حكايات فنية ومغامرات شرطة لندن

من عام 2004 وحتى 2009، عمل باريسون بمفرده تحت اسم The London Police وتجول إلى مدن أخرى. يروي: «في تلك المرحلة كنت أعمل منفردًا، وغالبًا ما كانت أعمالي غير مرخّصة في بلدان أخرى لأنّ ذلك النوع من التداخل بين صندوق الكهرباء والورق لم يكن متوافرًا، لكنّني كنت أحاول دائمًا اختيار المواقع بعناية حتى لا أفسد واجهة جميلة. كنت أبحث عن جدار عليه بعض الكتابة أو لوح خشبي يغلق محلًا. كنت أفضّل أن أجد مواضع أشعر أنّني أستطيع تجميلها بدلًا من تشويهها. فعلت ذلك سنوات طويلة، أخرج بخفّة إلى برشلونة — وهي مدينة رائعة للرسم — وأعمل سريعًا ثم أعود لاحقًا لإتمام التفاصيل بالحبر».

لعدة سنوات كان باريسون يعشق الرسم في الشوارع، لكن الوضع تغيّر تقريبًا قبل عقد من الزمن. يقول: «الغرامات أصبحت أشد»، ويضيف: «عندما تكون رجلًا في الثلاثينات وتُقبض عليك وأنت ترسم على جدار، تتبدّل الأمور».

ثم بدأ مشهد الجداريات يكبر. «أصبح الناس يريدون جداريات أكبر وأفضل. كذلك تختفي إثارة الخروج عند الثالثة فجرًا في برشلونة ووضع شخصيات ستُطلى فوقها في اليوم التالي أو سيأتي من يفككها أو يشطبها. عندئذ تبدأ تفكر: أريد أن أُكرّس جهدي لشيء أعرِف أنه سيبقى لمدّة سنتين». من هنا تجهّز الميل نحو الجداريات والوظائف الصغيرة والاعتماد أكثر على اللوحة على القماش: بذل نفس الجهد في قطعة قابلة للعرض أو البيع أو لتكون جزءًا من معرض.

في 2009 اجتمع باريسون وجيبسون من جديد. بدأت العلاقة كتعاوُن يجمع بين شخصيات باريسون والطابع المعماري في أعمال جيبسون، وفجأة أصبحت الأعمال تنبع من رؤيتين معًا. عاد The London Police، وبعد عقد من الزمن ما زالا شريكين.

يقول جيبسون: «أعتقد أن العمل يسير أفضل عندما تمتزج الأسلوبان بشكلٍ جيد. أحبّ أن تندمج الأشياء لتكوّن منظرًا خياليًا يضم عناصر تشاز وعناصري. حينئذ أشعر أنّ ذلك ينجح. الموضوع مستمر؛ ثمة مساحة هائلة للاستكشاف وإمكانات لا نهائية».

يقرأ  تحذيرات فرنسية من نقل عمل فني مرموق إلى لندن

معًا يصنعان أعمالًا توحّد أسلوبَي الفنانين بطريقة مكملة دائمًا. حسّ الشارع لدى باريسون، الذي أطلق The London Police من سنوات، لا يزال حاضرًا؛ بينما يضيف جيبسون لمسته التصويرية من خلال بورتريهات واقعية وخلفيات حضرية مفصّلة.

يقول باريسون: «المرونة مفتاح لإنجاز جداريّة، وبالطبع أنجزنا معًا مئات الأعمال». ومع أن الاثنين منفتحان على التكيّف، فإنهما يبدأان عادة بخطة. حسب المشروع، هناك طرق متعددة للعمل: «إذا كانت القطعة معقدة، يبدأ تشاز برشّ الألوان الخلفية ويضع شعاراته السريعة قبل أن أتمكن من البدء»، يوضح جيبسون. يحدث ذلك قبل أيام من تدخلي.

الخطوط الدقيقة تمثّل تفصيلًا حاسمًا في كل عمل. يريدان خطوطًا محكمة قد تبدو مطبوعة لا مصنوعة يدويًا. «نريد أن يكون عملنا مثالياً»، يقول باريسون.

في أعمال The London Police روح فكاهية كبيرة، من جيوش الـLads المبتسمة إلى شخصيات أخرى مثل كلب رائد الفضاء أو حوريات البحر. ومع ذلك هنالك إحساس بالكمالية المطلقة في كل قطعة.

هما حريصان أيضًا على نوع الصور التي يلتقطانها. يصفها جيبسون بكلمة «خِرافية» أو «خَيالية». المهمّ ما يقرران تمثيله، بقدر ما يهمّ ما يختاران تجنبه؛ يوضح باريسون أنّهما يتفاديان السياسة وكل ما يحمل رسالة ثقيلة جدًا. «نحبّ أن نبتكر حكايات خيالية نستمتع بها»، يقول باريسون.

مؤخرًا سافر The London Police إلى شارلوت بولاية نورث كارولاينا للرسم في Camp North End، موقع مصنع فورد سابقًا. «كانت تصنَع هناك سيارة موديل تي في أوائل القرن العشرين»، يذكر جيبسون. فيما بعد استُخدم الموقع لصناعة عسكرية، والآن يُعاد تطويره كمركز تسوّق وأعمال. أضاف الثنائي لمساتهم بلأشخاص على سير نقل وآخرين في المقدمة مثل Tanksy وكلبهم من طراز Lad.

اللوحات والجداريات ليست كل ما يقدّمانه؛ فهناك أيضًا بعد أدائي لعملهما. يحبّان غناء أغاني عن كلاب، وصنعا حتى «دوغومنتري» يجمع هذا الجانب من أعمالهما. يمكن اعتبار حسابهما على إنستغرام — المليء بالقصص عن مغامرات في الاستوديو وعلى الطريق — جزءًا من فنّهما. في المستقبل يهتمان بالعمل أكثر على الرسوم المتحرّكة: «غالبًا ما تبدو لوحات بوبّ لقطات ثابتة ممّا قد يكون في الأصل رسومًا متحرّكة أو فيلمًا قصيرًا أو كارتونًا»، يقول باريسون.

يقرأ  جون تشين يدافع عن ستة طيور هاوائية مهددة بالانقراض بتفاصيل حية — كولوسال

حتى في أوائل مسيرتهما كان هدف The London Police أن يكون السفر جزءًا من الفنّ. رسم باريسون وجيبسون في هولندا والإمارات والمكسيك وغيرها. لكن رحلتهما لم تكن سريعة، وهما يسعيان للمواصلة بتدرّج في التقدّم الإبداعي والتجاري: «الموضوع يتعلق ببناء الأمر ببطء على مدار السنين ليبقى في مسار تصاعدي. لا تصبح خبراً بالأمس، بل تستمرّ، لكن ليس بسرعة مفرطة، ليس بسرعة مفرطة»، كما يقول باريسون.

ظهرت هذه المقالة أصلاً في عدد 52 من مجلة Hi‑Fructose، والتي نفدت نسخها. اشترك في Hi‑Fructose اليوم واحصل على أحدث عدد مطبوع من هنا. اللواحات في مسيرتنا الفنية تحظى بمكانة خاصة، ونأمل أن تظل أعمالنا على الدرب الصاعد الذي رسمناه لأنفسنا. تستمرر الرحلة.

أضف تعليق