوات العمل الدقيقة والمرضيّة خطوة بخطوة، سواء كانت الأعمال لرسامين مجهولين أم لعمالقة التاريخ الفني، ويمكن متابعة تحديثاته أيضاً على إنستغرام.
هل تهمك مثل هذه القصص والفنانون؟ انضم إلى عضوية الموقع لدعم النشر المستقل للفنون والاستفادة من مزايا الأعضاء.