أثينا — يوقظ تاريخ العنف الاستعماري في جمهورية الكونغو الديمقراطية صورَ فظائع استخراج المطاط تحت الحكم البلجيكي، المنقوشة على أجساد العمال السود وعائلاتهم. فيلم الفيديو المركزي في معرض الفنان الكونغولي سامي بالوجي الحالي، بعنوان «آيكوار: المستقبل الذي لم يكن» (2023)، يحوّل هذا العنف إلى شجرة شامخة تُصوَّر في أفلام أرشيفية وهي تُهشَّم بالنار والفأس. يتبعه إعداد عينات نباتية محفوظة في هيرباريات تُضغط فيها النباتات بين أوراق بغرض التصنيف وعلم النبات الاقتصادي. يقصّ الفيلم مشاهد دعائية من خمسينيات القرن العشرين أنتجها مركز بلجيكي للأبحاث الزراعية في بلدة يانغامبي بمقاطعة كاتانغا، ثم يقصّ عليها لقطات حديثة لمعمار استعماري ينهار، ليجسر بين موضوعين محوريين في ممارسة بالوجي: تحويل المكان إلى إقليم للمراقبة والسيطرة والاستغلال، ودور الأرشيف كأداة إمبراطورية ومستودع للذاكرة.
عمل «تجريد شينكولوبوي» (2022) يوضّح هذه القواسم أيضاً، إذ يتتبّع الدوائر العالمية للاستخراج في منطقة غنية بالمعادن مجروحة من جراء جشع وصراعات استعمارية وما بعد استعمارية. العمل، المسمى على اسم منجم اليورانيوم في المنطقة، يتألف من خمسة عشر طبعة شاشة تراكبت فيها عينات يورانيوم كونغولية على صور لانفجارات نووية، تذكيراً بأن القنبلة الأميركية التي ألقيت على هروشيما احتوت على يورانيوم مأخوذ من الكونغو.
عمل آخر يعرض نباتات من جمهورية الكونغو الديمقراطية موضوعة في أوعية نحاسية كانت قوالباً عسكرية من الحرب العالمية الثانية أعيد توظيفها في البيوت البلجيكية كأوانٍ للزهور. التجهيز يرمز إلى الحياة المستمرة وتحوّلات موارد الكونغو المعدنية أثناء عبورها شبكات عنف وتدجين وقمع عالمية. في كامل المعرض يثبّت بالوجي توتراً مثمراً بين الذاكرة والنسيان، بين تاريخ استعماري وآثاره المُمحاة. المادة الملموسة للنحاس المستخرج الذي تحوّل إلى معدات عسكرية ثم إلى أدوات منزلية تُظهر كيف ينبض البحث الأرشيفي في أعمال الفنان ليصنع تجارب معقّدة ومتعددة الطبقات للمشاهد.
آثار البهاء المنسي تتجلّى أيضاً في نُقوش نحاسية وبرونزية لأقمشة من القرنين السابع عشر والثامن عشر تعود إلى مملكة الكونغو. كانت هذه الأثواب الفاخرة منسوجة بخيوط سعف الرافيا، فاتحة نسيجاً مخملياً. هذه القطع الاستثنائية وجدت طريقها إلى خزائن الفضول وتصنيفات أوروبا الحديثة المبكرة التي حوَّلت النوادر الثمينة إلى مقتنيات إثنوغرافية. يستفيد الفنان من خاصية تنقّل الأقمشة ليبيّن كيف تُفقد الأشكال الثقافية المحلية سياقها وتُصبح صالحة للتداول العالمي، وفي الوقت ذاته يعيد تشكيلها — ويحييها — كمنحوتات معدنية. تبدو زخارف الأقمشة رابطاً بين عناصر المعرض المختلفة، كما تظهر في أنماط عملاقيْن تركيبيين هما «العبور» (2022) و«التمهّل» (2025)، أحدهما سجادة والآخر ممشى معدني مرتفع يتقاطعان أحياناً.
في لائحة اتهامه للمستقبل الاستعماري الذي لم يكن، يقودنا بالوجي عبر تقنيات استخراج علمية منهجية لا تلين طورتها الاستعمار البلجيكي وما خلفته من آثار. من خلال استدراجه للأرشيف الاستعماري في أعماله — عينات هيربارية، بكرات أفلام، خطط عمرانية — يبيّن كيف أدّت آلة «مهمة التمدين» إلى إنكار الكونغو نفسه، فُحُوت شعبه وتاريخه ليصبحا مجرد ظلال حاملة لعنوان المعرض. يبقى للأرشيف خصوبة غريبة بفضل قبضة الحنين التي يحتفظ بها الماضي الإمبراطوري.
يستمر معرض «أصداء التاريخ، ظلال التقدم» للفنان سامي بالوجي في المتحف الوطني للفن المعاصر بأثينا حتى 15 فبراير 2026. المعرض من تنسيق إيولي تزانتاكي.