دليلك إلى خمسة معارض فنية بارزة في سنغافورة

كانت تُعتبر محطّة هدوء عابرة، لكن سنغافورة تحوّلت اليوم إلى واحدة من أكثر عواصم الفن حيويةً وإثارةً في آسيا. المدينة الآن تنبض بمزيج من صالات عرض شابة وجريئة، ولاعبين مخضرمين، ومنصات طموحة جذبت اهتمام الجمهور الدولي. في قلب هذا الزخم يقف معرض آرت إس جي، أكبر معرض فني في جنوب شرق آسيا، ومعرض الأقمار الصناعية «إس.إي.إيه فوكس»، بالإضافة إلى «شهر صالات سنغافورة» الذي يحتفل هذا العام بأول نسخة يقودها المجتمع المحلي. تستمر الفعالية حتى 14 سبتمبر في نسختها الخامسة، حيث تجمع أكثر من ثلاثين صالة عرض في مهرجان شهري يشمل معارض، محاضرات، ورش عمل، زيارات لاستوديوهات الفنانين، جولات في بيوت جامعي الأعمال، وسوق مؤقت لبيع أعمال فنية ومقتنيات بأسعار في المتناول.

في مقدمة هذا الزخم خمس مساحات بارزة تشكّل حوارات جديدة وتغذي المواهب. بعضها يركز على إبراز أصوات سنغافورية صاعدة، بينما يسعى آخرون لربط سنغافورة بنبض سوق الفن الأوسع في آسيا والمحيط الهادئ. معاً، تُظهر هذه المبادرات كيف أن التجريب والتعاون ووجهات النظر الجديدة تقود مستقبل الفن في سنغافورة.

Yeo Workshop — ييو وركشوب
اودري يو بدأت مسيرتها كصاحبة صالة عرض في لندن قبل أن تعود إلى سنغافورة في 2013 وتؤسس «يو وركشوب» في مجمّع جيلمان باراكس الفنيّ الذي تم تحويله حديثاً. خلال عقد من الزمن بنت الصالة سمعة راسخة بتمثيل فنّانين من جنوب شرق آسيا يعتمد عملهم على حرفية متينة وحكايات إنسانية جذابة، من بينها فنانة بالينية مثل سيترا ساسميتا، والرسامة الماليزية أنوم، والفنان الإندونيسي ماريانتو، والفنانة السنغافورية وي لينغ تاي.

تتميّز الصالة أيضاً بمبادرات تتجاوز تنظيم المعارض فحسب، من نشر أول مجلّد شامل عن الفنان السنغافوري الرائد سولامالاي ناماسيفايام إلى جلسات رسم الحياة الحميمة، مناقشات، وجبات فنية للتقدير، واجتماعات جامعي الأعمال لتعزيز التواصل مع المجتمع المحلي. الصالة تحتفل هذا العام بذكرى تأسيسها الثانية عشرة من خلال معرض جماعي بعنوان «احتضان (الفضاء)» يضمّ أسماء مثل أكي حسن وجاستن لوك ومارسين دوديك وغيرهم.

يقرأ  شركة بيبول إنك تبيع تمثال «بلانتوار» من عمل أولدنبورغ وفان بروغن

بصفتها رئيسة رابطة صالات العرض في سنغافورة، تقود ييو أيضاً «شهر صالات سنغافورة»، ولعبت دوراً فاعلاً في إطلاق معرض إس.إي.إيه فوكس وجائزة يوليوس بير للجيل القادم للفنانين الرقميين في جنوب شرق آسيا. كما تقول: «مشهد الفن في سنغافورة لا يزال في طور النشوء، لذا هناك مساحة واسعة لكلّ الأطراف لتنمو وتطوّر الطلب. لكلّ صالة دور مهم في بناء منظومة فنية أقوى وأكثر حيوية.»

FOST Gallery — فوست غاليري
تدرّبت ستيفاني فونغ كمحامية قبل أن تستجيب لنداء الفن، فأسّست «فوست غاليري» عام 2006 حين كان المشهد الفني في سنغافورة لا يزال ناشئاً. ما بدأ في بيت تجاري قرب نهر سنغافورة تحوّل إلى واحدة من أكثر فضاءات الفن المعاصر تقدّماً في جنوب شرق آسيا، الآن مقرّها في جيلمان باراكس. منذ البداية كانت رؤية فونغ تدور حول الفنان؛ لا قيود على الوسائط أو الأساليب بقدر ما يهمّ العمل مع فنانين يلتزمون بالفن كمهنة ويستخدمون لغة بصرية أصيلة للتعبير.

تدافع «فوست» عن أصوات سنغافورية رائدة مثل جون كلانغ وغريس تان ووين-لين تان ودونا أونغ وإيان وو، وفي الوقت نفسه ترعى أسماء صاعدة كجون تشان ولفيندر تشانغ. يثري الفنانون الدوليون مثل في في أوانه من فيتنام وعديل زفار من باكستان قائمة الصالة المتنوعة. إلى جانب المعارض، تشتهر «فوست» بمحاضرات الفنانين، منشورات بحثية، والتركيز على علاقات طويلة الأمد. كما تقول فونغ: «إيجاد المعنى فيما أفعل أمر في غاية الأهمية بالنسبة لي.»

