شهد عالم الفن في السنوات الأخيرة تعاونات بين دور وماركات أثارت الدهشة: داميان هيرست صمّم حقيبة لبرادا مزخرفة بحشرات مرصّعة، وفنان الشارع شيبرد فيري عرض أعماله على شاشات إل جي في فرايز لوس أنجلوس، وتعاون تاكاشي موراكامي مع لويس فويتون على مجموعة من الجلديات.
لكن تحالفاً جديداً أعلن يوم 8 سبتمبر لم يكن متوقّعاً: أعلن معرض اندبندنت 20th Century عن شراكة مع دار المزادات سوثيبيز، في أول تعاون رسمي يُعلن بين بيت مزادات ومعرض فني يعملان بنموذجين مختلفين لبيع الفن الحديث والمعاصر.
إندبندنت، التي تُعدّ ركيزة في دوائر معارض المدينة منذ خمسة عشر عاماً، قررت نقل عرضها المخصص للفن الحديث من كاسا تشيبرياني في مبنى Battery Maritime إلى تحفة مارسيل بروير على ماديسون أفينيو، من 24 إلى 27 سبتمبر من العام المقبل — أي بعد أسابيع من بداية موسم المعارض الخريفي — كما ستتوسع مساحة المعرض تقريباً لتشمل أكثر من خمسين صالة عرض.
وقالت إليزابيث دي، مؤسسة المعرض، في بيان صحفي إن الشراكة مع دار المزادات والمكان التاريخي ستُنتج «تجربة عرض بمستوى متاحف» للعارضين، وستعرّف قوائم الفنانين في الصالات بجمهور جديد من الجامعين. واعتبرت ماديلين ليسنر، المديرة العالمية للفنون الجميلة في سوثيبيز، أن التعاون «سيبني جسوراً جديدة بين الصالات وجامعي الأعمال والجمهور».
كلا الطرفين يرى فرصة في هذا التلاقي. يأمل إندبندنت أن يؤدي تغيير الموقع إلى تنشيط برامج ومعارض وحماس الجمهور تجاه الفن الحديث، فضلاً عن دعم المبيعات في وقت يسود فيه تقلب اقتصادي وتتحوّل عادات الجامعين. من جهتها، تسعى سوثيبيز إلى جذب جمهور أصغر يستهلك الفن سواء في المعارض أو عبر المنصات الرقمية، رغم أن السؤال يبقى حول مدى حضور هذا الجمهور تحديداً في إندبندنت.
وصف آندي مسعد، مستشار فني وتاجر خاص، الوضع بأنه تقاطع بين «قسم المدينة الراقية» و«الشارع»: هذا التعاون قد يعرّف جيلًا جديدًا على العلامة التجارية. وأضاف أن سوثيبيز توسّعت أيضاً إلى سلع فاخرة أخرى لجذب نفس الشريحة، والشراكة مع المعرض قد تكون وسيلة لرفع هذا الأساس.
يأتي الإعلان في وقت تُظهِر فيه مؤشرات السوق تباطؤاً. حسب تقرير آرت بازل ويو بي إس، تراجعت مبيعات المزادات بنسبة 25٪ في 2024، في حين ارتفعت الصفقات الخاصة، ما قد يعكس تزايد الحذر لدى الجامعين. وهبطت مبيعات سوثيبيز العالمية بنحو 23٪ إلى ستة مليارات دولار مقارنة بسبعة فاصلة ثمانية في العام السابق، وانخفضت مبيعاتها من الفنون الجميلة بنسبة 31٪.
ومن الصعب قياس التأثير بدقّة على المعارض، لكن آثار الضعف بدت واضحة: معرض الجمعية الأمريكية لتجار الفن (ADAA) أوقف نسخة 2025 هذا الصيف فجأة، رغم أنه نفى أن القرار مرتبط بالقوى السوقية أو تراجع عدد العارضين أو انخفاض المبيعات، بينما ألغت نادا نسختها الباريسية بهدوء ودون بيان علني.
وترى كارين ديكتر، شريكة في مكتب محاماة متخصص في الفن، أن تعاون سوثيبيز مع معرض فني ليس مفاجئاً تماماً في ظل تراجع سوق الفن لعدة سنوات. فالعلاقة بين الصالات وبيوت المزادات دائماً ما حملت بعض التوتر، لأن كل طرف يعمل بنظام تنافسي؛ لكن الأوقات الصعبة قد تولد تعاونات ابتكارية وطاقة جديدة — وهو ما قد نراه يتبلور في أشكال مختلفة.
الطاقة والتعاون أضحيا ملموسين أيضاً في مساحة المعارض؛ فالتجار باتوا يتشاركّون المساحات والمبادرات منذ سنوات. العام الماضي، شَكَّل ستة صالات مشروعاً مشتركا في مدرسة ثانوية مهجورة بولاية نيويورك، بينما شاركت صالات مثل Transmitter وTiger Strikes Asteroid مساحة في بروكلين لأكثر من عقد، وهو نموذج يتبنّاه الآن آخرون.
لا يتوقع مسعد صراعاً كبيراً بين سوثيبيز، التي تحفّز الاهتمام لرفع سعر العمل، والصالات التي تدير المبيعات وتبني مسارات الفنانين من خلال وضع أعمالهم في مسارح المتاحف؛ لكنه أيضاً لا يبدي تفاؤلاً كبيراً بأن هذا النموذج سيغيّر قواعد اللعبة جذرياً. قد يبقى مجرد خطوة مؤقتة توفر فوائد قصيرة المدى تستحق التجربة، دون أن تشير إلى نموذج طويل الأمد.
تقرير إضافي من فالنتينا دي ليسيا.