في مارس الماضي، عندما أصدرت إدارة ترامب أمراً تنفيذياً يهدف إلى «إعادة الحقيقة والعقلانية إلى التاريخ الأميركي»، صار متحف سميثسونين الأمريكي للفن هدفاً مباشراً. وفي آب/أغسطس تلا ذلك إعلان عن تدقيق شامل لكافة معارض المتحف وملصقاته التوضيحية ومجموعاته. وبناءً على إدانة الأمر التنفيذي لأي نقاش حول العنصرية أو التمييز الجنسي أو القمع بوصفه «إعادة صياغة تاريخية»، تعهّد التدقيق بـ «الاحتفاء بالتفرد الأميركي، وإزالة السرديات المفرّقة أو الحزبية، واستعادة الثقة في مؤسساتنا الثقافية المشتركة». أثار الإعلان صدمة في أوساط المتاحف، وكأنما أعلن عن مساس بحرية التعبير داخل مؤسسات الفنون المموّلة حكومياً.
مقالات ذات صلة
«معارض الولايات: نمو الحِرف الأميركية» هو أول معرض يُفتَتح في صالة رينوِيك التابعة لمتحف سميثسونين الأمريكي للفن منذ الإعلان عن التدقيق. يجمع المعرض أكثر من 250 عملاً من مختلف أنحاء الولايات المتحدة، ممتداً من القرن التاسع عشر وحتى اليوم، ليدافع عن معارض الولايات والقبائل الإقليمية كمواقع محورية في تطور الحرف الأميركية. وبما أن صالة رينوِيك تقع مباشرة مقابل البيت الأبيض، فهي تجذب سائحي واشنطن وهواة الفن على حد سواء.
عند مدخل الرينويك يستقبل الزوار زوجان من أحذية لوكشيزي المرسومة يدوياً بطول اثني عشر قدماً—حجم أمريكي افتراضي 96—مرتبطة بشخصية «بيغ تكس» أطول راعٍ في العالم. في القاعة الافتتاحية يلمع موكب على طراز ديكو يحمل عبارة «مرحباً أيها الناس» بأضواء حمراء وبيضاء وزرقاء. يفيض المعرض بالمظاهر البهلوانية: ردهات الرينويك مزدانة بأعلام ثلاثية الألوان، وتمثال بقرة منحوت من الزبدة معروض في واجهة مبردة مصممة خصيصاً.
منذ الوهلة الأولى يغمر المعرض الزائرين بمتع معارض الولايات المترفة. قلادة «سمورغاسبورد» (2024) لمورغان هيل تجمع حلوى من الراتنج وسجائر وفواكه وعظام دجاج في باقة من المعروفات الملذّة بشهوة استهلاكية. تحوّلت سيراميكيات كيلي بوهنكامب وبيتي سبيندلر ببراعة الكورندوق والنقانق إلى نصب لامعة لبهجة الطعام في المعارض. وسجادة صوفية للّيندا نز من معرض أمم نافاجو الشمالية تصور الزائرين مرتدين ملابس دينيه وهم يركبون الأفعوانيات ويصطفون لشراء حلوى القطن.
لكن المعرض ليس فرحاً بحتاً: يصف بطاقة عرض سجادة معقودة حائزة على جائزة من كنتاكي للكاتبة كاي دي. ميلر اضطراب ما بعد الصدمة لدى والدها، الناتج عن مشاهدته لقصف بيرل هاربر، كدافع لصنع السجادة. تظهر الصور الريفية في العمل كوسيلة للشفاء واستجابة شخصية لرعب من تاريخ أميركا. وتستحضر لحاف باتي هارتويل التكريمي لأجدادها من الفلاحين المستأجرين في كارولاينا الجنوبية تواريخ الاستغلال العرقي—ومع ذلك فهو مثال احتفالي على دور اللحاف في استمرار مجتمعات السود عبر أجيال.
«معارض الولايات» ليس احتفاءً تبسيطياً بثقافة أميركية موحّدة. ضمن بهرجية وذوق رخيص، يقدم المعرض حجتين جادتين وقويتين: الأولى أن الحرف الإقليمية كانت دوماً مركزية في تطور الفن الأميركي؛ والثانية أن الفخر الثقافي الأميركي لا يمكن فصله ببساطة عن—بل ينبثق حرفياً من—تاريخ القمع والإقصاء. إنه رد شجاع على الأمر التنفيذي الصادر في آب، يستثمر جماليات القومية الأميركية كأداة نقدية لها.