Haridas Contemporary — هاريداس كونتمبوراري
أسّسها في 2023 صاحب الرؤية العميقة كريستيان هاريداس، وسرعان ما أصبحت منصة حيوية للفنانين السنغافوريين والذين يقيمون في سنغافورة سواء كانوا في بداياتهم أو في منتصف مساراتهم المهنية، إلى جانب فنانين من بقية جنوب شرق آسيا. بعد خبرة تقارب العقدين في مؤسسات رائدة مثل STPI وجاليري غاجاه وريتشارد كو فاين آرت، يجلب هاريداس معرفة سوقية واسعة والتزاماً شخصياً برعاية المواهب. تتضمّن قائمة الفنانين لدى الصالة أسماء مثل ميليسا تان وجيريمي شارما وإسموند لو وجون ماري أندرادا.

يقرأ  متحف دالاس للفنون يعيّن برايان فيريسّو مديرًا جديدًا

يعتمد نموذج تطوير الفنانين في الصالة نهجاً طويلاً الأمد، حيث يجري اكتشاف الخريجين الواعدين من كليات فنون مرموقة مثل لاسال وآكايدمي نانيانغ، ويمنحون عادة فرصة للمشاركة في معرض جماعي يمكن أن يتطوّر إلى معرض منفرد ويمهّد لتمثيلهم. كما يقدّم هاريداس إرشاداً للفنانين حول تحقيق توازن بين الطموحات المهنية والواقع المالي للحياة في سنغافورة. الآن، ومع انتقالها إلى مركز تانجونغ باغار للفنون، تسعى «هاريداس» للنمو جنباً إلى جنب مع المشهد الفني المعاصر الشاب في سنغافورة ولـ«خلق شعور بالثقة» في سوق الفن المحلي.

Cuturi Gallery — كوتوري غاليري
رغم نيله درجة الماجستير في الفيزياء ومسيرة مهنية في التكنولوجيا شملت عملاً لدى أمازون، غيّر الجامعي الإسباني جامع الفن كيفن ترويانو كوتوري مساره إلى عالم الفن في 2019 عندما افتتح صالته التي تحمل اسمه. «لم تكن لدي خبرة سابقة وتعلّمت أثناء العمل. ولا زلنا نتعلّم حتى الآن»؛ بهذه الكلمات يصف تحوّله. تشتهر الصالة اليوم بعرض جيل جديد من الفنانين السنغافوريين والدوليين على حد سواء، وتمثل أسماء مثل عائشة روسلي وخيرالدين واب وشين جياكي. سعت الصالة أيضاً لرفع مكانة فنانيها دولياً، كما حدث بتعاونها عام 2023 مع مايكل كوهين غاليري في لوس أنجلوس لمنح الرسام السنغافوري فارس هايزر أول معرض منفرد له في الولايات المتحدة.

تقع الصالة في بيت تجاري محافظ في حي كامبونغ غلام الفني، وتدير برنامج إقامة داخلي يختتم بعرض منفرد للفنانين المحليين والأجانب. كما نظّمت سلسلة معارض تابعة في لندن عام 2022 وتخطط لافتتاح فرع دائم في أوروبا بحلول 2026. يرافق برنامج الإقامة مبادرة تشبه حاضنات التكنولوجيا، يحصل فيها الفنانون على توجيه وموارد مثل المواد الفنية.

يقول كوتوري عن علاقته مع الفنان: «أحبّ أن أتصوّر العلاقة كشراكة؛ يجب أن تكون هناك رؤية مشتركة في بيئة من الثقة والتواطؤ. إذا كان كلا الطرفين على نفس الموجة، فستكون العلاقة قوية جداً. المفتاح هو تبنّي نهج طويل الأمد.»

يقرأ  يبدو أن معرض NADA في ميامي يفقد عارضين لصالح معارض أخرى بالمدينة

Sullivan+Strumpf — سوليفان + سترومبف
تحتفل هذا العام بمرور عشرين عاماً على تأسيسها، وهو إنجاز يبرز تأثيرها كواحدة من أبرز صالات الفن المعاصر في منطقة آسيا والمحيط الهادئ. تأسست في سيدني عام 2005 على يد أورسولا سوليفان وجوانا سترومبف، وتوسعت إلى سنغافورة في 2016 بفتح مقرّ في جيلمان باراكس، لتصبح أول صالة أسترالية تقيم حضوراً دائماً في آسيا. تستضيف الصالة اليوم نحو ثلاثين معرضاً سنوياً عبر فضاءاتها في سنغافورة وسيدني وملبورن وتمثل ما يقرب من خمسين فناناً في مراحل مختلفة من مسيرتهم، من ضمنهم داون نغ، إرفان هندريان، كانشانا جوبتا وليندي لي. كما تطوّر معارض خاصة بالعرض على الإنترنت وتنشر مجلة فصلية. في يوليو الماضي انتقلت إلى حي تيونغ باهرو المعروف بعمارة الآرت ديكو، وفن الشارع، والمكتبات المستقلة، والمقاهي العصرية.

تقول سترومبف: «في كل جوانب عملنا نسعى لتهيئة جوّ شامل ودافئ. في النهاية، الأمر يتعلق بالترحيب، الحفاظ على العلاقات، والتواصل الجيد.»

أضف تعليق