تُوفي روبرت منوكشن، رائد وول ستريت الذي صار واحداً من أكثر تجار الفن احتراماً في نيويورك ووجهاً بارزاً في مزادات الصف الأول، يوم الجمعة في منزله في بريدج ووتر بولاية كونيتيكت عن عمرٍ ناهز 92 عاماً. وأكدت ابنته بالتبني، ليزا هيدلي ويك، الخبر بعدما نشرته صحيفة نيويورك تايمز أولاً.
امتدّت مسيرة منوكشن المهنيّة في طريقين طويلين وناجحين. في غولدمان ساكس كان من الشخصيات المركزية في بروز تجارة الكتل في ستينيات وسبعينيات القرن الماضي، وساهم في بناء قسم الأسهم المؤسسية تحت قيادة الشريك الإداري غاستاف ليفي. في 1978 وصفته صحيفة وول ستريت جورنال بأنه «العميد المعترف به لتجار الكتل»، ولم يوازيه في ذلك سوى مايكل بلومبرغ من سولومون براذرز. ميزته في أرضية التداول — ذاكرة موسوعية للمشترين والبائعين وغريزة للضغط والتوقيت — جعلت منه أسطورة داخل المؤسسة. أصبح شريكاً عام 1967، وتولى رئاسة التداول والتحكُّم في المراجحة بحلول 1976، وانضم إلى لجنة الإدارة القوية في 1980، ثم تقاعد في 1990.
نفس الحِسّ التنافسي والتحليلي والاتصالي الذي ميّزه في وول ستريت بلور الفصل الثاني من حياته. بعد عقود في عالم المال فاجأ بعض أصدقائه المقربين بخطوته: غادر قطاع التمويل ليؤسس صالة عرض. كان قراراً غير مألوف لرمز من رتبته. كما قال لاحقاً لمجلة ARTnews، لقد «تطلّب ذلك شجاعة كبيرة» أن يبتعد عن آلة غولدمان ويختبر ما إذا كان نجاحه ناتجاً عن كفاءته الشخصية أم عن المؤسسة التي تقف خلفه. وأضاف أن البديل الوحيد، لعدم توفّر تعيين متاح بالمتاحف لشخص بلا خلفية فنية رسمية، كان فتح جاليري خاص به.
حوّل هو وزوجته أدريانا جزءاً من منزلهم في شارع إيست 78 إلى C&M Arts بالشراكة مع جيمس كوركوران عام 1992، ثم شارك لاحقاً مع دومينيك ليفي في L&M Arts. وفي 2013 أسس منفرداً Mnuchin Gallery. منذ انطلاقه تميّز الجاليري بهوية واضحة: معارض صارمة بمستوى متاحف تُركّز على أعمدة الفن الأمريكي بعد الحرب — بولك، روثكو، كلاين، دي كوينينغ — إضافة إلى عروض بارزة لألكسندر كالدر، ودونالد جاد، وجيف كونز، وفرانك ستيلا، وفيليب غوستون، وسام غيليام، وإد كلارك، وديفيد هامونز. أقام ثمانية معارض مخصّصة لويلم دي كوينينغ وحده، ووصَف الفنان بأنه «أشبه بيكاسو» — أعماله تتميز باتساع فتراتها وتباينها.
كان شغفه بالمعارض وإيمانه بأن الفن يجب أن يُعاش قد شكّلا طريقة جمعه وعرضه للأعمال. كما قال لمجلة نيويورك تايمز عام 2013: «السبب لشراء الفن هو لأنك تحبه، تحبه، تحبه». كان يتجنّب مصطلح «مجموعة» وأصرّ على أن ما يشتريه هو لأجل المنزل ولا يُخزّن في مستودعات.
اشتهر أيضاً بحضوره في قاعة المزاد؛ كان في المبيعات المسائية مزايداً هادئاً لا يلين — أحياناً يصرخ بالأسعار أو يتقدّم بزيادات لضمان نيل قطعة. في 2019، مرتدياً سترة كريمية وحاملاً هاتفاً قابل الطي، سجّل رقماً قياسياً لفنان حي حينما قدّم العرض الفائز بقيمة 91.1 مليون دولار على تمثال «الأرنب» لجيف كونز (1986)، نيابةً عن عميل مجهول يُعتقد على نطاق واسع أنه مدير صندوق التحوط ستيفن إيه. كوهين. أسلوبه في المزايدة — صبور، متواضع، حاسم — جعل منه شخصية معروفة حتى لمن لا يعرفون سيرته الطويلة.
على الرغم من أنه والد ستيفن منوكشن، وزير الخزانة السابق، كان روبرت منوكشن متجنّباً للسياسة إلى حد كبير، ووصفه زملاؤه بأنه متواضع ومنضبط ومخلص تماماً للفن. وغالباً ما أشاد أصدقاؤه ونظراؤه في عالم الفن بنزاهته: فقد وصفته إيمي كابيلازو، الرئيسة السابقة لسوثبيز، بأنه «أحد أكثر الناس صراحةً في هذا المجال».
وُلد روبرت إيرل منوكشن في الخامس من سبتمبر 1933 في مانهاتن. كان والده، ليون أي. منوكشن، محامياً وشغلاً لثلاثة عقود عضوية مجالس إدارة عدة شركات بيع بالتجزئة. جمعت العائلة أعمالاً لفرانز كلاين ومارك روثكو، ولطالما روى روبرت أن العائلة امتلكت في وقتٍ ما لوحة مزيّفة لهنري ماتيس. نشأ على سينترال بارك ويست قبل أن تنتقل العائلة إلى سكارزديل، وتلقى تعليمه في مدرسة سكارزديل الثانوية ثم تخرّج من ييل عام 1955، وخدم لفترة قصيرة في الجيش قبل أن يلتحق بغولدمان ساكس.
تزوّج منوكشن من إلين تورنر عام 1957 وأنجبا ولديهما ستيفن وآلان. وبعد طلاقهما تزوّج من أدريانا غرايبر وأنجبا ابنة اسمها فاليري. بالإضافة إلى زوجته وبناته وأبنائه، يترك وراءه أبناءً بالتبنّي هما ليزا هيدلي ويك وبرادلي أبلو.
عمل منوكشن حتى سنواته الأخيرة رغم معاناته تحديات في الحركة. غاب عن آرت بازل في بازل للمرة الأولى منذ عقدين في 2019، لكنه استمر في حضور معارض الجاليري والمشاركة في المبيعات الكبرى. كما قال في مقابلة مع ARTnews عام 2021: «أحب عملي؛ سأضيع بدونه».