جيف ماجيد، جامع أعمال فنية يقيم بين نيويورك ولوس أنجلوس ومكسيكو سيتي، يعتزم افتتاح مؤسسة فنية عامة باسم Cuernavaca Tres في مكسيكو سيتي عام 2026. تابعوه على إنستغرام @magideye.
مقدمة: المشكلة المفترضة والحقيقة
خلال العام الماضي تصاعد الحديث عن تراجع مبيعات الفن وإغلاق دور عرض كبرى. صُبّت التهم على الاقتصاد العالمي، وعلى مُضارِبي السوق، وعلى “تأمْوْلَة الفنّ” (financialization)، واقتُرحت حلول تقوم على تحويل المعرض إلى بوابة نخبوية لا تُستَهدف سوى قلة من العملاء الميسورين. غير أن التفسير الحقيقي أبسط وأكثر جوهرية: العرض ازداد — صالات، مزادات، معارض، فنانون — بينما لم يتزايد عدد المشترين بنفس الوتيرة. بعد عقود من الإقصاء والغامورية والنخبوية، يفتقر العالم الفني الآن إلى تدفّق متواصل من مشترين جدد، ونموذج البيع الفاخر لا يجلب بالضرورة جمهورًا كافياً ليبقى النظام القائم مستدامًا. كنت أتمناها منذ زمن: أن يصبح التعايش مع الفن ممكنًا لعدد أكبر من الناس. واليوم أعتقد أن مستقبل المشهد الفني يعتمد على ذلك.
الفن ليس سلعة فاخرة بالمعنى التجاري
اتخذت بعض صالات العرض في السنوات الأخيرة نموذج تجارة السلع الفاخرة: بناء علامة تجارية تُشترط لبلوغ تحصيل أعمال مرغوبة، وتوسيع فضاءات العرض والتوسع الجغرافي باعتبارهما وسيلتين للمركزية والهيبة. لكن الفن يختلف. الأزياء تمتلك موارد اكتساب عملاء ضخمة وحضورًا ثقافيًا شاملًا؛ الفن لا يملك ذلك. الناس يبحثون عن رموز مرئية للهوية — شعار ساعة رولكس أو حقيبة غوتشي — أما الأعمال الفنية فغالبًا ما تظل بلا شعار مرئي واضح؛ اللوحة العظيمة هي تنفُّس فريد غير مُعلَّم بعلامة تجارية تبدو للعيان. علاوةً على ذلك، المشترون الحقيقيون للأعمال الرفيعة لا يبغون مجرد علامة مكانية؛ هم يبحثون عن جودة حقيقية.
التجربة النخبوية أم الانفتاح؟
مارك سبيغلر اقترح مؤخرًا أن الفن يجب أن يتحول إلى تجربة نخبوية من الإظهار الاجتماعي، حيث يُشترى العمل الفني كأنّه تذكرة لمنتجع رفاهية خاص. أختلف مع هذا التصور؛ الجمع بين الحب والقيمة موجود دائمًا في الرغبة في الاقتناء. السوق الشامل الذي يرحّب بمشاركين جدد قادرون على تقدير العمل الفني هو الحل الوحيد لإحياء السوق المتباطئ.
قصة شخصية: من دخيل إلى فاعل
بدأتُ جمع الأعمال حوالي 2012 كغريب: شاب بلا ثروة، بلا ميراث، بلا مرشد، وبدون علاقات مُسبقة. ما جذبني أولًا كان الفنانون الذين رحّبوا بي. واجهت تجاهلاً في كثير من صالات العرض؛ نُنظر إليّ أحيانًا بتجهم أو ازدراء. في معارض الفن، كثيرًا ما تكون القطع الكبرى مخصّصة لمقتنين مرموقين أو محفوظة لمجموعات عائلية. مع ذلك صممت على الاستمرار. بعد ثلاثة عشر عامًا تبرَّعت لمؤسسات عشرية، دعمت عشرات الصالات والفنانين، وبنيت مجموعة يُمكنني أن أفخر بها، وأفتح يوميّاتي وتجربتي على منصات التواصل لأُبيّن للآخرين ما وراء الأبواب المغلقة.
