صعود أحجيات الفن المعاصر

عندما يمر رامي ميتال بين عشرات الأجنِحة في معرض الآرموري، لا يبحث فقط عن اللوحات الملفتة للنظر، بل عن تلك التي تصلح لأن تكون أحجية بازل متميِّزة.

«أحاول أن أجد أعمالاً أكثر تفصيلاً وتنوّعاً في الألوان»، قال. «إذا كان عندك ألف قطعة و200 منها سماء فقط، فالأمر ليس ممتعاً. ستصل إلى 80 بالمئة من الحل وتقول: ‹يا إلهي، السماء›».

أسواق هدايا المتاحف تبيع مجموعات بازل لروائع الانطباعيين والتجريديين منذ سنوات، لكن الخيارات التي تعرض أعمالاً لفنانين معاصرين ما زالوا أحياءً ولم يحظوا بعد بمعرض استعادي في موما كانت نادرة في السوق.

هذا الوضع بدأ يتغير. عدد من شركات البازل المستقلة، من بينها Kinstler Puzzles لرامي ميتال وApostrophe Puzzles، بدأت تمنح تراخيص لأعمال رسامين يكادون يكونون مجهولين خارج دوائر الفن لصنع ألعابهم الذهنية.

أسَّس ميتال Kinstler Puzzles في أغسطس 2021 بعدما أدرك ندرة البازلات القائمة على الفن المعاصر في السوق.

مندي ماسدن، مؤسسة Apostrophe، أُلهِمَت لإطلاق شركتها في بروكلين عام 2019 بعدما صادفت بورتريها للفنان تشارلي بالمر كان خارج مديونيتها. صديقتها أهدتها بدل ذلك بازل مخصصاً للعمل، ففكرت ماسدن في كيف يمكن للألغاز أن تجعل الفن المعاصر في متناول الجمهور.

«كنت مولعة بالألغاز كطفلة، وكنت أعلم أن اغلبنا يحمل ذكريات عنها من الطفولة، لكن الصناعة بحد ذاتها بدت عالقة في الماضي»، قالت ماسدن. «أردت صنع ألغاز تحتفي بموهبة وإبداع ومنظور الفنانين الملونين، مع استهداف شريحة من السوق تجاهلتها الصناعة إلى حدّ كبير».

ميتال، الذي هو أيضاً مولع بالألغاز، كان يقضي ساعات متواصلة وهو يركّب قطعاً من ورق الكرتون لعملتي بيتر بروغل «برج بابل» (حوالي 1563) وهيرونيموس بوش «جنة الملذات الأرضية» (حوالي 1490–1510) حتى بعد بلوغه سن الرشد. وبينما كان يجوب صالات العرض في تشيلسي ويتنقل بين معارض الفن، أدرك ندرة التداخل بين عالم بازل الفن والعالم المعاصر فأُلهم لدمجهما معاً.

يقرأ  قِرَاءَةٌ إِلْزامِيَّةٌ

كان عرض فكرة إنتاج بازلات من أعمال حديثة على المعارض والفنانين قبل إطلاق شركته أمراً أصعب مما توقع. لكن الفنانة المقيمة في واشنطن أندريا جويس هيمر أعجبت بالفكرة ومنحت ترخيصاً لنسخة من لوحتها لعام 2019 بعنوان «في الصيف بدأنا الشرب في عزّ النهار وفي الليل كنا وحوشاً». أطلق ميتال Kinstler في 2021 بثلاث بازلات، بينها عملان لفنانتيْن هما سيمون جونسون وروسودان خيزانيشفيلي.

أصدرت Kinstler هذا الشهر بازلًا لعمل الفنان الكوري كين غون مين «غريب بجانب البحيرة (خريف العورة)» (2023)، تكريماً لموقع تعرِّي كان مختبئاً على شاطئ لوس أنجلوس وقد تضرّر لاحقاً من حرائق، بعد أن أتلفه حريق عام 2009. مين أيضاً كان مولعاً بالألغاز منذ صغره؛ كان يفتن بكيفية أن تجزئات الصورة لا تبدو مفهومة حتى تجمعها معاً. الآن يرى أوجه تشابه بين هذه الألغاز البصرية وممارسته الفنية الجارية.

«هناك مزيج من التجريد والعفوية — ضربات فرشاة إيمائية، طبقات من الصباغ تتلاقى مع التطريز — ولكن حين تبتعد خطوة، تتجمع لتروي قصة»، قال مين.

بالنسبة إلى ماسدن، تبدأ الحماسة للألغاز بصورة جذّابة تحكي قصة وتمتلك وجهة نظر قوية. كما أنها تحب اكتشاف فروق ضربات الفرش والطبقات العميقة في الأعمال متعددة الوسائط.

«ثمة شيء شعري حقاً في الصورة التي تظهر من ألف قطعة صغيرة تبرز فضول واستكشاف شخص ما، وأحب أن أُفاجأ إلى أين ستقودني تلك الرحلة»، قالت.

ضمّت كل من Kinstler وApostrophe مجموعة متنوعة من الفنانين الذين يتقاضون عمولة عن كل عملية شراء، وتُتاح ألعابهما في متاحف ومكتبات في أنحاء البلاد. بالإضافة إلى ذلك، تَمنح Apostrophe جزءاً من عائدات كل بيع لمنظمة غير ربحية تعمل على توسيع التعليم الفني في مجتمعات الملونين.

يقرأ  شبّه موظفو سوذبيز هيكلَ رسومِ الدار بتعريفاتِ ترامب

في الآونة الأخيرة، جذب ميتال أعمالاً تتميّز بتدرجات لونية رقيقة ونشاط بصري كثيف. عمل عمّار راشد «معركة ماليبو» (2020) يصوّر تمرداً افتراضياً لقبائل جنوب كاليفورنيا ضدّ قوة إمبراطورية فرنسية-إنجليزية.

«ستقضي من أربع إلى ثماني ساعات أو أكثر مع العمل، وستتعرف على ذلك الفنان جيداً»، قال ميتال. «يمكنك أيضاً تأطير البازل؛ إنه حرفياً عمل فني.»

أضف تعليق