رحيل الفنان المفاهيمي الإيطالي عن عمر يناهز ٨٩ عاماً

وفاة فرانكو فاكّاري عن 89 عاماً

توفي الفنان الإيطالي فرانكو فاكّاري، أحد أبرز روّاد الخط التصويري المفاهيمي الذي وسّع آفاق التصوير الفوتوغرافي عبر تجاربه، عن عمر يناهز تسعة وثمانين عاماً، بحسب إعلان صالته في بولونيا P420، التي لم تفصح عن سبب الوفاة.

قبل أربعة أشهر فقط من افتتاح معرض استرجاعي لأعماله في متحف Museion في بولزانو، إيطاليا — المعرض الذي كان مقرّراً أن يفتتح في مارس ويُقام تكريماً لذكرى بلوغه عامه التسعين — فارق الحياة. كان الهدف من المعرض إظهار كيف خرجت أعماله من فضاءات الفن التقليدية لتلتقي بعين الجمهور العام.

ميّز فاكّاري اعتماده على مشاركة المشاهدين في إتمام أعماله، وقد أطلق عليها عادة اسم “esposizioni in tempo reale” أي “معارض في الزمن الحقيقي”. من أشهر تلك الأعمال Esposizione in tempo reale n. 4. Lascia sulle pareti una traccia fotografica del tuo passaggio، الذي عُرض في بينالي فينيسيا 1972، وكان جوهره كبسولة تصوير آلية تُعرف باسم Photomatic؛ جلس فاكّاري لالتقاط الصورة الأولى ثم طلب من الحضور أن يلتقطوا صورهم الشخصية ويقدّمونها ليُعرضَ ما تبقى منها أمام الآخرين.

بعد النجاح الذي حققته تلك التجربة، نفّذ فاكّاري مشروع Photomatic d’Italia (1972–1974)، حيث دعا مرتادي نحو ألف كشك Photomatic منتشرة في أنحاء إيطاليا إلى أن يكرروا الفعل نفسه، فنتج عن ذلك نحو أربعين ألف صورة ذاتية — ما صاغ عنده مفهوم “مساحة خاصة غارقة في الفضاء العام”. لاحقاً عبّر فاكّاري عن أن أعمالاً من هذا النوع تكشِف خبايا التصوير الفوتوغرافي “من خلال تقنيات قادرة على قصر دائرة الحضور المرهق للأنا”.

ولد في مودينا عام 1936، ونمت سمعته حتى صار من أشهر الفنانين الإيطاليين، حيث شارك في نسختين إضافيتين من بينالي فينيسيا بعد مشاركته عام 1972. كانت أول “معرض في الزمن الحقيقي” قدمه عام 1969 بعنوان Esposizione in tempo reale n. 1: Maschere، حيث وزّع على الحضور أقنعة تصور جورج والاس، حاكم ألاباما المعروف بدعوته للفصل العنصري، وطلب منهم ارتداء الأقنعة في غرفة معتمة مع تسليط مصباح يدوي بين فترة وأخرى على بعض الحضور.

يقرأ  توثيق التاريخ الذي يسعى ترامب إلى محوه

وضعت أعماله خلال السبعينيات داخل تيار المفاهيمية بشكل أوضح. ففي 1972 أنجز 700 Km di esposizione Modena-Graz، موثّقاً بمصورته مناظر متنوّعة على امتداد الطريق من مودينا إلى غراتس في النمسا، حيث عُرضت له أعمال؛ وكان المشروع ترجمة محلية لتقنيات مفاهيمية واردة من الولايات المتحدة (كما فعل إد روتشا حين صور محطات البنزين على طول صنست أوف ستريب عام 1966).

رغم أن فاكّاري ظل قليلاً ما يحظى بالاعتراف خارج إيطاليا على مستوى واسع، فإن له مناصرين مهمين من قيّمي المعارض: أدرج أوكواي إنويزور عمله في بينالي غوانجو 2008، وضمّ هانز أولريش أوبريست عملاً له في معرض مشترك مع كريستيان بولتانسكي في مونيه دو باريس عام 2015.

أظهرت أعماله اللاحقة اهتماماً بكيفية انتقال المعلومات؛ فقد واصل استكشاف رموز الشريط الشريطي (الباركود) ومن ثم انكبّ في سنواته الأخيرة على رموز الاستجابة السريعة (QR). من أعمال 2020 عنوانها E’ BELLO ESSERE ITALIANI!، التي ظهرت على هيئة رمز QR يمكن عرضه على الإنترنت؛ ومن اللافت أنه لا يربط برابط إلكتروني، بل كشف المسح الضوئي عنه قائمة طويلة لأسماء إيطاليين مشهورين، من دانتي أليغييري إلى جيانا (أو جيانّي) فيرساشي — وتنتهي تلك القائمة بجملة “É BELLO ESSERE ITALIANI !” أي “من الجميل أن تكون إيطالياً!”

أضف تعليق