افتتح متحف التاريخ الطبيعي أبوظبي أبوابه رسمياً أمام الجمهور يوم السبت، مشكِّلاً إضافة نوعية إلى حي السعديات الثقافي سريع النمو. إلى جانب مجموعته المثيرة — التي تتضمن حفريات مهمة وُجدت في موقع البناء نفسه — جاء المتحف بهوية بصرية جديدة من تصميم Wiedemann Lampe، صُمِّمت لتنسجم مع طموح مبنى Mecanoo اللافت.
تمّ إشراك الاستوديو منذ المراحل المبكرة، مكلفاً بتشكيل كل شيء من الهوية البصرية والسرد إلى التسمية، وإرشادات الحركة، ونظام رقمي ومادي متكامل. ومع افتتاح أربعة متاحف جديدة في أبوظبي هذا العام وحده، كان ثَمَّة ضغط حقيقي لابتكار علامة تميّز تُستَعرَف فوراً.
يشرح بنجي ويدمان، الشريك المؤسس والمدير الإبداعي التنفيذي في Wiedemann Lampe، أن الخطوة الأولى كانت فهم المبنى ذاته، الذي يرتفع من الأرض في تشكيلات متعاقبة مستوحاة من صخور طبيعية. ويشير إلى أن العديد من متاحف العالم تتعامل مع مبانٍ تاريخية تراثية، بينما كان هذا المشروع عكس ذلك تماماً: «تحدٍ مثير أن نعمل على متحف في مبنى جديد كُلياً».
تتحول جزيرة السعديات تدريجياً إلى مركز ثقافي محوري، يضم متحف اللوفر أبوظبي، ومتحف غوغنهايم أبوظبي القريب من الاكتمال، وبيت الأسرة الإبراهيمية. يقع متحف التاريخ الطبيعي ضمن هذا السياق المعماري كثيف الوزن، لذا كان على أي علامة أن تثبت حضورها بين أسماء عالمية مرموقة.
بناء سرد حول «قوة الخماسية»
تعتمد هندسة Mecanoo على تكرار الشكل الخماسي، فصار هذا العنصر القائم حجرَ أساس للعلامة. لكن Wiedemann Lampe لم تقف عند الشكل الظاهري فحسب، بل بحثت عن أرضية مفاهيمية أعمق.
يصف بنجي كيف تطور التفكير: «الخمسة موجودة حولنا في كل مكان، وخرجت مراراً خلال العملية… خمسة عناصر: الأرض والماء والنار والهواء والفضاء. خمسة حواس. خمسة أصابع وخمسة أصابع قدم. وخمسة كلمات: متحف التاريخ الطبيعي ابوظبي. بدا الأمر سليماً».
من هنا طوّرت الاستوديو سرد «قوة الخماسية»، خيطاً موضوعياً يربط الهندسة المعمارية بالهياكل البيولوجية والتناظر الطبيعي بمهمة المتحف. هو سرد فريد وقابل للتعرّف، يحمل من العلم ما يحقق الجدية دون برود، وليس مجرد تجريد مبالغ فيه.
ثم تحوّل الشكل الخماسي إلى أساس نظام بصري يُستخدم في تأطير الصور، وخلق نَقَاط انتقالية، واستيعاب المحتوى عبر المطبوع والرقمي والمساحات المكانية. في أبسط تجلياته يعمل كخط إطاري، وفي لحظات أكثر تعبيراً يصبح فتحة مكانيّة ثلاثية الأبعاد، تقدم نافذة إلى زمن عميق، مستقبلات افتراضية، أو إلى الهندسة النحتية للمبنى نفسه.
شعار مُشَكَّل من المشهد الطبيعي
أفضت طبيعة المتحف الثنائية اللغة إلى أن الشعار الطباعي لم يكن خياراً عملياً. وفي حي يتنقل فيه الزوّار غالباً عبر البُنى المعمارية، اختار الفريق بدلاً من ذلك تصميم شعار يعكس شكل المبنى. تنوّعت المحاولات بين تفسيرات حرفية وأشكال مُجردة حتى بلورت التجربة مستوى مناسباً من القابلية للتعرّف، فالأثر النهائي يستحضر محيطَ مَخطَّط ميكانو المَستَخلَص من الانبعاجات دون أن يتحوّل إلى مُخطَّط تقني بحت.
يشير بينجي إلى أن الحَدّ الفاصل بين الحرفية والرمزية كان مقصوداً أن يكون دقيقاً، الأمر الذي أسفر عن شعار يشعر بأنّه متموضع في المكان لكنه يظل قابلاً للاستخدام عبر جماهير وسياقات متعددة، من أوراق عمل مدارس بسيطة إلى لافتات خارجية ضخمة.
التصميم اعتماداً على الشكل الحيوي والمحاكاة البيولوجية
إذا كانت العمارة قد منحت الهوية عمودها الفقري الهندسي، فإن هوية العلامة الأوسع استلهمت إشاراتها من الطبيعة ذاتها. تعامل فريق ويدمان لامب مع المشروع انطلاقاً من مبادئ الشكل الحيوي والمحاكاة الحيوية، مستعيراً لغة بصرية من العالم الطبيعي مع ملاحظة كيفية عمل الطبيعة وتكيّفها.
«العلامة بأكملها مستوحاة من البيولوجيا»، يوضح بينجي. شكّل الشكل الحيوي السرد العام بينما حدّدت المحاكاة البيولوجية سلوك الهوية. التجليّات الطبيعية تبدو واضحة في لوحة ألوان سخية تزيد على عشرين لونا مستمدة من المعادن والسماء والنباتات وطبقات الصخور الجيولوجية.
كما كان على الطباعة أن تتوسّط بين المتانة والليونة، فعمل الفريق مع فونتوورك على تخصيص الخط بانجيا — المسمى تيمناً بالقارّة العملاقة — الذي تميّز بالنعومة والدوران مع حافة طفيفة تمنحه طابعا معمارياً، كما احتوى أساساً دعماً للغة العربية. أضافت فونتوورك تقطيعات معمارية وعدّلت بعض الحروف وعلامات الترقيم مثل الفاصلة والاقتباس لربط الخط مباشرةً بزخرفة الشكل الخماسي.
جعلها مناسبة للأطفال والسائحين والعلماء على حدّ سواء
كان من أكبر التحدّيات التي واجهت الهوية مَسألة المَدى؛ فقد كان عليها أن تبدو صارمة بما فيه الكفاية للسياقات الأكاديمية، وجذّابة بما يكفي للزوار الأصغر سناً، ومرحبة بما يكفي للملايين من السائحين الذين يزورون أبوظبي سنوياً.
جاء الحل من خلال ثلاثة أعمدة موجهة — التعليم، والترفيه، والتمكين — استخدمها الفريق لضبط النبرة والتعبير بحسب الجمهور. بينما تطلّب المحتوى العلمي وضوحاً وقابلية قراءة، كان لزاماً على الهوية أن تلامس الجانب العاطفي أيضاً. «علامة المتحف أكثر بكثير من التعليم والبحث والحملات»، كما يؤكد بينجي.