رحيل فنانٍ من حركة «أفريكوبرا» عن عمرٍ يناهز ٨٢ عاماً

نابليون جونز-هندرسون، عضو تجمع AfriCOBRA الذي أنجز فناً امتد مع ذروة حركة Black Power، توفّي في بوستن في السادس من كانون الأول عن عمر يناهز اثنان وثمانين عاماً، بعد صراع مع السرطان، بحسب ما نقلته مجلة Wonderland المحلية.

كان جونز-هندرسون من أبرز الأسماء المرتبطة بمجموعة AfriCOBRA الشيكانية، التي جمع أعضاؤها بين حسّيات إفريقية وشكال تعبيرية سوداء صاعدة في الولايات المتحدة. أسّسها جيف دونالدسون ووادزورث جاريل وجاي جاريل وباربارا جونز-هوجو ونيلسون ستيفنز وجيرالد ويليامز عام 1968، وبيّن إنتاج المجموعة روح حقبة كاملة، مع أنّ أعمالهم بقيت غائبة عن المتاحف الكبرى حتى السنوات الأخيرة.

لم يحظَ جونز-هندرسون بالاهتمام الواسع إلا خلال العقد الماضي: بعد مشاركة عدد من فناني AfriCOBRA في معرض “Soul of a Nation: Art in the Age of Black Power” الذي دار أولاً في تيت مودرن عام 2017، ظهر هو في عرض أفريكو برا في البندقية خلال بينالي 2019 بتنظيم متحف الفن المعاصر في نورث ميامي، ثم شارك في بينالي سيدني في العام التالي، ونالت أعماله معرضاً مراجعيّاً في معهد الفن المعاصر بـبوسطن عام 2022.

لم يكن هَمُّهُ النقد بقدر هَمِّهُ المشاهدون؛ كما صرح في مقابلة شفهية سجَلتها أرشيفات الفن الأمريكية بمعهد سميثسونيان عام 2010: “كنا ثوريين بمعنى أننا نتحدث عن أنفسنا ونؤكد وجودنا. وكنا تراجعيين لأننا نؤكد صورتنا الذاتية—ذاتيتنا.” كان آراءه دائماً متمحورة حول تأكيد الهوية والتمثل الذاتي الجماعي.

يُذكر أن اسم AfriCOBRA هو اختصار إنجليزي (African Commune of Bad Relevant Artists)، وقد بدأ التجمع تحت اسم COBRA أي تحالف الفنانين الثوريين السود ثم أعيدت تسميته في 1969. تعرف جونز-هندرسون على المجموعة عبر باربارا جونز-هوجو وجاي جاريل حين كان طالباً في معهد الفن في شيكاغو، وانجذب إلى الجوّ التعاوني الذي اعتبره مستقى من حسٍّ إفريقي مزوّدٍ بالطاقة الجماعية.

يقرأ  أسفرت الهجمات الإسرائيلية والتجويع القسري عن مقتل ٦٢٬٠٠٠ فلسطيني في غزة— أخبار الصراع الإسرائيلي الفلسطيني

قال في التسجيل: “أفريقيا هي الموطن الذي ننحدر منه، منه وإليه نتجه. فـ’commune’ هي اتحاد مشترك، وهذا يختلف عن كلمة ‘community’ بمعنى أن commune يعني أنّ لنا مكاناً مشتركاً نريد الانتقال إليه. وبذلك ربطنا الماضي بالحاضر، والحاضر هذا صاغ مجموعة من المبادئ والفلسفات التي تحركنا نحو المستقبل.”

كان للموسيقى دور محوري في منهج AfriCOBRA الفني. كتب جونز-هندرسون في نص علّق به على أعماله في بينالي سيدني أن “فن AfriCOBRA يعمل في عالم يتجلّى فيه الرابط بين الموسيقى واللون بوضوح. يحاول هؤلاء الفنانون توسيع طيف ألوانهم عبر مجموعة كاملة من الطيف، كما حاول كولتراين استخراج تراكيب نغمية وملمسيّة متعددة من كل نغمة في الساكسوفون. في كل من الصورة والصوت، الألوان والنغمات وحدات طاقة. والأساس الجمالي لهذا المنهج متأصل في القيم الإيقاعية للجمال الإفريقي.”

وُلد جونز-هندرسون في شيكاغو عام 1943، ولزم الدراسة في باريس قبل انضمامه إلى AfriCOBRA؛ هناك اطلع على رواية جيمس بالدوين “بلد آخر” (1962)، التي أثّرت في تفكيره حول علاقة الذات ببيئتها. بعد تخرجه من معهد الفن عام 1971 انتقل إلى بوسطن عام 1974، ومكث هناك معظم مسيرته، مواصلاً صناعة الأنسجة المنسوجة التي واصل من خلالها ما وصفه بـ”الأخلاق الإفريقية” لأعماله.

يمتاز نسيج من أعماله السابقة لوصوله إلى بوسطن بعنوان TCB (1970) بصورة ملونة زاهية لشخص محاط بعبارة “TO BE FREE” مصوغة كلوح زجاجي ملون، وتحيط به عبارات أخرى تقول: “يجب أن نحمي مجتمعنا. تعال لتأخذ، لتتعلم، لتجدنا.” أعمال منسوجة أخرى كانت صريحة في احتجاجها؛ فـStop Genocide (1975) يضع عنوانه فوق أنماط تذكّر بقطعة القماش الكنتي، بينما يحمل SO-WE-TOO Black Men Rise (1974–75) رأس رجل أسود وعنواناً يشير إلى سويتو التي فرضت فيها السلطات التعليم بالأفريكانية والإنجليزية على الطلاب السود.

يقرأ  كاتدرائية القدّيس باتريك تدشّن جدارية عملاقة للفنان آدم تسفيانوفيتش

انخرط جونز-هندرسون مباشرة في القضايا الإفريقية: احتج على نظام الفصل العنصري بعرض أعماله في بينالي للطباعة بجنوب أفريقيا، حيث قدّم مجموعته Bebop Kuba التي استلهمت مواضيعها من مطربة مثل نينا سيمون وفن مملكة kuba في وسط أفريقيا. كما شارك في مهرجان FESTAC ’77 بلاغوس، احتفال أفريقي الضخامة امتد شهراً كاملاً، وذكرته المصورة مارلين نانس ضمن قائمة “الفنانين والقادة الثقافيين المهمين” لتلك الحقبة.

على الصعيد المحلي، تولى مناصب مهمة في بوسطن، من بينها إدارة معهد الفن الإفريقي وفنون الشتات الإفريقي منتصف السبعينيات، وظلَّ متمحوراً حول المجتمع البوسطني حتى نهاية مسيرته؛ ففي 2025 عُيّن في مفوضية الفن بالمدينة. توفي وهو زميل في مركز Center for Artist and Research Alliances في نيويورك، ولا تزال كلماته تظهر بوفرة في كاتالوج لمعرض استعادي حالي لفنان بوسطني آخر، جون ويلسون، يُعرض في متحف المتروبوليتان بتنظيم مشترك مع متحف الفنون الجميلة في بوسطن.

مع ذلك، كان تركيزه الدائم ليس على الحاضر بل على دفع مجتمعه للأمام؛ كما لخّص في مقابلة 2010: “أنا أستمدّ من ماضيّ، وأصبّ تركيزي نحو مستقبلي.”

أضف تعليق