دونالد موفيت يحوّل التجريد إلى تجربة حسية قصوى

عنوان معرض دونالد موفيت الأخير، «ندفيه» — اختيار استفزازي مقصود. قال لي قبل أسبوع من افتتاحه، وهو أول معرض فردي له في نيويورك منذ 2019: «لا أعرّف نفسي كـ’ندفة‘. قد يُوصف بي ذلك، وسأرتديه بسرور. لكنّ الكلمة كتصنيف سلبي تخدمني كما خدم عنوان معرضي الأول في نيويورك».

كان يقصد معرضه عام 1989 الذي حمل اسم أغنية جوان أرمتريدينج من عام 1983، والتي ترجمها إلى «أحبُّ حين تُنادينني بألقاب»، والمعرض الذي أقامه آنذاك في غاليري ويسل أوكونور في سوهو. في ذروة أزمة الإيدز كان موفيت منخرطاً في مجموعة الفنانين المرتبطة بـغران فيوري وحركة آكت آب، وقد وُسمت أعماله حينها بـ«فن المثليين». يرى موفيت وجود «دورانية» بين المعرضين اللذين يفصل بينهما أكثر من ثلاثين عاماً. «آنذاك بدا من الضروري أن أُطلق على العرض ذلك الاسم، وكذا الآن من المهم أن أسمي هذا العرض ’ندفيه‘»، أضاف.

مقالـات متعلقة

ينسج موفيت أيضاً صِلة بين مصطلح «ندفة» وأزمة المناخ الراهنة، التي بدأ يتناولها في أعماله قبل عدة سنوات. عن التجريدات المعروضة حالياً في غاليري ألكساندر غراي في تريبِكا قال: «تبقى زاخرة على السطح. هذا المعرض عن ما يكمن خلف ذلك بطرق عديدة: مادياً، وفلسفياً، وسياسياً، وحتى عاطفياً».

أشار إلى لوحتين جديدتين بعنواني Lot 052525 (طائفة الطبيعة، ذوبان 1) وLot 061625 (طائفة الطبيعة، ذوبان A)، اللتين تُظهِران كُتل طلاء زيتي مُمدّدة إلى أهداب رفيعة باستعمال أدوات تزيين الكيك، ثم مُركّبة على ألواح خشبية مُقطّعة. كما يوحي اسماهما، تبدوان كمثل لثلجٍ متساقط: الأولى بيضاء نقية تواً، والثانية بلون قصديري داكن ما يقرب من الأسود، تنزلقان عن سطح.

«الطبقة الحاملة نفسها تذوب بعيداً عن خلف السطح المرسوم — مادياً، هذا أمر بسيط وواضح»، قال موفيت. «لكن الاستعارة تتعقّب وتتعمق بقدر ما تريد، وإمكاناتها الفلسفية موجودة».

يقرأ  عودة تمائم العلامات التجارية: لماذا تعود الشخصيات الدعائية إلى الواجهة؟

باستثناء عملين، كلاهما بأزرق جليدي، تتراوح أعمال المعرض أساساً بين أبيض وأسود. لوحة الألوان هذه أكثر كآبة بوضوح من الأحمر الداكن والأزرق والأخضر الذي ميّز أعماله في معرض 2019 لدى ماريان بوسكي في تشيلسي. «نحن في أزمنة مظلمة — لا ريب في ذلك»، قال. الأبيض، بحسبه، يعمل كـ«رد فعل أمل» تجاه النغمات السوداء. «إنها أقصى درجات الزمن الذي نعيشه».

بعد ساعات من مقابلتنا أضاف موفيت: «اختياراتي كانت محدودة إلى حد ما لمحاكاة الاختيارات التي نواجهها جميعاً في المناخ السياسي الراهن، وهي حادة — وأكثرها أو أقلها أسود وأبيض».

تعود جذور هذه الأعمال المبنية، التي يصفها بـ«اللوحات الباسطة»، إلى سنوات ما بعد أزمة الإيدز. في التسعينيات، مع توافر العلاج المضاد للفيروسات الوسيط الذي خفّض من أسطورة حكم الإيدز كحكمٍ محتوم، بدأ نشاط غران فيوري وآكت آب يتراجع. اعتقد موفيت، الذي كان وراء بعض أكثر التعبيرات صراحةً عن الغضب من تهاون الجمهوريين آنذاك، أنه بحاجة إلى تغيير مقاربته الفنية. كان الشعور بالإرهاق في تلك الحقبة «ملموساً وحقيقياً»، وشعر ربما أنه «قد استُنفد في الأستوديو كذلك. فكّرت، كعلاج لذلك، أن أذهب لأتعلّم شيئاً آخر». فاتجه إلى تزيين الكيك.

خلال إحدى الدروس انقلب تفكيره من الكريمة إلى الطلاء. عاد إلى الأستوديو متجدداً وبدأ تجاربه في معالجة الطلاء كما لو كان آيسينغ. بدأ بالأكريليك لكنه وجد أنه لا يتصرف بالشكل المرغوب، فحوّل إلى الزيت. «إنه طلاء زيتي بكل معنى الكلمة — غير مخلوط، غير ملمّع، حرفياً»، قال.

