رافائيل سيلفيرا يصهر الأفكار والذكريات في لوحات

هناك شيء معدٍ في أعمال الفنان البرازيلي رافائيل سيلفيرا؛ كأن الحماسة التي يستقيها من نقل رؤيته إلى القماش تتراكم داخل تلك المصاصات الذائبة، وأفواه الورود، والطيور المراوغة. تلك الحماسة ترتدّ بعد ذلك نحو المتلقي، فتعلّق ابتسامة خفيفة على الشفاه. الكثير من أعماله الحالمة يمكن مقارنتها بماجريت، أحد أبرز سرياليي التاريخ، الذي غالباً ما ضمَّن أشياء غير متوقعة عائمة في مساحات تُخصّص عادةً لسمات الوجه (تفكر في التفاح والبرتقال وأقفاص الطيور مكان الرأس). لكن بينما اتكأ ماجريت على لوحة ألوان أكثر هدوءاً، يستعين سيلفيرا بألوان شبيهة بحلوى القطن تكاد تنزلق من على القماش. في مشاهده تُحاصَر التماثيل النصفية بلا رؤوس بنباتات سائلة أو رفقاء ريش لهم عيون في بطونهم، وسط سحب قرمزية وسموات زمردية. سنجد أيضاً أشجاراً تغازلها فروع على شكل كعوب عاليات، وعيوناً تنسحب من على الطاولات—إيماءة طفيفة نحو دالي، ربما.

لا يبدو أن هناك حدوداً لتيارات خياله؛ «منذ ان اذكر، وأنا أرسم، ويمتلئ فكري بخيال فوضوي يدمج كل ما حولي، كأن كل شيء يذوب ويلتحم بطريقة ما، بما في ذلك أفكاري وذكرياتي. أعتقد أني بدأت الرسم بتقليد أختي الكبرى»، هكذا يروي.

حين شبّ، لم يعتبر سيلفيرا نفسه ماهراً بشكل خاص بالقلم. غير أن هوسه دفعه إلى تجسيد الصور الغريبة التي تغزو فكره النابض، بكل الوسائل المتاحة. في مراهقته المبكرة بدأ بإصدار زينات ساخرة متأثراً بمجلة MAD وروبرت كرومب، ثم انطلق في مسار مهني دام عشر سنوات كرسّام غرافيك، عمل في التصميم والإعلان والإيلستريشن. وما زلنا نلحظ في أعماله اليوم آثار تلك الدقة والتشذيب الخطّي، إلا أن استعادته للفرشاة منحت لوحته بعداً إضافياً وحريّةً تعبيريةً أوسع تلائم أسلوبه.

كانت شقيقته هي المحفّز النهائي لتحوّله الكامل من فن الغرافيك إلى الرسم الزيتي. هي نفسها كانت رسامة زيت متقنة تتناول موضوعات تقليدية مثل المناظر والطبيعة الصامتة، لكنها فارقت الحياة في عمر الثالثة والثلاثين، وخلف رحيلها أثراً عميقاً في نفسيته. بالتقاطه للفرشاة حيث تركت هي، شعر سيلفيرا ضمنياً أنه أبقى روحها الإبداعية حية. يشاركنا: «بعد عام على موتها، بدأت أمارس الرسم. بدا الأمر كما لو أن الطاقة التي كانت تدفعها للرسم بقيت تحوم فوق العائلة، وبالتدريج إذابت واندمجت مع روحي. وبعد حوالى سنتين حتي تركت عملي الرسمي لأصبح فناناً متفرغاً. كان ذلك في 2009.»

يقرأ  إبداعات رائعة بالحبر والألوان المائيةمستوحاة من طوكيوإريكا واردــــــــــــــــــــــــــــالتصميم الذي تثق به، التصميم اليومي منذ ٢٠٠٧

أضف تعليق