تواجه العديد من/الفنانين المقيمين في منطقة كوينز بنيويورك عقبات متكررة تتصل بانعدام الرؤية الجماعية والعزلة الجغرافية، ويرجع جزء كبير من ذلك إلى وجود «صحارى نقل» — مناطق تعاني نقصاً في وسائل النقل العام — مما يعيق تواصل المجتمعات الفنية وتبادل الجمهور. هذه إحدى النتائج الرئيسة لمبادرة «خريطة الثقافة في كوينز»، مشروع بحث امتد عاماً كاملاً لاستقصاء نقاط القوة والاحتياجات والعوائق التي تواجه مشهد الفنون والثقافة في الحي.
قاد فريق خدمات الفنون في مركز فلشينغ تاون هول (FTH) العمل بالشراكة مع مجلس ولاية نيويورك للفنون (NYSCA)، وشمل المشروع لقاءات عامة، استبيان مجتمعي، وأكثر من 150 مقابلة فردية مع فنانين ومنظمات عبر الأحياء — الكثير منهم ظهروا في الخريطة الرقمية الحبرية-المحلية (borough-wide) التي نُشرت الأسبوع الماضي.
صمّم النابلون فيّا نولن فيا (Nolen Phya) ووسامة وئاداني (Oussama Ouadani) المنصة الرقمية التي تحدد مواقع استوديوهات متعددة التخصصات، وصالات عرض، وحدائق مجتمعية، ومتاحف، ومساحات ثقافية متنوعة — من SculptureCenter في لونغ آيلاند سيتي إلى اتحاد فناني روكاواي — بهدف تعزيز الروابط عبر أحياء الكوينز.
أشار فيّا إلى أن نشأته في حي أوزون بارك بجنوب غرب كوينز صاغت إدراكه لعدم تكافؤ النقل في الأحياء: «للذهاب إلى مكان مثل فلاشينغ تاون هول، لا يوجد خط قطار مباشر. عليك أن تستقل حافلات متعددة للوصول، وبمجرّد التفكير في هذا التنقّل وحده، تتقلّص إمكانية حصولي على الفنون.»
إلى جانب ربط المجموعات مكانياً، جاءت الخريطة استجابةً للحاجة إلى مصدر مركزي للفنون والثقافة، وهو ما افتقدته المنطقة منذ أن دخل مجلس كوينز للفنون في توقف عامٍ لإعادة هيكلة في 2022، ثم اندمج لاحقاً مع نادي Varity للأولاد والبنات في آستوريا عام 2024. هذا الفراغ ترك فجوة واضحة في مجالات المناصرة، والتخطيط الاستراتيجي، وتنسيق الموارد، وفي وجود صوت موحد للمجتمع الفني، بحسب ناتالي بيدون، مديرة مشروع المبادرة، في لقاء الفنانين الشهري الذي نظمه المركز.
أوضحت بيدون أن منح المجلس التي كان يديرها سابقاً تُدار الآن عبر فلشينغ تاون هول ومؤسسة نيويورك للفنون في مانهاتن، ما أضاف بعض الالتباس حول أماكن التقدم للمنح وجعل وجود منصات مخصصة كالخريطة الرقمية أمراً ضرورياً.
يمكن للمستخدمين إضافة مواقعهم إلى الخريطة عبر نموذج تقديم إلكتروني، وفي المقابل يستعد المركز لنشر تقرير شامل بنتائج مبادرة رسم الخريطة الثقافية في الشهر المقبل.
عملت بيدون مع المتعاونة أمرا توماس على إعطاء أولوية للأحياء التي لم تحظَ بالاهتمام ذاته من حيث العروض الثقافية، بخلاف لونغ آيلاند سيتي وجاكسون هايتس اللتين تحوّلتا إلى بؤر للمعارض واستوديوهات الفنانين. «الناس كثيراً ما ينسون أمكاناً مثل الروكاواي وجنوب شرق كوينز، وهذا ما أردنا تسليط الضوء عليه»، قالت بيدون.
من بين المواقع البارزة على الخريطة:
– مركز Buena Onda Collective الفنّي البيئي في روكاواي؛
– مكتبة World’s Borough Bookshop في جاكسون هايتس؛
– منظمات ثقافية مجتمعية مثل Centro Corona وUn Colectivo Recuerda، التي تعمل من نفس المساحة في كورونا؛
– Allure Art Academy، مركز تعليمي فني جديد في سانت ألبانز أسسته الفنانة إيمي سايمون والمقرر افتتاحه منتصف أكتوبر.
تأمل سايمون أن تسهم مبادرة الخريطة في توسيع فرص العمل للفنانين داخل الحي. «أود أن أرى قسماً للباحثين عن عمل، والباحثين عن فرص تطوّع، والباحثين عن مساحات. يمكن أن يكون شيئاً قابلاً للتبادل، بحيث لا يتوجب على الفرد فقط أن يبحث عن المساحات، بل تستطيع المساحات أيضاً أن تبحث عن المساعدة.» وأضافت أنها تتطلع بصورة خاصة للتعرّف إلى الأعمال الفنية المختلفة التي تُنتَج في حارتها وربطها بفنانين آخرين.
في مجموعها، تهدف المبادرة إلى سد فجوات البنية التحتية الثقافية، وتيسير الوصول، وتمكين المجتمعات الفنية المحلية من صوتٍ منسق وفرص أكبر للتبادل والتعاون.