عوائق الدخول مستمرة
المشكلات نفسها قائمة: كثيرون من رواد الأعمال الناجحين يزورون المتاحف ويعرفون أسماء الفنانين المشهورين، لكن لا يعتقدون أنّهم قادرون على الشراء أو لا يعرفون كيف يبدأون. غياب شفافية الأسعار، غياب معلومات عن المعروضات المعروضة للبيع — كل ذلك يصعّب دخول مشتقين جدد. وعندما ينجح أحدهم في الدخول، غالبًا لا يستمر لأن الثقافة المؤسسية تفرض شروطًا على «الاستحقاق»: من يعتقدون أنهم غير مستوفين لشروط الانتماء يُردّون ببرود أو يُمنعون.
لا تناقض بين الحب والقيمة
الادعاء بأن المشترين ينقسمون بين محبي الفن والمستثمرين مبسّط زائف. الناس يجمعون لأسباب متنوعة: حب، تعبير، توقيع اجتماعي، عدم أمان، إدمان، أو رغبة استثمارية. أن نعتبر التفكير في القيمة المالية دنسًا يُبعد شرائح واسعة من المشترين المحتملين. كما أن بعض الممارسات التناقضية لدى بعض التجار — انتقاد التفكير المالي لدى المشترين مع بيع أعمالهم لاحقًا في المزادات — تعكس ثقافة مستترة تنفر المبتدئين.
دروس من التاريخ
في أوروبا القرن السادس عشر كان الجمع حكراً على الباباوات والملوك والنبلاء. العصر الذهبي الهولندي تغيّر عندما دخل التجار كسّاحَة إلى عالم الجمع؛ هذا التوسّع في قاعدة المشترين دعم فنانين أكثر وأثمر فترات غنية فنيًا. كذلك، عشرينات القرن العشرين وثمانينات القرن الماضي شهدتا ازدهارًا بفعل تدفّق رأسمالي جديد. الانفتاح جلب تنوّعًا وأتاحت نشوء لحظات فنية عظيمة.
ما الذي ينبغي فعله عمليًا؟
– خفض أسعار الطرح الأولي: يجب أن يعمل الفنانون وتجارهم على جعل نقطة دخول الأعمال أكثر تواضعًا. إذا كان الحد الأدنى للوحات الجديدة 20 ألف دولار، فسيكون من الصعب على مبتدئين المخاطرة أو البدء نهائيًا. عرض أعمال بأحجام وأنواع وأسعار مختلفة يساعد في جذب شرائح جديدة.
– معارض مصاحبة: يمكن للصالات إقامة معارض متزامنة تضم قطعًا أقل تكلفة إلى جانب العروض الحصرية المكلفة.
– تعزيز البنى العامة: المتاحف والمنظمات غير الربحية مؤسسات محورية لخلق نقاط التقاء للجمهور، ومن ثم لإدخاله في مسارات الدعم والاعتياد. مشاركتي كمؤسس في مجلس Vanguard بالمتحف المتروبوليتان هدفها جلب قادة جدد يدعمون العروض ويشكلون مستقبل المؤسسة.
– الفن العام والتعليم: مشاريع محلية مثل معرض Watts أظهرت أن الشباب الذين يلتقون بالفن في حيهِم قد يتجهون ليصبحوا فنانين أو عاملين في المجال الفني.
الشفافية والانفتاح عبر التواصل
مشاركتي لتجربتي على إنستغرام لاقَت ردود فعل متباينة: انتقادات النخبة القديمة وإشادات من نقاد وجالريستيين وفنانين وآلاف من صانعي الفن الجدد والمهتمين الذين كانوا يتوقون لمعرفة كيف يمكنهم أن ينضمّوا. التحدي الآن: هل سيكون العالم الفني جاهزًا لاستقبالهم؟
خاتمة
الحل ليس في إقصاء الاستثمار أو في تحويل الفن إلى سلعة تُباع كرمز مرئي وحده؛ الحل في بناء سوق أكثر انفتاحًا وتنوّعًا، يجمع بين الحب والقيمة، يوفر مستوياتَ دخول متنوعة، ويشجّع مشاركة مجموعات جديدة. هذه السياسة — سياسة الباب المفتوح — قد تكون السبيل الوحيد لضمان حيوية المشهد الفني على المدى الطويل.
ملاحظة: ظهر هذا النص بنسخة منقحة في طبعة 2025 لموضوع “أفضل 200 جامع” تحت عنوان “سياسة الباب المفتوح”.