حكومة الفلاندرز تُغلق متحف «إم إتش كيه إيه» في بلجيكا وتُشعل جدلاً واسعاً

أثارت مقترحات الحكومة الفلمنكية لإغلاق أقدم متحف في بلجيكا مخصص للفن المعاصر جدلاً واسعاً داخل المشهد الفني البلجيكي.

أعلنت الحكومة الفلمنكية، التي تدير الجزء الشمالي الناطق بالهولندية من بلجيكا، هذا الأسبوع أنها «قررت إصلاح منظومة متاحفها وقطاع الفنون البصرية في فلاندرز بشكل جوهري». جاء القرار بعد تقييم حديث لمشهد المتاحف في الإقليم، سعياً إلى تحقيق «توزيع أكثر منطقية» للمجموعات العامة الإقليمية.

كمّا جزء من هذا التغيير، الذي يبدأ تطبيقه العام المقبل ويُتوقع استكماله بحلول 2028، سيُعاد تسمية S.M.A.K. في غينت إلى «المتحف الفلمنكي للفن المعاصر والحالي»، وستُنقل مجموعة M HKA في أنتويرب إلى هذا المتحف الجديد، وتنتقل مقتنياتها إلى غينت.

تأسس M HKA عام 1985، وهو أقدم متحف معاصر في بلجيكا ويسبق S.M.A.K. بأكثر من عقد من الزمن. تضم مجموعته نحو 8,000 قطعة، ويُعرف ببرنامجه المعروض الذي يحظى بمتابعة دقيقة ويجمع بين معارض فردية واستعادية ومعارض جماعية. من العروض الأخيرة: سولو لـ Nástio Mosquito (2024)، Dorothy Iannone (2023)، Anthea Hamilton (2022)، ومعرض «حيوات الحيوانات» (2024). يستضيف المتحف حالياً بينالي كييف 2025 ومعرضاً استعارياً لبولين كورنييه جارْدين، مع مخطط لاستعادية رئيسية لـ Nicola L. في 2026.

S.M.A.K.، التي تملك مجموعة تقارب 3,000 عمل من فترة ما بعد الحرب وحتى اليوم، ستتولى أيضاً مهمة M HKA في تقديم الفن المعاصر، بينما سيتحوّل مبنى M HKA الحالي إلى مركز فني يستضيف معارض واستوديوهات وإقامات فنية وبرامج أخرى—فيما يشبه نموذج الـKunsthalle السائد في بلدان أوروبية عدة. وبالمثل، سيعاد وضع مركز أرشيفات الفن في فلاندرز، المقيم حالياً داخل M HKA، ضمن إطار جديد للعمل حسب البيان الصحفي.

في اليوم التالي لإعلان مخطط المتحف الجديد، قدّم رئيس مجلس إدارة M HKA، هيرمان دي بودي، استقالته بعد ثمانية أعوام من توليه المنصب. وفي تصريح لوسائل الإعلام قال إن قرار الحكومة الفلمنكية «بشأن تقليص M HKA، وباقتراح من وزيرة الثقافة، أمر لا يطاق لفظياً. تم ذلك دون مشاركة أي طرف منا. أعتبره أمراً إجرامياً. لا أملك كلمات أخرى للوصف.»

يقرأ  اعتقال 74 شخصًا في مولدوفا بتهمة مؤامرة مدعومة من روسيا قبيل الانتخابات

أشار دي بودي إلى أن تفرد M HKA كمؤسسة «مرتبط بتاريخنا. يمكنكم نقل بعض الأعمال، لكنكم لا تنقلون شيئاً من الجوهر. لا يمكن تصدير الطليعية إلى غينت — إنها أنتويرب.»

قالت وزيرة الثقافة الفلمنكية، كارولين جينّيز، لوكالة بلغا: «يحق للمتاحف الفلمنكية أن تعتز بمجموعاتها. لكنّ لتحقيق طموحات التوسّع والدولية نحتاج إلى مزيد من التعاون.»

وتشير الوقائع إلى أن هذه القرارات اتُخذت دون مشاركة المؤسسات المعنية. نشر موظفو M HKA رسالة مفتوحة موجهة إلى الوزيرة ينتقدون فيها «هذا المخطط المجنون»، مؤكدين أنه أُعلن دون التواصل معهم مباشرة في أنتويرب ودون شفافية. تضمنت الرسالة رابط عريضة بعنوان «دعوة إلى احتجاج واسع: أبقوا مجموعة M HKA في أنتويرب!» على موقع openPetition، والتي تجاوزت أكثر من 2,600 توقيع حتى يوم الأربعاء.

يقول الموظفون في رسالتهم إن هدفهم «التعبير عن قلقنا إزاء القرارات السياسية الأخيرة المتعلقة بمستقبل متحفنا، التي علمنا بها أول مرة عبر الصحافة يوم الجمعة ثم يوم الاثنين… شعرنا بالمفاجأة ثم بالصدمة وحتى بالإهانة من خططكم وطريقة صياغتها والتواصل بشأنها.»

