ماوريتسيو كاتيلان سرق الأضواء في مزادات خريف نيويورك العام الماضي بعمله الموزة المثبتة بالشريط اللاصق على حائط، التي بيعت مقابل 6.2 مليون دولار في مزاد سوتبيز. أما هذا الخريف فمن المتوقع أن يحدث المزاحي الإيطالي ضجة أكبر بعد إعلان دار المزادات عن عرض مرحاضه الشهير المصنوع من الذهب الخالص عيار 16 قيراطاً.
العمل المعنون America (2016) سيُركَّب في حمام داخل مبنى بروير، مقر سوتبيز الجديد، وسيُتاح للزوار مشاهدته فرداً فرداً اعتباراً من 8 نوفمبر. وعلى الرغم من أن المرحاض كان صالحاً للاستخدام سابقاً وأن زوّار المتاحف قد استفادوا منه لتعزيز تجربة المشاهدة، فقد تقرَّر منع التبوّل في التحفة هذه المرة.
وفي سابقة للمزادات، سيُحدَّد سعر البدء عند طرح المرحاض الذي يزن نحو 100 كيلوغرام في مزاد The Now and Contemporary مساء 18 نوفمبر بناءً على ثمن وزن العمل من الذهب، ويُتوقع أن يبلغ ذلك نحو 10 ملايين دولار. وأوضحت سوتبيز في بيان أن تعليق كاتيلان الحاد على اصطدام الإنتاج الفني بقيمته السلعية لم يبدُ أكثر ملاءمة من الآن.
وأكدت الدار لـ ARTnews أنه لم يقدّم أي مزايدين ضمناً وديعة كبيرة لتأمين العمل عبر عرض لا رجعة فيه قبل المزاد.
قدّم America أول ظهور له عرضياً في متحف غوغنهايم بنيويورك عام 2016، حيث شُجِّع الزوار حينها على استعمال المرحاض كما لو كان أي قطعة أخرى. وأكثر من 100,000 شخص اصطفوا ليخلقوا تحفتهم الخاصة في ما وصفه المتحف بأنه «حميمية غير مسبوقة مع عمل فني».
بعد ثلاث سنوات بلغت شهرة التمثال الذهبي ذروتها عندما عُرض في بلينهيم بالاس في المملكة المتحدة، ذلك المنزل الريفي من القرن الثامن عشر والمصنف كموقع تراث عالمي لليونسكو والمقر السابق لوينستون تشرشل. في عملية سطو جريئة على طريقة سطو متحف اللوفر للمجوهرات، سرق اللصوص المرحاض الذهبي المركّب. ذلك النموذج، الذي قدّرت قيمته بـ 6 ملايين دولار، لم يُستَعاد أبداً؛ والشرطة ترجح أن اللصوص كسروا العمل إلى قطع ثم تخلصوا منه. وفي نهاية المطاف أدين ثلاثة رجال بريطانيين لدورهم في السرقة.
يُعد America نسخة من ثلاث قطع بالإضافة إلى نسختَي فنان كدليل إثبات. نسخة سوتبيز صُنعت عام 2016 واستحوذ عليها المالك الحالي في 2017 من غاليري ماريان غودمان.
قال ديفيد غالبرين، رئيس قسم الفن المعاصر في الدار، لـ ARTnews: «يعتبر America من أكثر أعمال كاتيلان أيقونية وتأثيراً. مثّل هذا العمل عودته لمزاولة الفن بعد توقف دام خمس سنوات عقب إعلان اعتزاله عند افتتاح معرضه الشامل في غوغنهايم. وهو يجسّد بدقة الأفكار والتيارات المفاهيمية التي تبنّاها كاتيلان طوال مسيرته الممتدّة عقوداً، إذ يسلط نظرة نافذة على الأنظمة التي تشكّل عالم الفن والمشهد الثقافي الأوسع».
ثمة أوجه شبه لا لبس فيها بين مرحاض كاتيلان وقطعة مارسيل دوشامب الشهيرة من الأشياء الجاهزة بعنوان Fountain (1917). وذكر غالبرين أن شرح America يكاد يكون مستحيلاً دون الإحالة إلى نافورة دوشامب.
وأضاف: «يعيد كاتيلان Provocation دوشامب الأصلية إلى الواجهة، لكنه يقلبها رأساً على عقب: إذ أخذ دوشامب غرضاً جاهزاً ورفعه إلى مرتبة العمل الفني عبر وضعه في سياقه كقطعة فنية، بينما أعاد كاتيلان صناعة الشيء الجاهز بالكامل، فنسخ مرحاضاً عاملاً تماماً من الذهب. وبدلاً من وضعه على قاعدة داخل صالة عرض، دخل كاتيلان المتحف من خلال أبعد السياقات توقعاً. ولا يقتصر مصطلح التأثيرات التاريخية الفنية لدى كاتيلان على دوشامب فحسب؛ فعمله ينسجم كذلك مع أرث جيف كونز وعن طريقه في إبراز كل درزة وثنية من الأرنب القابل للنفخ بتحويله إلى فولاذ لامع، محوِّلاً أمراً تافهاً إلى شيء موقَّر وجميل».
في العام الماضي، وبعد أن أعلنت الدار قبولها للعملات المشفرة مقابل الموزة المطواة بالشريط، اشترى العمل الملياردير الصيني المولود جاستين صن. كما تسابق جامعو فنون مهتمون بالعملات المشفرة مثل رايان زورر وكوزومو دي ميديتشي (اسم مستعار) لاقتناء القطعة. وستقبل سوتبيز العملات المشفرة أيضاً مقابل America، فسألت غالبرين إن كان يتوقع تكرار الاهتمام من نفس الفئة.
أجاب: «نتوقع أن يرنّ America بنفس القدر لدى جامعي الفن المعاصر المحنّكين والمخضرمين، كما لدى الجدد، بما في ذلك أولئك النشطاء في مجتمع العملات المشفرة».
أمر واحد مؤكد: من سيشتري America الشهر المقبل سيجلس على ثروة حقيقية.