تعرض عدة قاعات المعرض معارض الولايات كمختبرات لتدريب ممارسي الحرف الأميركية؛ فقد عرض فنانون استوديو مشهورون في بداياتهم في معارض الولايات مثل بيتر فولوكس، كونشيلو خيمينيز-أندروود، وكاثرين بو-يو تشوي. وحتى ظهور وسائل جديدة تماماً مرتبط بهذه المعارض: إحدى القاعات مخصصة لفن المحاصيل أو فسيفساء البذور—تقنية ولدت في ستينيات القرن الماضي في معرض مينيسوتا للولايات.
كما صارت المعارض ساحات لتجارب تربط تقاليد الحرف الأجدادية بآفاق جديدة: سلة للي سيب مصنوعة من إبر الصنوبر—تقليد إقليمي في كارولاينا الجنوبية—تقتبس شكلها من فخار كوري جنوبي. ونقشة نسيجية رائعة لنبتة البطاطس صنعها روبي لافلو في معرض مينيسوتا تتبنّى أيقونات أسطورية نوردية وتقنيات نسيج نرويجية. تُعرض خياطة الكولتشا الإسبانية، فخار كوشيتي، وضفائر العشب الحلو لدى غاله-جيتشي كأمثلة على ممارسات حرفية أصلية ومهاجرة تم تكييفها بمواد محلية لتصبح علامات فخر إقليمي.
في الطابق الأرضي للمعرض، تميل ملصقات الجدران إلى تجنّب الكلام الصريح عن «السياسة»، تاركة الأعمال لتتحدث عن نفسها. وهذه الأعمال تفعل ذلك بصوت واضح: هناك لحاف صنعته نساء من مجموعة «معتنقات الدعم الذاتي للناجيات من العنف» في مؤسسة الإصلاح في كنتاكي، اللواتي اجتمعن في المعرض ليتبادلن قصص الاعتداء المنزلي؛ ولوحة من بقايا المحاصيل لأني ويلز تحتفل بزواجها وتقرأ عبارة «احتفلوا بحب وترح ل المتحولين جنسانياً» (Celebrate Trans Love and Joy). تجادل هذه القاعات بهدوء بأن الاستمتاع بجمال الحرف الإقليمية يستلزم الاعتراف بتشابك التقاليد الفنية للمهاجرين والأصليين والنسويات والمجتمعات المثلية.
لم تكن معارض الولايات محايدة عن الاستبعاد. تخبر بطاقة جدار مؤرخة 1878 أن المزارعين السود بدأوا بتنظيم معرضهم الخاص احتجاجاً على التفاوت في جوائز معرض ولاية كارولاينا الجنوبية بين المشاركين البيض والسود. تتبلور السياسة في المعرض بشكل أقوى في الطابق الثاني، حيث يسأل نص على الحائط: من هو المزارع الأميركي؟ تركيب سيد كاربنتر الذي يصور المزارعين السود في جنوب شرق الولايات المتحدة يقترن بنموذج جرار بحجم طبيعي لمارجريتا كابريرا ملفوف بأوراق ونباتات تذكر بأعمال «شجرة الحياة» المكسيكية. يبرزان بهدوء كيف أن الزراعة الأميركية بُنيت على—وتستمر بالاعتماد على—الاستيلاء على الأراضي الأصلية، والعبودية، واستغلال مجتمعات المهاجرين.
وسط البذخ البصري في «معرض الولاية»، يسود إحساس بالحزن. في القاعة الكبرى يلمع نصب من قشور الذرة المستوحاة من البينياتا، مبنية من شرائط براقة، تتلألأ في غرفة كبيرة لكنها فارغة إلى حد مخيف. العمل لجوستين فافيلا تحية لمكانة الذرة في مطابخ الشعوب الأصلية بأمريكيا الشمالية وفي اقتصاد الزراعة الأميركي. لكن العمل يبدو أكثر غموضاً من كونه احتفالياً—إن كانت حفلة، فأين الناس؟ السؤال لاذع: في ظل الاستيلاء الفدرالي الحالي على واشنطن العاصمة، خارج جدران المعرض، يتم اختطاف سكان المدينة من المجتمع اللاتيني من الشوارع.