رحلة في رقمنة أرشيفات جاي غورني للفن الحديث

مشروع تاريخ صالات العرض في نيويورك

لمحة تمهيدية
تضم ذاكرة صالة العرض “جاي غورني مودرن آرت” مجموعة من المعارض البارزة التي شكلت جزءًا من المشهد الفني في نيويورك خلال ثمانينيات وتسعينيات القرن الماضي: من أولى عروض لاري بيتمن الفردية في المدينة، إلى عرض نسخ أعمال نان غولدين من The Ballad of Sexual Dependency (1985)، وإعادة تصور باربرا بلوم المفاهيمي لآثار التيتانيك، وسلسلتا كاثرين أوبي “L.A. Freeways” و“Mini Malls”، فضلاً عن معارض جماعية ضمت أعمال إدوارد مويبريدج ومايكل سنو وهيّم ستاينباخ وغيرهم. كل هذا وغير ذلك كثير هو جزء من تاريخ العرض في تلك الصالة التي استمرت قرابة عقد ونصف قبل أن يتلاشى أثرها تدريجيًا من ذاكرة الساحة الفنية.

المشروع والأهداف
استجابةً لخطر النسيان، تعاونت مؤسسة Independent، المنظمة التي تدير معارض فنية ونشاطًا نشرَيًا، مع Contemporary Art Library — التي نبتت من الموقع المتابع عن كثب Contemporary Art Daily — لتأسيس مشروع New York Gallery History. أحد ثمار هذا التعاون كان أرشفة محتويات صالة جاي غورني وإتاحتها رقميًا للمرة الأولى، ما يتيح للعموم والباحثين الوصول إلى مواد كانت حتى وقت قريب خارج دائرة الوصول.

لماذا الأرشفة مهمة
بحسب فورست أراكاوا-ناش، المدير التنفيذي لمكتبة الفن المعاصر، بدأ الأمر عندما لاحظ فريق العمل أن الموقع يُستخدم عمليًا كأرشيف لمرحلة حديثة من تاريخ الفن. كانت الاستجابة إنشاء منصة مخصصة تحفظ مواد معرضة للضياع: وثائق وصورًا ومواد أرشيفية من فضاءات أغلقت أبوابها، بهدف منع زوايا من تاريخ الفن من الاختفاء. من بين المساحات التي شملها التوثيق سابقًا Foxy Production وOff Vendome وParadise Garage وCleopatra’s وMatthew وNew Jersey.

دور إليزابيث دي
إليزابيث دي، مؤسسة Independent وصاحبة خبرة سابقة كصاحبة صالة عرض، رأت في المشروع امتدادًا لشغفها وارتباطها بمشهد إيست فيليدج في ثمانينيات القرن الماضي؛ معارضها التي أدارتها بين 1997 و2016 موثقة أيضًا على منصة مكتبة الفن المعاصر. لفتت إلى أن تاريخ صالة جاي غورني ثري وله أثر مهم، لكنها لاحظت أيضًا فجوة عملية: كثير من الأعمال المنسقة داخل صالات أغلقت لا تحصل على الاعتراف الذي تستحقه، ويُعاد سرد التاريخ أحيانًا بشكل تبسيطي أو خطي عندما تتبنى دور المعارض الأخرى الفنانين لاحقًا. لذلك من الضروري أن يتمكن المؤرخون والباحثون من الوصول إلى تلك العروض الأولى كما جرت في وقتها.

يقرأ  إعفاء سارة فيرغسون، دوقة يورك، من مهامها في مؤسسة خيرية إثر رسالة إلكترونية مرتبطة بجيفري إبستين

أرشيف جاي غورنيي ومحتوياته
افتتحت صالة جاي غورني على شارع 10 في إيست فيليدج عام 1985 قبل أن تنتقل إلى شارع جرين في سوهو عام 1987 وتواصل نشاطها حتى 1998. خلال تلك السنوات أقامت الصالة معارض لفنانين قياديين في جيلهم مثل كاثرين أوبي، باربرا بلوم، لاري بيتمن، بيتر ناجي، روني هورن، تيم رولنز + K.O.S، جيسيكا ستوكهولدر، جيليان ويرنغ، إلى جانب أسماء أكثر رسوخًا كالمرء جوزيف كوسوث وميكيلانجيلو بيستوليتو وألن روبيرسبرغ.

تباينت مواد كل معرض ضمن أرشيف الصالة؛ فبعض الملفات احتوت على لقطة أو لقطتين لتركيب المعرض، فيما تضمن آخرون صورًا متعددة لأعمال فردية أو حتى بطاقات دعوة للعروض. ما فقدته الصالة فعلاً هو كثير من المواد الورقية التي كانت مخزنة في قبو مبنى تشيلسي للفن وتعرضت للتلف حين غمرته مياه إعصار ساندي عام 2012. ما تبقى لدى غورني كان صناديق من الشرائح الشفافة (الشفّافات) والأشرطة الملونة المخزنة في منزله، والتي شكلت المادة الأساسية للاحتفاظ الرقمي الحالي. الأرشيف الرقمي مستمر في النمو إذ تواصل الفرق التواصل مع الفنانين والمعارض الحالية وأطراف أخرى لاستكمال المواد.

عملية الرقمنة والآثار
استغرقت عملية رقمنة أرشيف الصالة نحو ستة أشهر، شملت تنظيم وتحديد كل مادة وربطها بسيرورة الصالة الزمنية؛ وكانت هذه أكبر عملية رقمنة تتولاها مكتبة الفن المعاصر حتى الآن. وصف غورني العمل على المشروع بأنه تجربة مؤثرة ومغيّرة، حتى إن التفكير في الأرث والميتَة كان ممزوجًا بالمشاعر أثناء اشتغاله على الأرشفة: «كان مهمًا وحرك في داخلي مشاعر كثيرة». وأكد أن الأرشيف «حي» وسيُستكمل ويُضاف إليه المزيد، إذ لم تحفر الصورة بعد على نحو نهائي.

مراحل لاحقة وخاتمة
يتجه مشروع New York Gallery History لاحقًا إلى رقمنة أرشيف Orchard التي عملت على اللوور إيست سايد بين 2005 و2008، وQueer Thoughts التي تأسست في شيكاغو عام 2012 وانتقلت إلى تريبِيكا عام 2015 وأغلقت في 2023. تأتي هذه المبادرة في ظل موجة إغلاقات صالات هذا العام، ويأمل غورني أن يترك المشروع صدىً يذكرّ الفنانين وصاحبي الصالات الشباب بأنه يمكن إدارة صالة عرض بطرق متعددة وبمنهج تفكيري وثقافي يسهم في تشكيل تاريخ الفن لا مجرد تجارة فحسب.

يقرأ  شهود يروون حادثة إطلاق النار في مدرسة كاثوليكية بمدينة مينيابوليس

أضف تعليق