مرحاض مقلوب، جاروف متدلٍّ من السقف، سرير غير مرتب، موزة ملصوقة بشريط لاصق على الحائط… والآن كومة من الحبال القديمة. التركيب التصوري للفنان البريطاني ديفيد شريغلي يتكوّن من نحو عشرة أطنان من الحبال المهملة متراكمة على أرضية صالة ستيفن فريدمان، وهو العمل الأحدث الذي يطرح تساؤلات عن قيمة الفن.
حمل المعرض عنوان «ديفيد شريغلي: معرض الحبال القديمة» وافتتح الخميس في لندن. الفنان، المعروف بلوحاته المبسطة جداً والمشحونة بمغالطات منطقية أبسط، يُعدّ ملك النكات المختزلة في عالم الفن. وهذا المعرض تماماً على شاكلته: «كومة من الحبال القديمة». سعر العمل مُعلن بـِ 1 ملليون جنيه إسترليني، وهو مبلغ ضئيل مقارنة بالـ 6.2 مليون دولار التي دُفعت العام الماضي في نيويورك مقابل موزة ماوريتسيو كاتيلان المُلصوقة بشريط لاصق.
قضى شريغلي شهوراً في البحث داخل المملكة المتحدة عن حبال مُلقاة، كثير منها مرشّح للذهاب إلى مقالب النفايات. يوضح نص المعرض أن غالبيتها كانت ذات استخدامات بحرية «من حبال رسو السفن السميكة إلى خيوط رفيعة على عوامات العلامة، وخيوط طويلة لأسراب الصيد، وشباك جرَّاط وسِلال خرشوف السرطان»، وأضاف: «وأخرى جرى إنقاذها من مدارس تسلق الجبال، ومن فنيي تقليم الأشجار، ومن مزارع طاقة الرياح البحرية، ومن عمال السقالات وشركات تنظيف النوافذ».
فما الرسالة التي يسعى الفنان لإيصالها؟ يبدأ الشرح بمثل شائع مفاده أن الحبل القديم بلا فايدة. «هو أيضاً يصعب إعادة تدويره، لذا هناك الكثير منه متناثراً»، يكتب شريغلي في ملاحظات المعرض. «فكرت: ماذا لو حولت ذلك إلى معرض حرفي للحبال القديمة، ثم قلت: نعم، هذا فن، ونعم، يمكنك أن تشتريه بملايين. العمل موجود لأنني مهتم بقيمة الفن لدى الناس، وهذا المثل أعطاني سبباً لاستكشاف الفكرة. أرى أن سعر 1 ملليون عادل جزئياً بسبب الفكرة وجزئياً لأن الكمية كبيرة فعلاً من الحبال».
موقفه الملتزم بالسخرية الجافة ليس بغريب. التركيب يبدو كتجسيد مادي لأعماله على الورق، وسهل تخيّل عرضه في أسلوب لوحاته؛ رسم خطي بدائي للحبال المكدّسة تحت العبارة «مال لحبال قديمة» — «Money for old rope».
سيفرق المعرض الآراء كما هو شأن معظم الفن التصوري، لكن عنصر الصدمة فقد من تدريجته فيما بعد لأن مثل هذا النوع لم يعد مفاجئاً في عالم الفن. «الأعمال الجاهزة» أو الـ readymades، وهو مصطلح وضعه مارسيل دوشامب، موجود منذ أكثر من قرن، وسبق له أن تبنّاه فنانون مثل مان راي وجوزيف بويز وحتى بابلو بيكاسو قبل أن تهزّ سرير تريسي أمن عناوين الصحف عام 1998.
أشار كاتب فنون الغارديان إيدي فرانكل إلى نقطة جديرة بالتكرار: «إبداء تعليق لاذع عن قيمة الفن داخل صالة تكافح من أجل البقاء مالياً (أعلنت صالة ستيفن فريدمان عن خسائر كبيرة في وقت سابق هذا العام) يبدو محرجاً أيضاً»، كتب. «كأن شريغلي يقول: ’يا جماعة، كنتم ستشترون أي خردة كانت، أليس كذلك؟‘ ومع ذلك هذه صالة تجد صعوبة حقيقية في بيع أي خردة كانت».
يبقى أن نترقب من، إن وُجد، سيوافق على دفع 1 ملليون جنيه ثمناً لهذه «الخردة القديمة». لكن التوقيت جوهري، ومع ظهور عمل آخر لافت لكاتيلان هذا الشهر في مزاد نيويورك — مرحاض ذهبي من عيار 18 قيراطاً يزن 100 كيلوجرام — سيُعرَض شهيّة السوق على الفن التصوري للاختبار.
مقالات ذات صلة