بعد نحو ثلاثين عاماً، ما يزال موفيت يرى في التجريد «ثروات قد تكون أعمق من، لنقل، الشكل/التجسيد. وهناك معرض يثبت ذلك». وتابع: «ما زلت أعتبر [التجريد] ممراً مرحباً للتأمل الواسع في الاجتماعي والسياسي. هذه الأعمال هنا وصفية إلى حد ما. تبقى داخل إقليم التجريد، لكنني أختلف مع من يقول إن هذا حدّها. هناك نزف في تعريف التجريد يشكل جزءاً من هذه المجموعة الجديدة».

يقرأ  جيف بو: تاجر الفن يكشف أسراره— والمزيد من الأخبار الفنية

ذلك «النزف» من التجريد نحو السياسي يتجلّى أيضاً في عناوينه. على سبيل المثال تبدو لوحة Lot 030525 (طائفة الطبيعة، مجسّة قطبية) كمشهد ثلجي استُخرِجت منه أعواد جليدية بأشكال متعدّدة، بينما Lot 060825 (طائفة الطبيعة، فيضان) تذكر بمياه فيضانية متدفقة قد تكون نتيجة ذوبان أغطية الجليد القطبية. العمل الأسود الكامل Lot 062525 (طائفة الطبيعة، أول تساقط للثلج) يرسم مستقبلاً أكثر قتامة وإحباطًا، وكأنه يعكس مناخًا من القلق الثقافي والسياسي لا يُبشّر بخير.

المعرض يضم أيضاً ثلاث ملصقات خلفية للمركبات، جزء من سلسلة مستمرة بدأ موفيت عرضها فعليًا منذ معرضه في متحف ماكني للفنون في سان أنتونيو عام 2022. في بداياته الفنية كان يصنع بطاقات بريدية عُرضت بنفس الأسلوب «كتلة ومجانية الأخذ»، لكنه يرى أن تلك البطاقات كانت أكثر جرأة واندفاعًا مقارنةً بالملصقات الحالية. النصوص الثلاثة في العرض الحالي تُقرأ هكذا: «العلم»؛ «لا تقتل شيئًا»؛ و«اضْحَك. أشعل الشغب.»

هذه القطع تستحضر أحد أعمال موفيت الأيقونية، He Kills Me (1987)، حيث يقترن هدف أسود وبرتقالي بصورةٍ سوداء وبيضاء للرئيس آنذاك رونالد ريغن، وتحت صورته جملة «He Kills Me». العمل وُضع في سياقٍ تاريخي مأساوي: ذلك العام شهد أول خطاب لريغان حول أزمة الإيدز، بعد ست سنوات على اندلاع الوباء والتي راح ضحيتها عشرات الآلاف. بالنسبة إلى موفيت، النصوص البصرية تظل أداة قوية دائمة الحضور: «القدرة البيانية لمهاراتي واللغة، وفعاليتها، لا تغيب عن بالي—أبدًا»، كما صرّح عند عودته إلى القطع المعتمدة على النص.

“Snowflake” — الذي افتتح الجمعة الماضية ويستمر حتى 25 أكتوبر — يمثل عرض موفيت الأول مع ألكسندر غراي بعد علاقة امتدت 23 عاماً مع ماريان بوسكي. قرار التغيير لم يكن نقلة تجارية بقدر ما كان رغبة في خوض هندسات فكرية ومعمارية جديدة: «فكرت، لو أردت أن أُجري تغييرًا لأجرب عمارة أخرى، عقولًا أخرى، وإمكانيات أخرى، فحينها يجب أن أفعل ذلك.» التقاءه بألكسندر غراي يعود لزمان طويل قبل تأسيس الغاليري في 2007، وللعلاقة الطويلة أثرها، لكن برنامج المعرض هو ما جذبَه في النهاية: «هناك مجموعة من الفنانين هنا أعشقهم وأتابعهم، فكان القرار سهلاً عندما حان وقت اتخاذه.»

يقرأ  تحقيق: بعض الجنود يلجأون إلى خدمات العاملات بالجنس رغم الحظر

في غرفة خلفية من المعرض عُرض عمل أقدم يُبيّن كيف يدمج موفيت التجريد مع مواقفه السياسية. لوحة مستطيلة مغطاة بموجات من الطلاء الزيتي الفضي اللامع تشكّل سطحًا معدنيًا براقًا، وعلى هذا السطح عُرض فيديو يقارب خمسة عشر دقيقة يظهر البيت الأبيض ليلاً؛ لقطات حبيبية ومخيقة تجعل المبنى يبدو مهيبًا ومهددًا. العمل Aluminum/White House Unmoored (2004)، رغم أنه نشأ في لحظة سياسية متوترة قبل عقدين، يظل متسق الصلة مع حاضرنا كما لو أن الزمن لم يبدّل شيئًا.

عند سؤاله عن سبب إعادة عرض العمل الآن، اكتفى موفيت بالقول ببساطة: «القطعة معي دومًا. عرضناها في لحظات مناسبة على مرّ السنين، وهذه لحظة أخرى فحسب. انه وقت مهم للفن، وللفنانين، وللغالريات. أعتقد أن على الفنانين أن يلعبوا دورًا وأن يُواجَهوا بالتحدي.» وأضاف في نهاية حديثه: «فلنُشعل أعواد الثقاب.»

أضف تعليق