حين نقف أمام لوحة، نادراً ما نتساءل: هل هذه «فن»؟ العمل القماشي أو الرسم على القماش يُقبل عادةً تلقائياً كنتاج فني، ولكن ماذا عن المواد الأخرى مثل الخزف، التصوير الفوتوغرافي، أو الالياف التي كثيراً ما تُستخدم لأغراض وظيفية وزخرفية ولم تُعطَ مكانتها في الماضي ضمن ما يُسمّى «الفن الراقي»؟ لماذا يُعتبر بعض النسيج فناً بينما يظل آخر مجرد سلعة أو غطاء؟ بأي معايير نقيس هذا «القيمة»؟ وما الذي يميّز التابستري عن السجادة؟
المعرض الجماعي الموسّع «عدد الخيوط» — من تنظيم شارلوت غروسينغ في معرض ذا هول — يسعى لإماعان ضوء على طابع النسيج المراوغ داخل مشهد الفن المعاصر. العرض يُعد تحيةً لعمل الرائدة اني ألبرز، الحائكة المُحدثة التي درست في الباوهاوس بألمانيا ولاحقاً درّست إلى جانب زوجها جوزيف ألبرز في كلية بلاك ماونتن بولاية نورث كارولاينا.
«عدد الخيوط»، وهو عنوان يذكّرنا برقم الجودة الذي نراه على أطقم الأغطية، يجمع أعمال أكثر من عشرين فناناً معاصراً يعملون بالخيوط والأقمشة. تقترح القاعة أن «ممارسات الألياف قد تعيش لحظة ثقافية، لكنها لا تزال مفهومة بالقدر القليل من الدقة»، ويدعو المعرض إلى نوع أبطأ من الرؤية: انتباه إلى السطح، والملمس، والعقَد، والصبغات، والمنطق المادي لكيفية تركيب الأشياء. العرض يذكّر أيضاً بمدى قِصَر فائدة مقاييس الجودة التقليدية في وصف تعقيد العمل النسيجي.
الفنانون ينهضون بأعمالهم عبر طيف واسع من التقنيات: كيني نجوين يصنع قطعاً جدارية متمايلة ومُتسعة من شرائط حريرية منسوجة، وراشيل ميكا فايس تُنتج تدرجات لونية مذهلة بتمديد خيط التطريز الرقيق داخل إطار، ومولي هاينز بتكويناتها النسجية المحكمة تُبرز خصائص الحرير وخيط القطن — خيوط فردية قد تبدو تافهة بمفردها لكنها حين تُلف وتُنسج تتحول إلى نسيج سميك غني بالتفاصيل الحميمة.
يعرض «عدد الخيوط» أيضاً أعمال فنانين يجعلون من النسيج وسيلة لتكوين صور قوية: كوالياشا وود تصنع كولاجات رقمية تُنقل بعد ذلك إلى نول جاكار؛ جيم درين يبني أشكالاً نحتية تستحضر سلة مغطّاة وتُدخِل تقنيات الحياكة؛ وسمانثا بيتمن تنجز تركيبات هندسية مُتقنة، مضافة إليها طبقات أكريليك تستحضر روح «أوب آرت» في ستينيات القرن الماضي.
قُراء المجلة قد يتعرفون أيضاً على الأسطح النسيجية المكتنزة لسارة زاباتا أو على لوحات أنطونيو سانتين الزيتية المبالغ في تمثيلها والتي تشبه السجاجيد المكمّشة. كما تضم المجموعة أعمال جاكلين سيرديل وآن سامات وغيرهنّ.
يمكن زيارة «عدد الخيوط» في موقع ذا هول في باوْيري بمدينة نيويورك حتى 11 يناير. للاطّلاع على مزيد من المعلومات والتخطيط للزيارة راجع موقع المعرض.