شركة ذكاء اصطناعي تدّعي تفوّقَها على خبراء كارافاجيو

تدّعي شركة سويسرية متخصّصة في الذكاء الاصطناعي أنها تفوّقت على عقود من أبحاث مؤرّخي الفن الخبراء استنادًا إلى صورة واحدة فقط.

شركة آرت ريكوغنيشن السويسرية تقول إن لوحة كانت تُعتبر لفترة طويلة نسخة من عمل لكارافاجيو تبين ـ وفق تحليل تقني بالذكاء الاصطناعي ـ أنها أصلية للفنّان الباروكي الإيطالي، وهو ادعاء يختلف مع نسبات تقليدية أيدتها مؤسسات كبرى مثل دار سوذبيز ومتحف المتروبوليتان للفنون. وخلص تحليل الشركة لـ«العازف على العود»، التي كانت ضمن ممتلكات قاعة بادمينتون، إلى احتمال يبلغ 85.7% بأن العمل من صنع كارافاجيو، حسب تقرير الجارديان في 27 سبتمبر. وتتباهى الشركة على موقعها بأنها قادرة على «التحقق من عمل فني خلال أيام قليلة اعتمادًا فقط على صورة له». وفي قائمة ما تصفه بدراسات حالة، تدّعي الشركة أنها حققت نسب توثيق لأعمال لرافائيل، وفنسنت فان غوخ، وأنطوني فان دايك، بالتعاون مع مؤسسات أكاديمية مثل جامعة تيلبورغ وجامعة ليفربول.

قالت كارينا بوبوفيتشي، الشريكة المؤسِّسة والرئيسة التنفيذية لشركة آرت ريكوغنيشن، للجارديان تعليقًا على نسبة الدقة المزعومة: «أي نتيجة فوق 80% مرتفعة جدًا».

الأمر يثير الدهشة أكثر لأنّ عدد اللوحات المنسوبة إلى كارافاجيو والناجية إلى اليوم قليل. عرف الفنان ببراعته في استخدام التباين الضوئي الدرامي (الـchiaroscuro) وبتمثيلاته الحيوية لمشاهد عنيفة تعكس أسلوب حياته العنيف، وتوفي عام 1610 عن عمر يناهز ثمانية وثلاثين عامًا.

«العازف على العود» هو إحدى ثلاث نسخ تصويرية لفتى أشقر يلعب على وتر العود جالسًا عند طاولة رخامية مزدانة بزهور. النسخة المعروفة سابقًا من ممتلكات قصر بادمنتون اكتُسبت في القرن الثامن عشر على يد هنري سومرست، دوق بوفورت الثالث. النسختان الأخريان، اللتان أنجزتا حوالي عام 1596، محتفظ بهما في متحف الأرميتاج بمدينة سانت بطرسبرغ ومجموعة وايلدنستاين الخاصة في نيويورك على التوالي.

يقرأ  ماكس كارتر يُعيَّن رئيسًا لفنون القرنين العشرين والحادي والعشرين في كريستيز لمنطقة الأمريكتين

نسخة الأرميتاج تعتبر قطعًا لا خلاف عليها لكارافاجيو، وتظهر فيها أيضًا بلاطة رخامية مع تنسيقات زهرية. في المقابل، واجهت نسخة وايلدنستاين، التي تظهر فيها تركيبة طاولة وزخارف وأدوات موسيقية، تشككًا في أصالتها من جهات عدة، من بينها صانع العود ورئيس جمعية العود ديفيد فان إدواردز.

بين عامي 1990 و2013 كانت نسخة وايلدنستاين معارة لفترة طويلة إلى المتحف المتروبليتان، حيث صرّح آنذاك أمين قسم اللوحات الأوروبية كيث كريستيانسن في كتالوج معرض 1990 أنّ «النسخة ورثتها وقِدرها المؤسِّس لا تحتمل الشك في المؤلّفية والأصل». وتعقب المتحف تاريخها حتى مجموعة الكاردينال فرانشيسكو ماريا ديل مونتي، أحد أهم رعاته، وصنّف نسخة قاعة بادمنتون كنسخة «على نمط كارافاجيو».

وصفت دار سوذبيز كذلك لوحة قاعة بادمنتون بأنها نسخة عندما عرضتها في المزاد عامَي 1969 و2001، واقترحت في فهرس 2001 أنها قد تكون مرسومة على الأرجح على يد الرسام القرن السابع عشر كارلو مانيوني، مساعد أندريا ساشي. بيعت اللوحة حينها بمبلغ 71,000 جنيه إسترليني (ما يعادل نحو 129,883 دولارًا حاليًا).

أصرّ مشتري العمل، المؤرخ الفني البريطاني كلوفيس ويتهفيلد، أن اللوحة «تطابق بالضبط» وصفًا ورد في سيرة كارافاجيو التي كتبها جيوفاني باغليون عام 1642. ولفت ويتهفيلد إلى أن باغليون يذكر تفاصيل ملاحَظة بعناية، مثل انعكاس نقاط الندى على الزهور.

في نصه كتب باغليون أن كارافاجيو «رسم شابًا يعزف على العود، وكان كل شيء يبدو حيويًا وواقعيًا، مثل الإبريق المملوء بالماء الذي نرى فيه بوضوح انعكاس النافذة وأشياء أخرى في الغرفة، وعلى بتلات الزهور قطرات ندى مُحاكة بأدقّ إحكام».

لكن بحسب الجارديان، كتب كريستيانسن من المتحف في رسالة إلى شريك ويتهفيلد الراحل ألفريد بادِر عام 2007 أن «لا أحد — ولا مؤرّخ معاصر بالتأكيد — كان أو سيكون ليقبل فكرة أن لوحتكم قد تكون من صنع كارافاجيو».

يقرأ  الإمارات تمنع شركات دفاع إسرائيلية من المشاركة في معرض دبي على خلفية الضربة في قطر

أكّدت دار سوذبيز في بيان لمنصة هايبرأليرِجِك أنها متمسّكة بإسناد اللوحة إلى دائرة كارافاجيو وليس إلى الفنان نفسه. وقال المتحدث إنّهم «يتابعون باهتمام التقدّم العلمي في مجال الذكاء الاصطناعي والتقنيات الأوسع، ويتعاونون مع علماء يدفعون حدود الدراسة التقنية وفهم اللوحات، لكنّنا لا نرى سببًا للطعن في الطريقة التي بحثنا بها وفهرسنا اللوحة التي بعناها عام 2001، كما أنه ليس لدينا سبب للشك في نسب المتحف المتروبوليتان لعام 2013 إلى كارافاجيو».

حتى الآن لم ترد شركة آرت ريكوغنيشن ولا متحف المتروبوليتان على استفسارات هايبرأليرجِك.

أضف تعليق