عالم الماكرو لوحات سينتا فيدال تُحوّلنا إلى متفرّجين متحدّين للجاذبية

تأمل فيدال أن تُعلّق لوحاتها في كل موضع ممكن حتى تتاح للمشاهدين فرصة مشاهدة منظور كل شخصية. هذا التفانِ الكامل في غرس العطف هو الأساس الذي تُبنى عليه أعمالها. لا تكمن وصيتها الأولى في إنتاج فن متنوّع باعتباره غاية، بل هذا بَعد ثانوي، أما همّها الأكبر فهو مساعدة الناس على الإدراك بأن تجارب حياة مختلفة موجودة ومتغايرة.

«لن نستطيع أبداً أن نرى جميع وجهات النظر في آن واحد،» تقول فيدال. «تتعايش كل التجارب في الوقت نفسه، لكن لدينا عينان وعقل واحد فقط نعبر بهما عن هذا الشيء النسبي المستحيل الذي نسميه الحياة. نختار يومياً كيف نتعامل مع الحياة. الفروقات رقيقة وواضحة في آن واحد. في نصف الكرة المقابل، كل الناس مقلوبون من منظورنَا. والعكس صحيح. لقد اعتدنا هذه الحقيقة، لكنها حدث استثنائي.»

تختار فيدال الرسم على ألواح الخشب مستعرضةً عروق الخشب كخلفية سردية. يتحول مَرْقُ النَسْج الخشبي إلى شخصية أخرى في عملها؛ فالأخشاب الفاتحة تلوّح بلطف كالرمل حين تعصف به ريح، بينما تتدحرج الفئات الأغمق خلف الصورة بعنف كغيوم الرعد. «كما تعلّمت على يد أساتذتي،» تقول، «لكل ظلّ انعكاس عن الضوء المحيط به. عندما أرسم أستخدم نغمة الخشب لتمثيل ذلك الانعكاس. هذا يساعد في دمج العمارة والشخصيات بثبات في فضائها.»

حتى أقسى المَلمَسات توفر أساساً محايداً نسبياً يسمح لفيدال باللعب بحريةٍ مع النور والظلال ولتعزيز البُعد الثلاثي للوحاتها. التفاعل بين الطلاء والخشب يعمّق همومها حول تلاقي الصناعي بالطبيعي، والنتيجة هي انسجام.

«ألواح الخشب تمكّنني من الرسم في عالمٍ مشبع بالكثير من الملمسات،» تقول فيدال. «في أعمالي الأخيرة صبغت القاعدة لأُبرز بعض جوانب اللون مع الحفاظ على الملمس. ومع ذلك، أغلب الوقت أرسم على الخشب لأنني أحبّ الدفء والإحساس المنزلي الذي يثيره.»

يقرأ  عائلة تعود إلى مدينة غزة وتجد قبورًا جرفت وآمالًا ضئيلة

كل التجارب موجودة في آنٍ واحد، لكن لدينا عينان وعقل واحد فقط نعبر بهما عن هذا الشيء النسبي المستحيل الذي نسميه الحياة. نختار كل يوم كيف نقترب من الحياة. الفروق دقيقة وواضحة في الوقت نفسه.

تعود تلك الأحاسيس المنزلية إلى طفولة فيدال في برشلونة، حيث نشأت في شقة تملأ ذاكرتها بأرضيات باركيه وأثاث خشبي. يستمر هذا الخيط إلى اليوم، فبيتها الحالي يفيض بالأخشاب والسيراميك، ولا يستبعد الأمر أنها تقيم فوق محل والدتها الذي يبيع ألعاباً خشبية.

«لطالما حاولت الهرب من البيئات الحضرية والصناعية،» تقول فيدال. «إنه إرث عائلي.»

إلى جانب لوحاتها، تشتهر فيدال أيضاً بأعمال الجدران الكبيرة (المورالز). ظهرت جدارياتها في أنحاء العالم، من إسبانيا الى هاواي. تدمج هذه المشاريع عناصر من السياق الثقافي المحلي احتراماً للبيئة وللناس الذين سيطلّون عليها يومياً. مشروعان قيد التنفيذ سيعيدان أعمال فيدال إلى الوطن؛ أحدهما في الجامعة الدولية في كاتالونيا ببرشلونة، والآخر في مكتبة كارديديو العامة، مسقط رأسها. كما أن لديها معرضاً فردياً جديداً سيفتتح في معرض بينارت في أستراليا ويعرض اثني عشر عملاً جديداً.

أما المشروع الذي يحمسها أكثر فهو احتمال توسيع ممارستها ليشمل النحت الخشبي: ما سيمكنها من خوض تحدٍّ جديد مع إيصال رسالة أعمالها الفنية الى سياق جديد.

تتأمل فيدال: «العمل في النحت سيكون استمرارية لرحلة هذا العام الطويلة من الاستكشاف، لكنه استكشاف بلغة غريبة تماماً. لا أريد أن أُطلِي على التماثيل؛ أريد أن أترك حجمها حاضراً يتكلم عن نفسه. لديّ نجّار شريك ممتاز، وقد صنعنا النموذج الأول ونحن متحمسون للاستمرار!»

ظهرت هذه المقالة أول مرة في العدد 68 من مجلة Hi‑Fructose، ولا يزال العدد متاحاً مطبوعاً. كما يمكن متابعة أحدث معرض فردي لفِيدال في معرض Thinkspace في لوس أنجلوس.

يقرأ  عندما يُفتَحُ بابٌينقلُنا بابٌ آخرُ إلى آفاقٍ جديدةٍ

أضف تعليق