عندما يلتقي الفخار التاريخي بثقافة البوب وقضايا العصر منحوتات روبرتو لوغو — كولوسال

تُعَدّ الأمفورة من أبرز القطع الأثرية اليونانية: إناء شبيه بالزهرية المنتفخة مزوَّد بمقبضيْن في الأعلى، استُخدم قروناً لتخزين ونقل الخِصوب مثل الخمر والحبوب. بعضها طويل القاعدة مدبّبة لتثبيته في الأرض، وبعضها الآخر صُنِعَ من طينٍ ناعم مُتقَنٍ، وُسِدت سطوحه وزُيّنت بمشاهدٍ سرديةٍ من الأساطير.

يستقِي النحات والخزّاف من فيلادلفيا روبيرتو لوغو أشكالا وسِيَر هذه التُّراثات الخزفية التقليدية — من الأمفورات إلى أساليب مثل ويدجوود وديلفت — لكنه يدمج فيها رموزاً معاصرة: الجرافيتي، والبورتريهات لشخصيات سوداء بارزة، مما يحوّل القطع إلى جسر بين تاريخ الحرف اليدوية والذاكرة البصرية المعاصرة.

في أعماله تتجلّى عبارة «الشخصية السوداء» بمعنيين: الأول تصويرٌ لأفرادٍ رائدين كالناشطة أنجلا ديفيس ورosa باركس والموسيقيين، والثاني إحالةٌ إلى تقنية «الشخصيات السوداء» في تزيين الأمفورات اليونانية التي يعود تاريخها إلى نحو 2500 سنة.

تقليدياً، كانت الزخارف على الأواني اليونانية تُنفَّذ بإحدى طريقتين: إما بالأسلوب أحمر-الشخصية حيث يُملأ الخلفية بمادةٍ تتحوّل سوداء عند الحرق فتظل الشخصيات بلون الطين الأحمر؛ أو بأسلوب أسود-الشخصية حيث تُرسم الشخصيات بالمادة اللاّمعَة فتغدو داكنة بينما يبقى خلفها لون الطين الطبيعي.

يبقي لوغو على مفاهيمٍ خالدة — الصمود، والذاكرة، والتراث المادي — مستخدماً الطين الحجري كوسيلة سردية. منحوتاته قياماتٌ تذكارية تنبض بطفولته في شمال فيلادلفيا وحبه لثقافة الهيب هوب، وفي الوقت نفسه تعمل كمقالاتٍ بصرية حول عدم المساواة والفقر والظلم العنصري.

مثالٌ على ذلك عمله «تتابع السجن» الذي يقصّ، كمخططٍ مصوَّر، أربع مشاهد أساسية تُظهر إلقاء القبض والسجن لرجل. المشهد مدوَّر بلا بدايةٍ أو نهايةٍ واضحة، في إيحاء بدوام حلقةٍ لا تنتهي. أدناه تتوالى لوحاتٌ أخرى — عيد ميلاد طفلٍ لم يُسمح للبطل بحضوره، ثم قطعة بلا عنوان مُكسوة بكتلٍ بارزة من تاغات الجرافيتي تحمل نصباً نصفيّاً لأنشطة مثل أنجلا ديفيس وروزا باركس، تكريمًا لمناضلاتٍ سَعَيْنَ للنضال من أجل العدالة العِرقيّة.

يقرأ  عندما يتحوَّل التنجيم الصِّيني إلى لوحاتٍ شخصيّة

في نظام السجون الأمريكي تُسجَنُ الأشخاص السود بمعدلاتٍ تصل إلى خمسة أضعاف مقارنةً بالبيض، وتُحتَجز النساء السود مرتين أكثر من النساء البيض. مستخدِماً قوّة الارتباط، يفضح لوغو هذه الفوارق في المعاملة ويحوّل الأواني إلى شهاداتٍ سياسية.

في أعمال مثل «المطاردة (تاغ)» و«المطاردة (شرطة ولصوص)» يذكّرنا الفنّان بألعاب الطفولة التي تتضمن الجري واللحاق بالآخرين، أو في لعبة الشرطة واللصوص محاولات التهرّب من الشرطة للوصول إلى «السجن» وحرِّية شخصٍ آخر. يستعين لوغو بالنهج المنخفض البارز لويدجوود، المعروفة بتباين الأبيض على الأزرق، لكنه يجعل اللوحة بأكملها سوداء ليشدّد على الإشكالية الجدية لاستهداف السود والأقليات من قِبَل أجهزة إنفاذ القانون والقضاء.

بينما نربط عادةً الخزف الفاخر بالثروة والطبقات الميسورة، يتحدى لوغو معايير القيمة عبر إدماج عناصر يُنظر إليها أحياناً كتشويهٍ حضري — الجرافيتي — ليحولها إلى مدحٍ للتجربة الحضرية وسجلّ اجتماعي يبرِز روّاد العدالة الاجتماعية وأفراد عائلة الفنان وأصدقائه.

تنبعث من أعماله صرخة ثقافية: الخزف ليس فقط أداة زينة أو سلعة، بل سطحٌ لسردٍ وتوثيق وللمطالبة بالكرامة والعدالة. اكتشاف مزيدٍ من أعماله يفتح نافذة على حواراتٍ عن الذاكرة والهوية والمقاومة الفنية.

أضف تعليق