من جانبها، ربطت جينّيز قرارها بتقييم حديث أكّد أن M HKA «يعاني منذ مدة من غموض دوره كمتحف».

ورد المتحف في رسالته المفتوحة بأن M HKA، رغم كل تحدياته، «مكان فريد في فلاندرز حيث يتجلى الإمكان النقدي والاجتماعي للفن البصري المعاصر. يُمنح هناك الغموض والتعقيد مساحة؛ لا تُختزل الجمال والمعنى إلى رسائل بسيطة أو لقطات صوتية. بهذه الطريقة، يضطلع المتحف بدور أساسي داخل المشهد الثقافي — ليس كواجهة سياحية، بل كفضاء للتأمل والخيال والحوار.»

تأتي هذه التطورات بعد أسبوع من إعلان الحكومة الفلمنكية عن ألغاء مشروع المبنى الجديد لـ M HKA الذي كان يُقدَّر تكلفته بنحو 130 مليون يورو (حوالي 151 مليون دولار). كان المشروع قيد الإعداد منذ نحو عقد؛ فقد تُركت مسابقة المعمار لعام 2020 دون إكمال، وأُطلقت مسابقة جديدة في 2023. وقد أعلن المتحف في فبراير عن اختيار شركتي Bovenbouw Architectuur وChrist & Gantenbein لتصميم المبنى.

يقرأ  بيوتُ المزاداتِ تُعوِّضُ تراجعَ سوقِ الفنِّ عبرَ مبيعاتِ السِّلعِ الفاخِرةِ

وفي تقرير لوكالة بلغا بتاريخ 3 أكتوبر قالت جينّيز: «130 مليون يورو مبلغ ضخم ومسؤولية جسيمة.» «بصفتنا حكومة، علينا التأكد من أن أموال دافعي الضرائب تُنفق بحكمة.» تنص نسخة البيان الصادرة عن الحكومة الفلمنكية التي أعلنت هذه التغييرات على أن «الأموال المتحررة من مشروع البناء الجديد ستُستعمل جزئياً لدعم المتاحف الفلمنكية في مراحل انتقالها وتشغيلها المستقبلي.» ومن بين هذه التدابير خطة لتجديد مبنى M HKA الحالي.

في الرسالة المفتوحة الصادرة عن M HKA تناولت الإدارة نقل مجموعتها بتفصيل، مشيرة إلى أن هذا القرار «لا يأخذ بعين الاعتبار بشكل كافٍ الخبرات المكتسبة بالفعل، ولا الصلة بين المجموعة وسياقها وجمهورها، كما يتجاهل الحاجة إلى بنية تحتية مستقرة ومجهزة جيداً»، بالإضافة إلى أنه يتغاضى عن استراتيجية اقتناء المتحف التي تعتبر «مدينة انتويرب بوابة نحو العالم.» (ملاحظة: كلمة المجموعة كُتبت أحياناً خطأً كـ«المجموعة» في نسخ سابقة من الرسالة.)

لم يقتصر الاعتراض على المراكز المرتبطة بـM HKA فحسب؛ ففي تقرير Art Dependence نقل عن الفنان البلجيكي لوك تويمانز قوله عن القرار: «أنا غاضب. لا ينبغي أن ننسى أن M HKA كان أول متحف للفن المعاصر في بلجيكا. الحي بأكمله بُنِيَ حوله. هذا فقدانٌ كبير للهيبة لمدينة هامة مثل أنتويرب.»

يشكل نقل مجموعة M HKA إلى S.M.A.K. جزءاً من إعادة تصور الحكومة لشبكة المتاحف إلى ثلاث مجموعات تُقَاد كل واحدة منها بمؤسسة رئيسية تُسمى «منارة». بالنسبة للفن المعاصر، سيقوم متحف فلاندرز للفن المعاصر والراهن بخدمة دور المنارة.

أما المجموعتان الأخريان فشهدتا تغييرات أقل دراماتيكية. فالمتحف الملكي للفنون الجميلة في أنتويرب سيعمل كمنارة للفنون الجميلة وسيشرف الآن على متحف Hof van Busleyden في ميخلين وقصر غاسبك في لينيك. وبصفتها منارة «الفن الحديث والسادة البلجيكيين (1850–حتى الآن)»، سيتولى متحف Mu.ZEE في أوستند مسؤولية متحف روجر رافيل في زولت ومتحف FeliX Art+Eco في دروغنبوس.

يقرأ  لوحات جديدة لهنري غوندرسون بعنوان «يا لها من أوقات رائعة لنكون أحياء»

وجاء في البيان عن هذا الدمج الأخير: «تُكلّف المنارات الثلاث بتطوير رؤية شاملة للمجموعات لصالح مجموعة المجتمع الفلمنكي بشكل مشترك. المتاحف تكمل بعضها بعضاً، وقد أصبحت موزعة بشكل أفضل وتتطور معاً لتصبح متاحفاً وفق التعريف الدولي الجديد لـICOM.»

أضف تعليق